تقارير وتحقيقات

لماذا تغير الانطباع العربي عن الجنوب من المشيطن إلى المفضل؟

تقرير لـ”الأمناء” يرصد ماضي وحاضر ومستقبل قضية الجنوب وتأثرها بالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية

حسين حنشي

 

قضية الجنوب ببنيتها السياسية والحقوقية وبحمل شعب كامل لها وبتطور حاملها السياسي كانت وماتزال قضية من الصعوبة الالتفاف عليها أو إنهائها بحل يفتقد إلى العدل. وحاولت كل القوى اليمنية ذلك لكنها فشلت حتى في أكثر لحظات القضية هذه وحملتها ضعف وفي عز القوى اليمنية وقوتها ، ولهذا لا يمكن لأحد التوقع أن يأتي زمن يستطيع فيه أحد ، مهما كان،  إنهاء هذه القضية أو القضاء عليها دون حل يرضي شعب الجنوب .

 

محاولات يمنية لإنهاء القضية

 

 

في عز قوة نظام صالح والضعف الجنوبي كانت القضية حاضرة وحاول صالح عبر المعالجات الأمنية والقمع فقتل العشرات منهم أطفال ونساء واستمرت القضية واستمر الصوت الجنوبي عاليا.

ثم حاولت قوى الاخوان المسلمين (حزب الاصلاح) بعد الربيع العربي كذلك عبر محاولة إدماج القضية في ثورة يمنية وكان الجنوبيون يثورون ضد صالح فقط وأشركت شخصيات جنوبية كرتونية للتزوير وكذلك فشلت وبقي الصوت الجنوبي عاليا ويزداد ارتفاعا.

ثم حاول الحوثيون عبر أسلوب الإخضاع مع  إعطاء الجنوبيين خطابا بالشراكة والحقوق وإنهاء الظلم لكن مع بقاء الوحدة عبر فلسفة عبدالملك حينما قال عن قضية الجنوب وحلها أن المبدأ سيكون (أقل من العدل ظلم وأكثر من العدل ظلم) أي أنه سيحدد هو العدل للجنوبيين عبر حقوق ورفع مظالم إنما الاستقلال وحق تقرير المصير فيراه أكثر من العدل للجنوبيين ويراه ظلما للشمال ففشل في ذلك واستمر الصوت الجنوبي عاليا.

ثم كانت محاولات هادي فحاول عبر سياسة تقول نحن أيضا جنوبيون وعبر استمالة قيادات جنوبية في الحراك إلى الشرعية اليمنية وبث المناطقية والفتن بين الجنوبيين وتخويف بعضهم من بعض مع إصراره على عدم إعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير وعلى دولة يمنية واحدة وتقسيم الجنوب فيها إلى اقليمين بعد ان طرد فريق القضية الجنوبية بقيادة محمد علي احمد من مؤتمر الحوار ففشل ويبقى الصوت الجنوبي عاليا .

 

 

التحول الإقليمي

 

كانت القضية الجنوبية اقليميا خاضعة للمصالح وثم مشيطنة و مخيفية فقد استخدم النظام اليمني بكل قواه علاقاته مع الدول الإقليمية لاسيما الدول العربية المجاورة الفاعلة في رسم مستقبل الدول بالإقليم لإبعاد قضية الجنوب عن التفاعل مع الإقليم والدول العربية وتفاعل العرب معها فعزلها ودفع بقيادات من الحراك لمد اليد إلى أي قوة إقليمية للمساعدة فكانت إيران حاضرة وهو ما شيطن القضية الجنوبية في نظر العرب وأرعبهم من حليف ايراني في الجنوب إن استقل .

وكما يقول القول العالمي المأثور “إذا اجتهدت في سعيك الى هدفك يتآمر الكون كله والأقدار  لمساعدتك للوصول إليه مهما كان صعبا” فقد كانت حرب الحوثيين الأخيرة ????م فرصة لتلاقي العرب مع الجنوبيين ومعرفة الفرق بين الجنوبيين والشماليين وأصبح الشمال الحوثي إيراني والجنوب هو نصير العرب والصادق معهم واستغلت القيادة الجنوبية ذلك التحول وقام الرئيس البيض بخطوة استراتيجية جبارة وزار الرياض وأعلن دعمه لعاصفة الحزم وترك الحراك محور إيران فأصبح الشمال إيراني والجنوب عربي .

وحتى بمقارنة مع من بقي من الشماليين مع التحالف العربي أثبت الجنوبيون أنهم صادقين في تحالفهم مع العرب وحرروا أراضيهم وتمددوا في الشمال مساعدة للعرب بينما فشلت القوى الشمالية الشرعية في ذلك بل أصبحت جزءا من محور تركي قطري آخر  يعمل من الداخل ضد التحالف.

كسب الجنوبيون وقضيتهم تحولا عربيا فكريا واستراتيجيا فتم تسليحهم وبنوا قوات وعلاقات عربية وفتحت لهم الابواب وكونوا قيادة جنوبية محترفة ومحترمة عبر المجلس الانتقالي فكان تحول مهم جدا ابقي الصوت الجنوبي هو الاعلى والاكثر استماع لدى العرب.

 

التحول العالمي

 

كان العالم ينظر الى الحراك الجنوبي وفعالياته على أنها “أعمال توتر ” في دولة مستقرة نسبيا وانها تزيد احتمالية استفادة المنظمات الارهابية من تلك التوترات وانتشار الارهاب باليمن والعالم عبر فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ويرى العالم ضرورة الحفاظ على تماسك النظام اليمني  وغض الطرف عن الحقوق الجنوبية للحفاظ علي الدولة اليمنية وعدم تفككها وانتشار الارهاب.

وبعد الحرب الاخيرة انتشرت القوات الامنية الجنوبية فحررت المحافظات الارهاب وبسط الحزام الامني والنخب الجنوبية والامن الجنوبي وقوات مكافحة الإرهاب سيطرتها وفككت منظمات ارهابية وكشفت علاقة النظام والقوي اليمنية بالإرهاب وانها كانت تستخدمه لابتزاز العالم وبالأدلة فقامت دول كبري على راسها امريكا وأروبا بإعلان جمعيات يمنية وشخصيات اخوانية في قوائم دعم الارهاب واعلنت تلك الدول دعمها وثقتها بالقوات الجنوبية فاصبح الجنوب مرتكز للعالم من اجل محاربة الارهاب واستقرار المنطقة وتامين باب المندب وممرات دولية مهمة للتجارة وطوق الوقد الدولي .

سياسيا تفهم العالم قضية الجنوب بعد ثقته بالأمن فيه واعلن جريفيث ان قضية الجنوب لم تحل بعد أن اعلن سلفه ولد الشيخ ان مؤتمر الحوار لم يستوفي قضية الجنوب كما حاولت القوي اليمنية قول ذلك للعالم.

فتحت مكاتب للقيادة الجنوبية (المجلس الانتقالي الجنوبي ) في عواصم العالم ومنها واشنطن بعد ان كان الجوب معزول واصبحت الامم المتحدة لا لتناقش حل في اليمن الا بعد سماع الصوت الجنوبي .

كان هذا تحول مهم وكبير لوجهة نظر العالم حول الجنوب وقضيته وثقته بقيادته وامنه وشعبه وهذا ما جعل الصوت الجنوبي يبقي عاليا في العالم.

 

مستقبل القضية

 

بعد الفشل المتوالي للقوي اليمنية في انهاء والقضاء على قضية الجنوب وبعد تحول نظرة الإقليم العربي للجنوب وتحول نظرة العالم للقضية الجنوبية وثقته بشعبها وقيادتها اصبح واقعا ان هذه القضية لا يمكن القضاء عليها وهذا واضح حتى في الاطار السياسي للحل في اليمن الذي قدمه جريفيث للمشاورات في السويد فقد جاء فيه:

 

الترتيبات السياسية الانتقالية:

  • تضع الاتفاقية الانتقالية ترتيبات تنفيذية شاملة (جامعة) ، بما في ذلك سلطات ومسؤوليات الهيئات ذات الصلة ، خلال الفترة الانتقالية.
  • لن يكون لأي حزب أو عنصر سياسي حق الفيتو في إطار الترتيبات التنفيذية الانتقالية.
  • تشكيل حكومة شاملة ومختصة برئاسة رئيس الوزراء. سوف تحدد اتفاقية الانتقال بوضوح ولاية وسلطات الحكومة.
  • تحدد اتفاقية الانتقال جدولاً زمنياً وآليات شاملة لمعالجة القضايا السياسية المعلقة التالية:

ا. القضية الجنوبية

ب. اللامركزية وإدارة الموارد

ج. دستور جديد

د. العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ؛

ه. قوائم الناخبين المحدثة

و. الانتخابات المحلية والوطنية.)

وبوضع القضية الجنوبية في المقدمة لمعالجة القضايا السياسية فان العالم يقول لاسلام واستقرار في اليمن الا بعهد حل القضية الجنوبية كقضية سياسية وهنا ياتي دور القيادة الجنوبية التي استخدمت الامن والجيش الجنوبي في مكافحة الارهاب وفي الحديدة تحديدا لمساومة العالم حول وضع القضية.

سيكون للجنوبيين صوتهم في وضع الحل المرضي للقضية الجنوبية حسب مبادئ ثورة الجنوب وبما لا ينتقص من الحق الجنوبي عندما تبدا مرحلة تنفيذ الحلول النهائية للحل في اليمن وعبر الامم المتحدة وبدون كل المعوقات من القوى اليمنية ومنها مخرجات الحوار او الاقاليم التي تخلت الامم المتحدة عنها كما واضح في الاطار السياسي لجريفيث وبهذا كان ومازال وسيبقى صوت الجنوب وقضيته وشعبه عاليا ..

إغلاق