كتابات

بعيدا عن السياسة : منع تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية لا يحقق المصلحة العامة ولا الخاصة؟!

كتب / د يوسف سعيد احمد

كنت قد تناولت في مرة سابقة قبل عام تقريبا من الآن الاجراءات التي تعرض لها الصرافين في صنعاء في سبيل منعهم من تداول الفئات من الطبعات الجديدة من العملة من فئة ” ١٠٠٠و٥٠٠ ريال” عند بدء تدولها لاول مرة المصدرة من البنك المركزي اليمني . حينها اوضحت ومن وجهة نظر اقتصادية ومهنية محايدة ؛ بطلان وعدم جدوى ، هذه الاجراءات طالما وان العملة الوطنية المعتمدة رسميا على صعيد اليمن كلة تقوم على قاعدة نقدية واحدة .

وخلصت الى ان منع الناس من تداول الريال بغض النظر سواء بطبعاتة القديمة او الجديدة هوعمل عبثي وعملية مستحيلة التحقق في الواقع بقطع النظر عن الاجراء وطبيعتة لانه في النهاية سيلحق الاذى بالجمهور وقبل كل شيء باصحاب عوامل الانتاج ويؤدي الى رفع تكلفة عملية التبادل داخل سوق وطني واحد يتمييز بالتشابك والاعتماد المتبادل.

فما ينتج في صنعاء يباع في عدن وفي مختلف المناطق وهنا يقوم الريال بدورة المحايد كوسيط في عمليات التبادل وهي واحدة من اهم وظائف النقود”.
مزراعي القات و منتجي الخضار والفواكة والمصنعين ينقلون يوميا آلاف الاطنان من المنتجات الغذائية والاستهلاكية ليبعونها في عدن ومحافظات اخرى ويستلمون قيمتها نقدا بعشرات المليارات هذه المبادلات في عملية البيع والشراء تتم من خلال معادلة (سلعة – ريال – سلعة ) وهي الوظيفة الرئيسية الاولى للنقد . وقد قلت ان هذه الاجراءات ستكون ناجحة ومفيدة فقط اذا اردنا ان نعيد البلد الى مرحلة المقايضة التاريخية الاولى قبل اكتشاف النقود (سلعة – سلعة) .

او ان تكون هناك قاعدتين نقديتين ايا ان يكون صاحب الاجراء يتعامل بعملة نقدية اخرى .

لكن ماهو الجديد ؟
—————-
الجديد انه وقع بين يدي تعميم موجه لرئيس الغرف التجارية والصناعية صنعاء صدر قبل منتصف مارس ٢٠١٩ يتضمن الزاما لجميع هذه الفئات دفعة واحدة:
” المستوردين ، المنتجين، المصنعيين، تجار الجملة والتجزئة ، المولآت ،الشركات، الصيدليات ، محطات المشتقات النفطية والغازية وجميع محلات الصرافة” يمنعهم من تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية التي اشرت اليها مضافا اليها هذه المرة فئة”٢٠٠ و١٠٠ ريال” رغم ان الاخيرة لم تتداول بعد .

وربما ياتي هذا الاجراء في نفس السياق ولنفس الاهداف غير الاقتصادية ؛ لكن مااستدعاني لتناول هذا الموضوع مجددا ان التعميم ” التوجية” ذيل في نهايتة بعبارات : لماتقتضية المصلحة العامة -وحفاظا على الاقتصاد الوطني – ورأس المال المحلي” .

لو لم تورد الجهة هذه الخاتمة لما دفعني فضولي للكتابة.
خاصة وان هذا الاجراء واسع النطاق بشكلة ” الرقابي ” يصب في سياق استمرار اتباع منهج ” القطع والتقاطع” الخالي من اي اعتبارات اقتصادية ومالية و نقدية حصيفة وعقلانية ويتم بدون ان تمتلك هذه الجهة او الجهات التي تمنع الناس ومختلف المؤسسات والشركات من تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية حجج منطقية وبالتالي تكون هذه الاجراءات الادارية في محصلتها على العكس من ذلك مضرة ومؤذية على الاقتصاد الوطني والافراد وعلى مختلف القطاعات الخدمية والانتاجية والتسويقية وفي هذا السياق على اوضح مايلي :

اولا :

جاءت الطبعات الجديدة من العملة الوطنية لتحل من ازمة السيولة ولتعويض ماتلف من العملة الوطنية .
مع التنوية ان ” العمر الفني للنقد الورقي وفق المعايير المتعارف عليها هي في حدود “17 شهرا تقريبا “.

