أخبار العالم
سباق مفتوح على كل الاحتمالات.. هل يستطيع رئيس تونس القادم تسوية الملفات الشائكة التي عجز عنها السابقون؟
ريبون / وكالات
يتوجه التونسيون غداً الأحد، 15 سبتمبر/أيلول 2019، للمشاركة في الانتخابات العامة التي ستحدد الرئيس المقبل، في اختبارٍ مهمٍّ للديمقراطية التونسية الناشئة، إذ يتنافس 26 مرشحاً على المنصب الجديد، من بينهم امرأتان، ورئيس الوزراء الحالي، ووزير الدفاع، ورئيس جمهورية سابق. وذلك بعد أن أدَّى الموت المفاجئ للرئيس الباجي قايد السبسي، 92 عاماً، في يوليو/تموز الماضي، إلى عقد الانتخابات الرئاسية في وقتٍ مبكر عن موعدها الأصلي.
تقول مجلة Time الأمريكية، إن تونس الديمقراطية الوحيدة الناشئة عن ثورات الربيع العربي عام 2011، ابتُليت بركودٍ اقتصادي، وتهديدات أمنية، وعدم استقرار سياسي، وجميعها ملفات رئيسية في حملات المرشحين للرئاسة.
رغم أنَّ السباق الانتخابي لا يزال مفتوحاً على كل الاحتمالات، ترجح استطلاعات الرأي كفة نبيل القروي، وهو رجل أعمال كبير في صناعة الإعلام ويدير حالياً حملة انتخابية وهو في السجن للمنافسة على منصب الرئيس. وقد سُجن المرشح العلماني على خلفية اتهامات بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال.
متى يبدأ التصويت الانتخابي في تونس؟
سيتوجه التونسيون إلى مراكز الاقتراع غداً الأحد، 15 سبتمبر/أيلول 2019. وهناك أكثر من سبعة ملايين شخص مسجل في القواعد الانتخابية، وهو ما يمثل زيادة قدرها 2.5 مليون شخص منذ الانتخابات المحلية، في مايو/أيار 2018.
وسيختار المصوتون رئيساً آخر في انتخابات ديمقراطية للمرة الثانية منذ اندلاع الثورة التونسية من بين 26 مرشحاً. وقد تُعقد جولة ثانية من الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني إذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية مطلقة. وسيحدث هذا السيناريو غالباً نظراً لعدد المرشحين الكبير هذا العام.
من يتصدَّر استطلاعات الرأي؟
يعد نبيل القروي، عملاق في صناعة الإعلام، من أبرز المرشحين العلمانيين للرئاسة. وقد سُجن القروي، الذي يمتلك قناة نسمة الخاصة المعارضة للحكومة، على خلفية اتهامات بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال في أغسطس/آب الماضي، وهو ينفي هذه التهم ويستأنف ضدها.
بدأ القروي في الإضراب عن الطعام يوم الأربعاء الماضي، 11 سبتمبر/أيلول 2019، مطالباً بالسماح له بالتصويت في الانتخابات الرئاسية هذا الأسبوع، وفقاً لتقارير إعلامية.
وتمكَّن القروي، البالغ من العمر 56 عاماً، من مواصلة حملة ترشحه للرئاسة لأن الاتهامات الموجهة له لا تمنعه بشكلٍ واضح من الترشح في الانتخابات، لكن إذا أُدين وفاز بمنصب رئيس الجمهورية فلن يُسمح له بتولي المنصب.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن القروي مرشح حزب قلب تونس، يتقدم على منافسيه بفارقٍ بسيط، وتزايد تصدُّره لاستطلاعات الرأي بينما يقبع خلف قضبان السجن.
من هم المرشحون المنتمون للمؤسسة الحاكمة؟
بصفته رئيس الوزراء التونسي الحالي، يعد يوسف الشاهد أكثر المرشحين تمثيلاً لاستمرار السياسات الحكومية الحالية. وتصدَّر الشاهد استطلاعات الرأي في بدايتها، لكنه تراجع بينما يقترب السباق الرئاسي من الانطلاق لحسم نتائجه.
