محلية

في ذكرى الاستقلال… الاشتراكي اليمني يدعو لوقف التصعيد في حضرموت ويحذّر من تفتيت الوعي بخطاب مناطقي ومذهبي ويؤكد أن استعادة الدولة خيار لا بديل عنه

ريبون نيوز – حضرموت

 

أكدت الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني أن الاحتفال بالذكرى الـ58 للاستقلال الوطني يمثل مناسبة لاستعادة القيم الكبرى التي حملتها ثورات سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، معتبرة أن ما يمر به اليمن اليوم من انهيار غير مسبوق في أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية يستدعي العودة إلى مشروع الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة والمواطنة المتساوية.

 

وقال الحزب، في بيان سياسي صدر اليوم السبت، إن سنوات الانقلاب الحوثي العشر وما رافقها من فساد واسع وتدهور لمؤسسات الدولة وانتهاك للسيادة، أدخلت اليمنيين في مرحلة “كئيبة ومظلمة” لم يشهدوا مثلها في تاريخهم الحديث، مشيرًا إلى أن المحافظات المحررة لم تقدّم حتى الآن نموذج الدولة القادرة، بل تحولت إلى منصات للفوضى والقتل وتفشي الفساد.

 

وشدد البيان على أن تفكيك البنية الوطنية الجامعة عبر الخطابات المذهبية والمناطقية، واستبدال عمل المؤسسات بمنطق المحاصصة الفئوية، يهدد بتمزيق الهوية الوطنية ويعيد إنتاج الخرافة والشعوذة في الوعي الشعبي، محذرًا من أن استمرار هذا النهج “سينتج دولة شكلانية فارغة” يسهل العبث بها داخليًا وخارجيًا.

 

وتوقف البيان أمام التطورات الأخيرة في حضرموت، معتبرًا أن التصعيد والتحشيد القائمين ينذران بتبعات خطيرة على استقرار المحافظة والجنوب عمومًا، داعيًا مختلف القوى إلى الحوار وضبط النفس ومنع تحويل المحافظة إلى ساحة صراع، مع التأكيد على أن توحيد الجبهة ضد مليشيات الحوثي هو المسار الضروري لإنقاذ البلاد.

 

وجدد الحزب دعوته لتجاوز الجراح والخلافات، والاتفاق على شراكة وطنية حقيقية تقوم على المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ورفض الكراهية والمناطقية، مشددًا على أن “لا أحد يمكنه الانفراد بصياغة مستقبل البلد” بعيدًا عن التوافق الوطني العام.

 

واختتم الحزب تهنئته لعموم الشعب اليمني بهذه المناسبة الوطنية، مجددًا العهد بأن قيم الحرية والعدالة والمساواة “لا تموت”.

 

نص البيان

 

بيان سياسي

صادر عن الامانة العامة

للحزب الاشتراكي اليمني

 

58 عاماً من عمر الاستقلال الوطني المجيد الحدث التاريخي واللحظة الفارقة التي تترسخ كل يوم في ذاكرة ووجدن الأحرار، باعتبارها لحظة مجد تخلقت من عمق المأساة والألم لتعيد للشعب اعتباره واعتزازه وحضوره بين الأمم،أشرقت فيه شمس الحرية بعد ليل طويل من الظلم والاستبداد،وكسرت قيود الاستعمار لتفتح أمام الشعب أبواب الأمل والكرامة،ولم يكن الثلاثين من نوفمبر مجرد حدثا سياسيا بل كان تحولا تاريخيا أعاد لجنوب اليمن وجهه المشرق وهويته الحرة،وانتح مشروع الدولة الذي انبثق كواحد من أهم تجليات النضال الوطني والتي نقلت البلد من التخلف والجهل والسير بعكس التاريخ الى عصر التنوير والحداثة،على انقاض ثلاثة وعشرين سلطنة وإمارة ومشيخة، ومستعمرة،دولة النظام والقانون، التي أرست نموذجا تنمويا منحازا للطبقات الشعبية،وركزت على بناء الإنسان وحققت المساواة بين كافة المواطنين، بغض النظر عن الانتماء أو المذهب أو المكانة الاجتماعية،كما وضعت دولة اليمن الديمقراطي في مصاف المناطق الاكثر تمكينا للنساء، فضلا عن النجاح العظيم في مجال محو الأمية، والقضاء على الأمراض المستوطنة،والتفوق في مجالات الاعلام، والرياضة،والثقافة،والفن، والعمل النقابي المؤثر،كما قدمت مجانية التطبيب ومجانية التعليم أمام كل أبناء الشعب وكافحت الثارات، والنزاعات القبلية،ووقفت بمسؤولية امام قضايا السيادة الوطنية التي لم تفرط بها قيد أنملة .

 

يصادف احتفالاتنا بهذه الذكرى الوطنية، مرور عشر سنوات كئيبة ومظلمة منذ الانقلاب على الدولة وسقوط العاصمة صنعاء بيد المليشيات الحوثية وفي لحظة غفلة من التاريخ ،سنوات مريرة لم يصل اليمنيين إلى حالة من البؤس والبطالة والحرمان مثل التي وصلوا إليها اليوم، ولم يبلغ الفساد المتغول هذا الحد المخجل كما بلغه اليوم ،فساد تزكم رائحته الأنوف صار مهددا للحاضر والمستقبل ،محسوبية ورشوة وثراء غير مشروع وزيادة الفقر والبطالة وتدمير الثقة بالمؤسسات وتدمير الاقتصاد والتعليم والصحة والقيم والاخلاق،كما لم تنتهك سيادة البلد في تاريخه مثلما تنتهك اليوم،وباتت طائرات الكيان الصهيوني تعربد في سماه وتحرق ما تبقى من بنيته التحتية وهو مالم يحصل عبر تاريخ اليمن شماله وجنوبه.