ثانيا :

اصبحت الطبعات الجديدة تستحوذ حسب بعض الدراسات المسحية المكتبية مانسبتة (30%) تقريبا من العملة المتداولة في اليمن وفي هذه الحالة من الصعب اجبار الناس على عدم تداول طبعات جديدة هم بحاجة لها لانجاز معاملاتهم .

ثانيا :

ياتي هذا الاجراء واسع النطاق في حين لازالت البنوك التجارية التي منعت في وقت سابق من التعامل بالطبعات الجديدة تعاني من ازمة سيولة كبيرة هذا الاجراء ضمن عوامل اخرى وخاصة عندما يتعلق الامر بارصدتدها الضخمةالمجمدة قطعا تصب ليس لمصلحة المؤسسات البنكية اذ تزيد من صعوبة تادية البنوك التجارية والاسلامية لوظيفتها في عمليات الوساطة المالية وهي الوظيفة الاقتصادية والمالية الرئيسية التي يجب ان تقوم بها .

يحدث في الوقت الذي الزمت ايضا هذه البنوك مع شركات الصرافة بتداول اوراق نقدية تالفة لم تعد صالحة للتداول ربما تبلغ قيمتها مئات المليارات من فئآت العملة المختلفة.

هذه النقود كان قد صدرت قرارات بتتليفها ؛ واستتبع ذلك ان قامت محلات الصرافة مجبرة على الزام الناس باستلامها في عملية بيع العملة ضمن خليط من طبعات جديدة وقديمة لازالت صالحة نسبيا .

فيما مخازن البنوك التجارية تزدحم بالعملات التالفة وبذلك البنوك ليس فقط لم تستطع استخدامها في عملياتها ولكن اصبحت تشكل عبئا ثقيلا لها.

ان منع تداول الطبعات الجديدة من العملة في التعاملات على هذا النحو و بين كل هذه الفئات الذين يشتركون في مجموعهم في انتاح الناتج المحلي الاجمالي من ( مستهلكين، منتجين ، وسطاء ماليين ، مسوقين ، مستوردين)؛ لايحقق مصلحتهم حتى من وجهة نظر اي مبتدأ في الاقتصاد لانهاء في محلصلتها ستؤدي الى تقييد عمليات التبادل او الحد منه داخل الاقتصاد وبالتالي ارتفاع تكلفة المبادلات عدا عن المتاعب التي ستخلقها هذه الاجراءت امام المتاعاملين.

وعلي في المستخلص كخاتمة لهذا العرض ان اتوجه بالتساؤلات التالية .

اولا :

هل هذه الاجراءات وفرض قيود على انتقال العملة سيحقق هدف الحد من ارتفاع معدلات التضخم في ظل هذا التشابك والتلاحم والاعتماد المتبادل بين المنتجين و التجار ومقدمي الخدمة والمستهلكين في مختلف المناطق المكونة للاقتصاد الوطني في ظل بقاء قاعدة الريال اليمني هي العملة الوطنية المعتمدة او ان الاثر الحقيقي له سينعكس سلبا على الطلب الكلي الفعال ؟.
ثانيا :

لو ان هذه الجهات التي تضع قيودا على تداول العملة الوطنية من الطبعات الجديدة تمكنت من الوصول الى المطابع العالمية المعتمدة دوليا في طباعة النقود هل ستكون بحاجة عندئذ ان تقوم بالزام الناس بتداول الطبعات العملات التالفة غير الصالحة للتداول ؟.
لذلك من منطلق مخلص وكاختصاصي وبعيدا عن السياسة ادعوا هذه الجهات خدمة للمصلحة العليا والخاصة بتحييد النقود من عمليات” القطع والتقاطع ” كي تؤدي النقود وظائفها لان مثل هذه الاجراءات تسهم هي ايضا بين عوامل اخرى في اضعاف الدور السيادي للعملة الوطنية داخل حدودها .

ان يقوم الريال في هذه المرحلة الدقيقة بدورة وتحقيق وظائفة فيه مصلحة أقتصادية لانه يسهم في منع البلاد من الانزلاق بصورة اكبر الى المجاعة وسؤ التغذية

إغلاق