وسيكون ترشحه، على الأرجح، بمثابة استفتاء على سجله الوظيفي كرئيسٍ للوزراء، بما في ذلك جهوده للترويج للأمن القومي بعد حدوث هجمات إرهابية مميتة، وترويجه المثير للجدل لإصلاحات صندوق النقد الدولي، التي أثارت مشاعر عدائية لدى النقابات العمالية وعامة الشعب.
والمرشح الآخر المنتمي للمؤسسة الحاكمة هو عبدالكريم الزبيدي، وزير الدفاع السابق. ويعد الزبيدي (69 عاماً) مرشحاً ذا شعبية، إذ يحظى بتأييد عدة أحزاب علمانية.
وعندما أعلن ترشحه للرئاسة، أشار الزبيدي إلى أنه سيكون «رئيساً لكل التونسيين»، ملمحاً إلى استعداده للتعاون مع الإسلاميين، على النقيض من مرشحين آخرين، تبنّوا موقفاً صارماً معارضاً للإسلاميين.
ماذا عن المرشح الإسلامي؟
عبدالفتاح مورو هو المرشح الذي اختاره حزب النهضة الإسلامي للمنافسة في السباق الانتخابي. ووصف المحللون مورو، نائب رئيس الحزب، بأنه رمزٌ سياسي معتدل، يسعى إلى الترويج لفهم أكثر تحرراً للإسلام في السياسة. وعبَّر المرشح، البالغ من العمر 71 عاماً، سابقاً، عن تأييده لحق المرأة المسلمة في الزواج برجلٍ غير مسلم.
ما هي الملفات الشائكة في الانتخابات التونسية؟
الاقتصاد: من المرجح أن يكون الاقتصاد على رأس الملفات التي تشغل بال المصوتين. ويبلغ معدل البطالة في تونس 15% -ويمكن أن يصل المعدل في بعض المناطق إلى 30%- وثلث الخريجين الجامعيين عاطلون عن العمل.
الأمن: سيكون الأمن أحد هذه الملفات، إذ كانت الهجمات الإرهابية الموجهة ضد المواقع السياحية المشهورة على مدار السنوات القليلة الماضية أحد العوامل التي تسببت في تردّي الوضع الاقتصادي، حيث أثر تراجع عدد الزائرين بنحوٍ حاد على قطاعٍ حيوي بالنسبة للاقتصاد. وفُرضت في تونس حالة الطوارئ منذ وقوع سلسلة من الهجمات الإرهابية الكبيرة في 2015.
لكن العديد من التونسيين قد طفح كيلهم من حكومتهم، إذ أدى الوضع الاقتصادي إلى اندلاع مظاهرات منتظمة وتنامي شعور اللامبالاة لدى عامة الشعب، وتراجع إقبال الناخبين على المشاركة في الانتخابات. رغم التقدم الذي أحرزته تونس من المرحلة الانتقالية نحو تأسيس الديمقراطية، يعتقد الناخبون أن الحكومة فشلت إلى حدٍّ كبير في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي احتلت قلب مطالب الانتفاضة التونسية عام 2011، ويقول ثلثا التونسيين إن الحكومة تفعل القليل لتلبية احتياجاتهم أو لا تفعل شيئاً مطلقاً.
لماذا تعد الانتخابات التونسية حدثاً تاريخياً؟
سيكون انتخاب الرئيس الثاني للبلاد منذ انتفاضة 2011 اختباراً مهماً للدولة الديمقراطية الجديدة.
وهناك بالفعل العديد من الأمور التي تشهدها تونس للمرة الأولى؛ إذ شهدت تونس انعقاد أول مناظرة متلفزة بين المرشحين الانتخابيين خلال الأسبوع الماضي، ويختار حزب النهضة مرشحاً للرئاسة للمرة الأولى هذا العام.
وأخيراً، تعد هذه هي المرة الأولى التي تُعقد فيها الانتخابات الرئاسية التونسية قبل انعقاد الانتخابات البرلمانية، التي تبدأ 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ولم توفر الفترة القصيرة الممنوحة للحملات الانتخابية وقتاً كافياً للمرشحين لتثقيف الناخبين بشأن السياسات المقترحة والفروق بينها.