وبدلا من ان تكون المحافظات المحررة مصدر امن واستقرار وتقدم نموذج جاذب وإيجابي في الخدمات وصرف المرتبات اصبحت للأسف الشديد مصدرا للفوضى والقتل والفساد وعلى الرغم من كل الآلام والرزايا خلال هذه الحقبة كالحة السواد فإن الأمل يلوح في الأفق مع الوعي الكبير الذي يتخلق لدى الشباب والشابات والإيمان بان التمسك بقيم واهداف نوفمبر وسبتمبر وأكتوبر وما تعنيه هذه الثورات والمحطات،لهو الدرب الامن والحتمي لاستعادة الدولة فالتاريخ دروس وعبر نتعلم منه صيرورة الاحداث والتجارب واين مكامن النجاح ومكامن الإخفاق للاستفادة في التعاطي مع الواقع وتجنب الاخطاء والعمل على رسم ملامح المستقبل وبناء لبناته.

 

إن تفكيك البنية السياسية الوطنية الجامعة بإعلاء شأن المناطقية والخطاب المذهبي الاستعلائي، وترسيخ نظام المحاصصات الفئوية في الوعي المجتمعي وخاصة فيما يتعلق بالسلطة والثروة،كما هو جار في الأوضاع الراهنة شمالاً وجنوباً ومصادرة الفضاء العام، وضرب الأحزاب السياسية الوطنية باعتبارها أوعية سياسية جامعة والتمكين لقوى ما دون الدولة في إدارة شؤون المجتمع، وإفراغ الوعي السياسي لدى المواطن من أية هوية سياسية وطنية جامعة لصياغة عقله، بحيث تتوفر لديه قابلية ومن دون أدنى درجة من القدرة على الامتناع لما يتشكل راهناً من دولة شكلانية وراء صورتها الخارجية خواء حقيقي، يسهل العبث بها بأيدي داخلية ومتظافرة مع الخارج والذي يسعى إلى تشكيل اليمن اقتصادياً ضمن تبعيته بنيوياً في صيغ روابط إقليمية تشاركية أو تقاسمية خلال انصبة ثلاثية أو خماسية يتحدد موقع اليمن فيها بأقل من قدره ومكانته الجيواستراتيجية،والخطاب السياسي هذا المهيمن ببعديه المذهبي والمناطقي، وإذ يمعنان في تخريب الوعي الشعبي وتفتيته بالتوجهات السياسية الشعبوية وإعادة إحياء الأساطير والخرافة والشعوذة وتمكينها من عقول الشباب،يهدفان إلى خلق فوضى المفاهيم في العقول وتزييف الوعي الاجتماعي وتشتيته وإغتراب المواطن عن الحقيقة والتنكر للوقائع وتضخيم الأوهام ،ولا تغيب عنا اليوم المفاعيل السلبية للخطابين سالفا الذكر على مستوى الوعي الوطني كيف أنها شيئاً فشيئاً تؤدي إلى مصادرة الشعور بالهوية الوطنية المشتركة فينشأ من جراء ذلك الفراغ في الروح الوطنية فتنصدع الأوطان، وهذا ما نراه اليوم ماثلاً.

 

ان التطورات المتسارعة في حضرموت وما يرافقها من تحشيد وتصعيد يعكس حالة توتر غير مسبوقة سيكون لها تبعات قاصمة على استقرار المحافظة والجنوب والتي لا ينبغي ان تتحول إلى ساحة للصراع وتجاذبات القوى وان اي محاولة لجر المحافظة إلى مواجهة لن يفضي إلا إلى تقويض استقراراها وتفكيك نسيجها الاجتماعي وفي هذا الصدد تدعو الامانة العامة #للحزب_الاشتراكي_اليمني إلى حوار مفتوح بين القوى المختلفة في حضرموت والى ضبط النفس ووقف خطاب التصعيد ومنع الانزلاق نحو مآلات لا تخدم الاستقرار واذا عجزت الارادات المحتشدة اليوم في إنتاج ما يقود الى تغيير المعركة لصالح الشعب وتوجيه الجهود لخلق واقع افضل في المحافظات المحررة وتوحيد الطاقات لخوض المعركة الأخيرة ضد مليشيات الحوثي،إذا لم يتم ذلك فإن هذه الإرادات ستؤول إلى أكل بعضها.

 

نجدد الدعوة للجميع بأن تكون المرحلة الحالية والمستقبلية مرحلة تسامي على الجراح ونسيان الخلافات التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه، والتأكيد على ضرورة أخذ الدروس والعبر من أحداث الماضي ووضع البلد ومصالحه العليا فوق كل الاعتبارات والمصالح الآنية الزائلة،وعلى الجميع ادراك انه لا يمكن لأحد أن ينفرد بصياغة مستقبل البلد لوحده مهما امتلك من قوة وان ذلك مرهون بالاتفاق والتوافق على مفهوم الشراكة الوطنية وتحقيق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ومبدأ تكافوء الفرص وضمان حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير ورفض النعرات المذهبية والمناطقية وثقافة الكراهية والإقصاء والتهميش.

 

تهانينا مرة اخرى بهذه المناسبة الوطنية العظيمة،وهو عهد يتجدد بأن الحرية والعدالة والمساواة قيم لا تموت.

 

المجد للشهداء

 

صادر عن :

الامانة العامة

للحزب الاشتراكي اليمني

إغلاق