صحة
لقاحات السرطانات… من الوقاية إلى العلاج

ريبون نيوز ـ اندبدنت عربية
السبت 13 سبتمبر 2025م
يعرف معظمنا اللقاحات الوقائية، وهي النوع الأكثر شيوعاً من اللقاحات، تعزز قدرة الجسم الطبيعية على الدفاع ضد البكتيريا والفيروسات، ومن الأمثلة المعروفة عنها لقاح الإنفلونزا ولقاحات الحصبة ولقاح فيروس كورونا وغيرها.
وربما لا يعرف كثر أنه يمكن لبعض اللقاحات الوقاية من مرض السرطان، فتقلل من خطر الإصابة به من طريق الحماية من بعض أنواع العدوى الفيروسية التي قد تسبب المرض، وأن العلماء ينكبون راهناً على تطوير لقاحات قادرة على تدمير الخلايا السرطانية.
ما لقاحات السرطان؟
لقاحات السرطان هي مواد تُصنع في المختبر وتُستخدم لتقوية آليات الدفاع الطبيعية في الجسم لحماية نفسه. وبحسب نوع اللقاح، يمكن اللجوء إلى بعضها كعلاج للسرطان، وفي أحيان أخرى للوقاية منه (مثل لقاح فيروس الورم الحليمي البشري).
وتسمى اللقاحات المستخدمة لعلاج السرطان “لقاحات السرطان العلاجية”، فبدلاً من الوقاية من المرض، تهدف إلى تحفيز الجهاز المناعي للمريض المصاب به بالفعل. وتعمل من خلال منع عودة السرطان، تدمير أي خلايا مريضة باقية في الجسم بعد انتهاء العلاج ومنع نمو الورم أو انتشاره.
اقرأ المزيد
مواد سامة في الغذاء والماء تسبب السرطان وألزهايمر والعقم
السرطان وأسراره: 10 أسئلة
مضاد اكتئاب شائع يعزز قدرة الجهاز المناعي على مكافحة السرطان
تعلّم “لقاحات السرطان العلاجية” الجهاز المناعي كيفية العثور على الخلايا السرطانية التي تحوي على علامات معينة، تسمى المستضدات، ومهاجمتها. يستطيع الجهاز المناعي تذكر هذه العلامات، لذا قد يستمر اللقاح في العمل لفترة طويلة بعد إعطائه.
وتصنع بعض لقاحات السرطان من خلايا سرطانية، أو أجزاء منها، أو مستضدات نقية (بروتينات معينة موجودة في الخلايا السرطانية). في بعض الأحيان، تُزال الخلايا المناعية للشخص وتُعرَّض لهذه المواد في المختبر لتحضير اللقاح.
لقاحات السرطان العلاجية المعتمدة
تمت الموافقة على عديد من لقاحات السرطان العلاجية من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وهي تُستخدم بالفعل لعلاج أنواع مختلفة من المرض ومنها لقاح سرطان البروستاتا، إذ يعمل من طريق إزالة بعض الخلايا المناعية، وتعريضها لجزيء من الخلايا المصابة، ومن ثم إعادة حقنها في الجسم، وقد ثبت أنه يطيل فترة صمود المصابين بسرطان البروستاتا النقيلي.
وهناك لقاحات لعلاج سرطان المثانة في مراحله المبكرة، وهي مصنوعة من بكتيريا السل المعطلة. عند إدخال اللقاح في المثانة كسائل عبر قسطرة (أنبوب رفيع ومرن)، فإنه يحفز خلايا الجهاز المناعي، التي تهاجم بدورها خلايا سرطان المثانة.
ويوجد لقاح لعلاج الورم الميلانيني المتقدم، الذي لا يمكن استئصاله تماماً بالجراحة، وهو مصنَّع من فيروس معدل وراثياً لتعزيز استجابة مناعية مضادة للسرطان.
إلى ذلك هناك لقاحان وقائيان معتمدان حالياً للوقاية وهما لقاح فيروس “الورم الحليمي البشري” ولقاح “التهاب الكبد الوبائي ب”، يمكن أن تسبب العدوى المزمنة بفيروس “الورم الحليمي البشري” أنواعاً عدة من السرطان، بما في ذلك سرطان عنق الرحم، وسرطان الرأس والرقبة، وسرطان الشرج، وسرطان القضيب، وسرطان المهبل، وسرطان الفرج. يقلل اللقاح بصورة كبيرة من خطر الإصابة بهذه السرطانات.
أما “التهاب الكبد الوبائي ب” فهو مرض كبدي تراوح شدته بين مرض خفيف يستمر لبضعة أسابيع (حاد)، ومرض خطير طويل الأمد (مزمن) يمكن أن يؤدي إلى سرطان الكبد، ويقلل الحصول على لقاح “التهاب الكبد الوبائي ب” من خطر الإصابة بالمرض.
