محلية
ارتفاع الاسعار نار تكوي اليـمنيين
يشكو اليمنيون مع قرب حلول العام الجديد، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية، منذ الانهيار غير المسبوق للعملة المحلية، خلال النصف الأخير من العام الجاري، بالرغم من حالة الاستقرار “الطفيفة” التي يعيشها الريال اليمني في الوقت الحالي، بعد استعادته جزءًا من قيمته التي وصلت إلى 800 ريال يمني، مقابل دولار أمريكي واحد، في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.
واضطرالمواطن اليمني، “أبوبكر العبد”، إلى إيقاف أحد أبنائه عن استكمال مشواره التعليمي، ودفعه نحو سوق العمل، ليساعده في إعالة الأسرة المكونة من 6 أفراد، لمواجهة شظف العيش الذي بات يحيط بالكثير من اليمنيين.
يقول الخمسيني، أبوبكر العبد، وهو عامل في القطاع الخاص بالعاصمة عدن، إن راتبه الشهري لم يعد يكفيه لمواكبة متطلبات أسرته وأولاده، خصوصًا بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وعدم انخفاضها بشكل ملائم لتحسن سعر العملة المحلية، إلى جانب ارتفاع إيجار المنازل.
ويشير العبد في حديثه لـ”إرم نيوز”، إلى أن منزله الذي يقطن فيه هو وأفراد أسرته، يستهلك ثلثي راتبه الشهري، ما اضطره إلى إخراج ابنه الأوسط من المدرسة الثانوية، بعد أن وجد له عملاً في مطبعة براتب لا بأس به.
ويضيف: “الآن ظروفنا تحسنت قليلًا، ابني يدفع إيجار البيت، وأنا أتكفل بتوفير راشن (قائمة مواد غذائية شهرية) والمصاريف اليومية، ومصاريف دراسة اثنتين من بناتي، واحدة بالجامعة والأخرى في مرحلة الثانوية”.
ويؤكد أنه “لو تحسن وضعه المادي سيرجع ولده إلى المدرسة بإذن الله، لكنه الآن يساعدني وحمل عبئًا كبيرًا كان عليّ”.
وبحسب تقرير صادر من مركز الإعلام الاقتصادي في اليمن، فإن نسبة انهيار العملة المحلية حتى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، وصلت إلى 246%، مقارنة بوضعها المستقر، قبل اشتعال الحرب، وثباتها عند 215 ريالاً يمنيًا، مقابل الدولار الواحد.
أسباب الانهيار
ويرى رئيس قسم المحاسبة بكلية العلوم الإدارية، في جامعة عدن، محمد أبوبكر العماري، أن “هناك جملة من الأسباب أدت إلى انهيار العملة، أبرزها توقف مصادر العملة الأجنبية، التي كانت تورد إلى البنك المركزي، بفعل الحرب، وتوقف تصدير مادتي البترول والغاز، اللتين كانتا تغذيان الخزينة بمبلغ لا يقل عن 5 – 4 مليار دولار سنويًا”.
ويضيف العماري في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن “من بين الأسباب كذلك، طباعة العملة الورقية دون غطاء، وهو ما أدى إلى تضخم كمية النقود المتداولة في السوق المحلي، والتي قد تربوا عن 3.5 تريلون ريال يمني، هذا أدى إلى رفع معدلات التضخم في السوق بمستويات لم يشهدها البلد في فترات سابقة”.
ويشير إلى أن “نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، دون ترتيب مسبق، أدى إلى انقسام السلطة النقدية بين صنعاء وعدن ، وبالتالي أدى ذلك إلى أن الكثير من مصادر العملة الأجنبية لم تعد تورد إلى البنك المركزي وأخذت اتجاهات مختلفة، على سبيل المثال، كان المغتربون يغذون البنك المركزي سنويًا بأكثر من 3 مليارات دولار كما تشير بعض الإحصائيات”.
وتشهد العملة المحلية منذ أسابيع، تحسنًا طفيفًا في سعرها، بعد استقرارها ما بين 500 – 520 ريالاً، أمام الدولار.
ويقول مالك محل “السلمي” للصرافة، إن “عملية الصرافة أصبحت الآن مضبوطة، بعد الحملة التي شنّها البنك المركزي على محلات الصرافة المخالفة في عدن”، مؤكدًا التزامه بـ”أسعار البنك، من خلال عمليتي بيع وشراء الدولار، رغم تحفظ بعض الصرافين على بيعه”.
وطالب في حديثه لـ”إرم نيوز”، البنك المركزي، بـ”ضخ مزيد من الأموال إلى السوق، وعدم التلاعب بالأموال القادمة من الخارج، وأن يتم بيع العملة الصعبة للصرافين والتجار، لأن كل شيء سيستقر بعدها، والمطلوب حاليًا هو حملات لخفض أسعار المواد الغذائية”.
ويعتقد التاجر طارق حميد، أن “سبب عدم انخفاض أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، يعود إلى عدم ثقة كبار التجار المستوردين لحالة التحسن التي تعيشها العملة الوطنية حاليًا”.
وقال حميد في حديثه لـ”إرم نيوز”، إن “استقرار سعر الصرف سيعطي التجار ثقة في عملية التحسن، لأن الصرافين يتلاعبون بالصرف حتى الآن، إذ إن الاستقرار الحالي مقتصر فقط على عمليات شراء العملات الأجنبية، بينما عمليات البيع متوقفة، أو مرتفعة وغير مستقرة”.
وبين التاجر أن “الاعتمادات التي فتحها البنك المركزي اليمني، مقتصرة على كبار الموردين للمواد الغذائية فقط، وأن مطالبهم تتمثل في ضرورة ضبط أسعار الصرف بيعًا وشراءً، لأن ضبط هذه العملة سيتبعها استقرار كلي”.
مراقبة السوق
ونظمت وزارة الصناعة والتجارة، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، حملة لمراقبة السوق وعملية إشهار أسعار السلع، ملزمة تجار التجزئة ببيع السلع وفق أسعار محددة، إلا أن هناك تجارًا يرون أن هذه الأسعار لا تراعي هامش الربح، وتفرض عليهم بيع السلع بذات قيمة ثمنها الذي اشتروها به، بحسب تاجر الجملة، عبدالله باصمد.
ويقول وكيل وزارة الصناعة والتجارة علي عاطف، إن الوزارة تراقب إشهار الأسعار وانضباطها من واقع ما يأتيها من نشرات سعرية، يتم التوافق بشأنها بين البنك المركزي اليمني، بصفته محددًا للسعر، وبين التجار المستوردين.
ويشير عاطف في تصريحات لـ”إرم نيوز”، إلى أن “عملية الضبط الفعلي للأسعار، بشكل ملموس، مرهونة باستقرار سعر العملة الصعبة”، موضحًا أن “معدلات الانخفاض في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، بلغت إلى حدود 17 – 21 %، مواكبة لحالة التحسن الإيجابي الأخير للعملة المحلية، مقابل العملة الصعبة”.
ويؤكد أن “لدى الوزارة فرق ميدانية ومركز عمليات مركزي، لمراقبة الأسعار، وأن تجار الاستيراد هم من يحدد لتجار التجزئة أسعارًا معينة يكونون ملزمين بها، وبمجرد وصول شكوى عن متجر ما، مخالف للأسعار، فهذا يكفي لإغلاق محله وتغريمه، وقد قامت الوزارة بحملات كثيرة”.
المصدر: تاربة اليوم