إقتصاد
جهود أممية لتحريك مشاورات أزمة الاقتصاد اليمني
ريبون نيوز _ العربي الجديد
14 ديسمبر 2024
من فخر العزب
عاد ملف أزمة الاقتصاد اليمني إلى الواجهة من أجل البناء على التفاهمات الاقتصادية التي توصلت إليها الأطراف اليمنية في يوليو/تموز الماضي، والتي أعلنها المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ، بهدف استكمال المشاورات الخاصة بخريطة الطريق الأممية.
وكان غروندبرغ قد أعلن قبل عام أن خريطة الطريق التي سترعاها الأمم المتحدة ستشمل، من بين عناصر أخرى “دفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة”. وتعرقلت المشاورات الخاصة بخريطة الطريق الأممية بسبب الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله “الحوثيين” ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
ويمثل ملف الاقتصاد اليمني أبرز الملفات الشائكة بين طرفي الأزمة اليمنية (الحكومة المعترف بها دولياً والانقلابيين الحوثيين) نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي بشكل هائل، في ظل انقطاع رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرة الحوثيين منذ سبتمبر/ أيلول 2016، حيث يرفض الحوثيون صرف الرواتب، محملين ما يسمونه “العدوان” المسؤولية عن انقطاع الرواتب.
الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً ليس أفضل حالاً نتيجة الانهيار الكبير بسعر صرف العملة مقابل العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر صرف الريال 2054 ريالاً مقابل الدولار مقابل 214 ريالاً فقط قبل اندلاع الحرب التي بدأت مطلع عام 2015. في السياق، تتواصل التحركات المستمرة للمبعوث الأممي الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ مع الجهات المعنية من أجل تحقيق الاستقرار والاستدامة الاقتصادية في اليمن.
وفي إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، حثّ غروندبرغ الأطراف اليمنية على الانخراط في المناقشات للوصول إلى خريطة طريق للسلام، مؤكداً ضرورة التحرك لتخفيف المعاناة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي”. وشدد غروندبرغ على الأزمة الاقتصادية في اليمن، مؤكداً تدهور الوضع بسبب عدم دفع رواتب موظفي القطاع العام والتضخم، ودعا إلى التعاون لحل الشأن الاقتصادي لصالح جميع اليمنيين”.
وأوضح غروندبرغ أن الأزمة الاقتصادية في اليمن تتفاقم، ولطالما نبهت هذا المجلس في كل شهر إلى العواقب الوخيمة التي تترتب عن الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدام الاقتصاد أداةً في النزاع. إن الفشل في دفع رواتب القطاع العام أدى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل العديد من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء”.
وأكد غروندبرغ العمل على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني المتعثر، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز بما يخدم مصلحة الشعب، يركز هذا الجهد على ترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو/ تموز الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين”.
في سياق متصل، كانت حكومة صنعاء التابعة لجماعة أنصار الله الحوثيين قد اشترطت تقديم ضمانات من أجل موافقتها على التوقيع على الاتفاق الاقتصادي. وقال وزير الخارجية والمغتربين في حكومة الحوثيين جمال عامر، خلال لقائه المستشار الاقتصادي بمكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، ديرك – يان أومتزيغت، ونائب مدير مكتب المبعوث الأممي بصنعاء، محمد أبو جهجه، الأربعاء الماضي، إنه إذا قُدِّمَت ضمانات حقيقية، فصنعاء مستعدة للمضي قدماً نحو التوقيع على الاتفاق الاقتصادي والعمل على تزمينه لضمان تنفيذه، وبما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن في جميع المحافظات بلا استثناء.
وأكد وزير خارجية حكومة الحوثيين جدية صنعاء للعمل على حل ملف الاقتصاد اليمني، لكن يجب ألا تُوضَع العربة أمام الحصان، والاهتمام بعقد اجتماعات ومشاورات ليست ذات جدوى، مشيراً إلى أن “الشعب اليمني لم يعد يحتمل مزيداً من بيع الوهم ويتطلع إلى حلول عملية وواقعية لمعالجة الوضع الاقتصادي”.
ودعا وزير خارجية حكومة الحوثيين، مكتب المبعوث الأممي إلى الحصول على ضمانات حقيقية ممن يملكون قرار الطرف الآخر، مبيّناً أن واشنطن هي التي أعلنت ربط ملف السلام في اليمن، ودفع رواتب موظفي الدولة، بملف التصعيد العسكري في البحر الأحمر لمساومة صنعاء على موقفها الإنساني والقومي تجاه دعم وإسناد الأشقاء في قطاع غزة، على حد قوله.
وفي 23 يوليو/ تموز، قال مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، إن الحكومة والحوثيين اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد في ما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية، تتضمن “إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، إضافة إلى استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند”.
الباحث الاقتصادي بسام دماج قال لـ”العربي الجديد” إن “الملف الاقتصادي يمثل حجر عثرة في إطار مشاورات السلام الهادفة للوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفق خريطة الطريق التي سبق للمبعوث الأممي أن أعلن ملامحها العامة، وتأتي صعوبة حلحلة الملف الاقتصادي بسبب حالة الانهيار الاقتصادي، والانقسام النقدي والمالي الناتج من وجود بنكين وعملتين وسياسات مالية متعددة، فاقمت من تدهور الوضع الاقتصادي في ظل غياب شبه تام للإيرادات نتيجة توقف تصدير النفط والغاز اللذين يعدان من أهم موارد الدولة”.
وأضاف الباحث الاقتصادي أن ملف الاقتصاد اليمني في الأزمة اليمنية له أهمية كبيرة نتيجة ارتباطه المباشر بمصالح الناس، خصوصاً أنه أبرز القطاعات المتضررة بسبب الحرب التي جعلت أكثر من 25 مليوناً من اليمنيين تحت خط الفقر، وأفقدت الريال اليمني الكثير من قيمته الشرائية في ظل تضخم اقتصادي، وارتفاع الأسعار، وتسببت الحرب أيضاً بتوقف معظم الخدمات العامة، وبالتالي فإن التوصل إلى حل للملف الاقتصادي يستدعي تقديم التنازلات من الأطراف المختلفة من أجل إنقاذ
ما يمكن إنقاذه من اقتصاد اليمن”.