الآثار الجانبية
تختلف الآثار الجانبية للقاحات السرطان من شخص لآخر، وتعتمد على النوع المعطى. تشمل بعض الآثار الجانبية الشائعة الحمى، القشعريرة، التعب، آلام الظهر والمفاصل، الغثيان، الصداع، الدوار.
غالباً ما تبدأ الأعراض فجأة، عادةً في غضون دقائق إلى ساعات من تلقي العلاج المناعي. قد تشمل هذه التفاعلات نتوءات جلدية مرتفعة تختفي في غضون يوم أو نحو ذلك والحكة الشديدة. وغالباً ما تشمل التفاعلات التحسسية أعراضاً خطرة أخرى، مثل صعوبة التنفس، والدوار، وضيق في الحلق أو الصدر، أو تورم الشفتين أو اللسان أو ارتفاع ضغط الدم.
بعد أخذ اللقاح من الضروري أن يراقب فريق الرعاية المرضى عن كثب وفحصهم بانتظام، ويجب علاج الآثار الجانبية في أقرب وقت ممكن. ومن المهم للمريض إخبار فريق الرعاية بأي تغيرات في حالته أو أي شيء جديد أو غير عادي يلاحظه.
لماذا لا تجدي لقاحات السرطان نفعاً مع الجميع؟
يمثل تطوير لقاحات علاجية فعالة للسرطان تحدياً لأسباب عدة أهمها أن الخلايا السرطانية تثبط جهاز المناعة، وهكذا يبدأ السرطان وينمو. ويستخدم الباحثون مواد مساعدة في اللقاحات لمحاولة حل هذه المشكلة.
وتبدأ الخلايا السرطانية من خلايا الشخص السليمة. ونتيجةً لذلك، قد لا تبدو ضارة بجهاز المناعة، وقد يتجاهلها الجهاز المناعي بدلاً من اكتشافها ومهاجمتها.
ويصعب التخلص من الأورام الأكبر حجماً أو الأكثر تقدماً باستخدام اللقاح فحسب، وهذا أحد أسباب وصف الأطباء غالباً له مع علاجات أخرى. وقد يعاني المرضى أو كبار السن من ضعف في جهاز المناعة، ولا تتمكن أجسامهم من إنتاج استجابة مناعية قوية بعد تلقيهم اللقاح، وهذا يحد من فعاليته. كذلك فإن بعض علاجات السرطان قد تضعف جهاز المناعة لدى الشخص، مما يحد من استجابة الجسم.
لهذه الأسباب، يعتقد بعض العلماء أن لقاحات علاج السرطان قد تكون أكثر فعالية للأورام الأصغر حجماً أو السرطان في مراحله المبكرة.
لقاح “الحمض النووي الريبوزي المرسال” mRNA
تشهد بحوث لقاحات السرطان تطورات سريعة، ويعمل الباحثون على إيجاد طرق محسّنة لتحديد أهداف لقاحات علاجية جديدة للمرض، قادرة على تدمير خلايا السرطان بصورة أفضل، ويشمل ذلك العمل على تقنية “الحمض النووي الريبوزي المرسال”.
توفر هذه التقنية طريقة لإنتاج لقاحات سرطان أكثر فعالية وأسهل في التصنيع، وعند استخدامها كلقاح، يمكن حقن “الحمض النووي الريبوزي المرسال” في الجسم مغلفاً بقطرات دهنية صغيرة. يشق “الحمض النووي الريبوزي المرسال” طريقه إلى الخلايا ويعطيها تعليمات موقتة لإنتاج بروتين واحد أو أكثر، موجود في الخلايا السرطانية. بعد ذلك، يتعلم الجهاز المناعي التعرّف إلى هذه البروتينات ومهاجمة الخلايا المريضة التي تحملها.
وقد تثبت لقاحات “الحمض النووي الريبوزي المرسال” فائدتها في علاج السرطان بطرق عدة ومن المحتمل أن يتمكن العلماء من تصميم لقاحات مخصصة تستهدف خصائص فريدة لخلايا السرطان، تسمى “المستضدات الجديدة”، قبل أن يتغير السرطان. ويمكن للجهاز المناعي مهاجمة خلايا السرطان بالمستضدات الجديدة من دون الإضرار بالخلايا الطبيعية.
وتصمم بعض لقاحات “الحمض النووي الريبوزي المرسال” لاستهداف بروتينات السرطان التي يتشاركها عديد من المرضى، مما يمكّنها من مساعدة مجموعة أوسع من الأشخاص. ويجري العلماء في عدد من الدول حالياً تجارب سريرية لاختبار لقاحات “الحمض النووي الريبوزي المرسال” لعلاج أنواع عدة من السرطان، بما في ذلك سرطان الرئة، والثدي، والبروستات، والورم الميلانيني (الجلدي)، والبنكرياس، والدماغ. وكانت النتائج الأولية واعدة، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحوث