تقرير/ خالد بلحاج
فيها العديد من الينابيع الكبريتية الساخنة المفيدة لكثير من الأمراض
تعد العيون الكبريتية في محافظة حضرموت، وتحديداً منطقة الحامي بمديريتي الشحر والديس الشرقية، أحد أهم مراكز العلاج الطبيعي للأمراض، ويقصدها الكثير من المرضى والمسافرين والقادمين من خارج المحافظة عبر الطريق كل عام، طلبا للعلاج والانتفاع من فوائد الكبريت الموجودة في هذه العيون.
وتتميز مدينة الحامي، إحدى مديريات محافظة حضرموت الساحل، بوجود عدة عيون من المياه الكبريتية الحارة، حيث توجد فيها أكثر من (20) عينا، منها مازال موجودا ويستفيد منه المواطنون في العلاج والزراعة والاغتسال.
علاج بعض الأمراض
تستخدم المياه الكبريتية بشكل أساسي للعلاج، إذ أكدت الدراسات أن لها فوائد عديدة في علاج العديد من الأمراض، منها علاج مشاكل الجهاز التنفسي، علاج أمراض القلب وتصلُّب الشرايين، علاج القرحة الهضمية والأمراض الالتهابية الحادة والمزمنة، علاج مشاكل الجهاز العضلي الهيكلي، علاج فرط ضغط الدم الرئوي، وتنظيم العمليات الكلوية داخل الجسم.
سياحة
تعدُّ ينابيع المياه الكبريتية أو ما يعرف بينابيع المياه الساخنة إحدى أهم وجهات السياحة الترفيهيّة والعلاجيّة، حيث يتم فيها زيارة الينابيع الحارة للتخلص من الإرهاق، والألم، والشفاء من الأمراض، إذ يمكن ملاحظة أن أعداد السياح الزائرين لهذه المناطق دائماً في ارتفاع، ومن الجدير بالذكر عدم ارتباط السياحة في الينابيع الساخنة بموسم معين، حيث يرتادها السيّاح طوال العام.
الناشط علي سعيد من سكان مدينة الحامي أكد لنا بأن باستمرار توافد المرضى من مختلف حضرموت ومناطق اليمن ومن دول الخليج للعلاج من المشكلات الجلدية المستعصية التي يعانون منها، وذلك بعد النتائج التي حققتها هذه المياه الحارة في علاج الكثير من الأمراض كالروماتيزم؛ حيث تحتوي على مواد كبريتية تعالج الكثير من الأمراض، وأصبحت بذلك تضاهي الكثير من المصحات العالمية، والتي كثيرًا ما يتوجه ذوو الحاجة للعلاج إليها، بقصد طلب العلاج أو الشفاء، بعد الله سبحانه وتعالى، اعتقادًا منهم أن هذه الدول هي الأفضل تقنيًّا وعلاجيًّا، لا سيما إن كان صاحب الحاجة من ذوي القدرة المادية، خاصة عندما يكون القصد العلاج الطبيعي لمن يشكو من آلام المفاصل والظهر والروماتيزم والحساسية والصدفية والجلطة والبهاق.
قاصدين دولًا لها باع كبير في علاج مثل هذه الأمراض، على الرغم من استخدام هذه الدول طريقة علاج موحدة تكمن في مواد وأدوات متوافرة بشكل كبير في محافظتنا الحبيبة، كالمياه الحارة المدعومة بنسبة كبيرة من الكبريت وخلافه من أدوات علاج الطبيعي تجعل المريض يتكبد مبالغ كبيرة وباهظة، متناسين أن حضرموت الحبيبة تزخر بكم وافر من الأماكن التي يمكن العلاج بها بنفس المواصفات والمقاييس الموجودة بالخارج، مع فارق كبير يكمن في قيمة التكلفة المادية.
وأضاف قائلاً: “رغم هذه الشهرة الواسعة التي تحظى بها المياه الحارة بمنطقة الحامي والإقبال الكبير عليها، إلا أنها تعاني من ضعف الخدمات وبعض منها قد طمر عليها الأتربة وانتهى بفعل الزمن وإهمال الجهات الحكومية المختصة.
عدد من الزوار ومن بينهم عبدالله علي، القادم من المهره، الذي قال: “قدمنا لهذه العين الحارة للعلاج، وأيضاً لِما سمعنا عن هذه العين الحارة في معالجة الحساسية، وهذا هدف آخر جذبنا للقدوم هنا”.
وأضاف: “المنطقة جاذبة من الناحية السياحية، لكن وعورة الطريق وعدم الاهتمام بها قد يحدّ من قدوم الزوار، نتمنى الاهتمام بها مستقبلاً وتطوير مسابح الماء بشكل أكثر مما عليه الآن”.
بينما سعيد سالم القادم من سيئون قال: “أتردد على هذا المكان من وقت لآخر، ولله الحمد بعد الله سبحانه شعرت بتحسن، حيث لديّ حساسية في الجلد وبعض الآلام في مفاصل القدم”.
ويقول المواطن محمد مبارك من أهالي المكلا وهو أحد المهتمين بالعلاج بالعيون الكبريتية “إن هذه العيون تم اكتشافها منذ زمن بعيد وهي تعتبر أحد المزارات الصحية لسكان حضرموت وعدد من أهالي الدول المجاورة، وذلك نظرا لما حققته العيون من سمعة طيبة في علاج العديد من الأمراض الجلدية تحديدا خلال الفترة الماضية”.
أما المواطن عمر باوزيز، وهو رجل تخطى عامه الستين ويعمل سائق شاحنة، فقال: “عرفت عن العين خلال زيارة سابقة لمديرية الشحر لصديق من البادية، شكوت له آلام المفاصل والظهر التي أعاني منها فدلني على المياه الكبريتية.. يقول: أجلس على حافة بركة المياه وآخذ من مياها الحارة رشفة بكفي إلى مكان الألم بالظهر والمفاصل ثم أعود للاستحمام بمياه العين الساخنة التي تصل درجة حرارتها إلى 50 درجة مئوية لمدة 20 دقيقة على الأقل”.
وأضاف باوزير أنه لم يكن مقتنعا في بداية الأمر، إلا أن ذلك تغير بعد أن نصحه أحد الأطباء في الخارج بأن علاجه ليس بالدواء المصنوع؛ إنما بالبحث عن العيون “الفوارة” والاغتسال بها لعدة مرات، لأن المياه الكبريتية ذات حرارة مناسبة تماماً لعلاج أمراض الحساسية المفرطة وأمراض الجهاز العضلي والروماتيزم.
واختتم حديثه: “أصبحت زيارة العين طقسا أساسيا في كل مرة آتي إلى الحامي، ولأني أعمل سائقاً في شاحنة نقل فإني أحضر إلى هنا كثيراً وأشجع أصحابي وأبنائي على زيارة المنطقة والاستمتاع بهذه المياه الحارة”.
تعتبر هذه المياه الكبريتية المندفعة من باطن الأرض كنزا ثمينا بدفئها ونقائها وثرائها بالأملاح المعدنية واستمرار تدفقها من ملايين السنين، حيث نجحت كثيراً من دول في الوطن العربي في تحويلها إلى مصادر للصحة والثروة والعلاج تحت مسمى مركز للاستشفاء البيئي، وتعرف مياه العيون بأنها معدنية، وتخلو من أي نوع من أنواع البكتيريا الضارة، الأمر الذي يجعلها لا تحتاج إلى أجهزة تنقية أو معالجة كيماوية على الإطلاق.
كما أنها تحتوي على الكبريت بشكل أساسي، ويكون فيها الكبريت على شكل كبريتيد الهيدروجين، بصيغته الكيميائية (H2S)، حيث تتدفّق المياه الكبريتية من الينابيع الحارة، ويقصدها الكثير من السيّاح من كل بقاع العالم إما للسّياحة أو لأغراض العلاج من العديد من الأمراض، ومن الجدير بالذكر أنّ كبريتيد الهيدروجين يمتلك رائحة قوية تشبه رائحة البيض الفاسد، ولهذا السبب تنبعث هذه الرائحة عند تدفّق الماء الساخن إلى السطح.
المصدر : الايام