أخبار العالم
ما تبعات الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية؟
ريبون / BBC
تباينت آراء الكتاب في الصحف المغربية والجزائرية بشأن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
فبينما احتفت الصحف المغربية بالاعتراف الأمريكي، واعتبرته “ضربة قاضية” لجبهة البوليساريو، ندد كتاّب رأي في الجزائر – التي تدعم جبهة البوليساريو- بالإعلان، وحذروا من أنه “يفسح المجال لحل عسكري” لقضية الصحراء الغربية.
“نقلة نوعية”
واعتبر عبد الرحمن شحشي، في موقع هسبريس المغربي، القرار الأمريكي “ضربة قاضية” لجبهة البوليساريو.
وقال: “أخيرا يتهاوى الكيان الوهمي ساقطا بالضربة القاضية… وترفع الولايات المتحدة الأمريكية عاليا صك الاعتراف الرسمي بالنصر وبالسيَّادة الكاملة للمغرب على صحرائه في مشهد عظيم عِظم لحظة فرح أمة بنصرها. أما الكيان الوهمي المهزوم والمنهار فخرج إلى الأبد من حلبة الصراع يلملم جسده المثخن بالجراح”.
واعتبر صبري لحو، في موقع هسبريس أيضا، الاعتراف الأمريكي بمثابة “نقلة نوعية في مسار الملف السياسي والقانوني؛ فأمريكا هي صانعة التاريخ المعاصر والفاعل الأساسي فيه على جميع الأصعدة، بدءا بالجغرافية عبر المساهمة في تحرير البلدان الأوروبية، ثم الإعمار، والاقتصاد، والأمن، والسياسة”.
وأبرزت جريدة الصباح المغربية قيام سفير الولايات المتحدة الأمريكية في المغرب ديفيد فيشر بتقديم “خريطة المغرب التي تشمل الأقاليم الجنوبية، والتي اعتمدتها رسميا الحكومة الأمريكية”.
ونقلت عنه الجريدة في لقاء صحفي وصفَ قرار بلاده بـ “القرار التاريخي للولايات المتحدة بالاعتراف بالسيادة الكاملة والتامة للمغرب على صحرائه”.
ونقل موقع الجريدة 24 المغربي عن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، القول إن “اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه لا يخدم قضية الصحراء فقط بل يخدم حتى القضية الفلسطينية”.
وجاء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في سياق الإعلان عن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
“قرار حكيم”
وقال يونس دافقير في جريدة الأحداث المغربية إن ما حدث هو “استعادة أو استئناف للاتصال الدبلوماسي” بين المغرب وإسرائيل، بما لا يتعارض “مع الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني”.
ويضيف: “كلنا ضد التطبيع مع الحركة الصهيونية، لكننا نميز سياسيا بينها وبين دولة إسرائيل، ونحن نقول ‘إسرائيل’ وليس ‘الكيان الصهيوني’ لأن إسرائيل ليست كلها صهيونية، وحتى الآن لم يحدث تطابق تام بين الحركة الصهيونية كأيديولوجية وبين إسرائيل كدولة سياسية”.
ويصف أوسي موح لحسن في موقع هسبريس المغربي قرار الرباط بأنه “قرار حكيم وضرورة واقعية وحتمية للسلام العادل والشامل”.
ويرى أن القرار “مبادرة تاريخية ستدعم البحث عن السلام العادل في الشرق الأوسط، وستشجع المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية بدل لغة العنف وإزهاق الأرواح، بل هو مبادرة بطعم منصف للمملكة في وحدتها الترابية بإقرار الإدارة الأمريكية سيادة المغرب على صحرائه وعزمها فتح قنصلية بمدينة الداخلة”.
ويقول أوسي: “ليست إعادة العلاقات مع إسرائيل هدفا في حد ذاتها؛ فلغة المصالح السائدة في العلاقات الدولية اليوم لا تعترف بالعداوة الدائمة ولا الصداقة الدائمة بل بالمصلحة الدائمة … ولا يمكن أن تكون مصالح الدول والشعوب إلا مع السلام ونبذ الحروب لمحاربة الجوائح، والفقر، والأزمات الاقتصادية المتوالية”.
“مقايضة بلا جدوى”
في المقابل، أدانت صحف جزائرية القرارَ المغربي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء.
وفي حوار مع وكالة خبر برس في الجزائر، قال وزير الاتصال والناطق الرسمي للحكومة الجزائرية عمّار بلحيمر: “إن المقايضة التي تتضمن تزكية استعمار الصحراء الغربية تحت تسمية مغربية من طرف الرئيس المنتهية عهدته دونالد ترامب مقابل تزكية استعمار الأراضي الفلسطينية من طرف الكيان الصهيوني … لا جدوى منها أمام إرادة الشعوب التي لا تقهر في كسر قيود الاحتلال و الاستبداد”.
واعتبر ناصر حمدادوش أن القرار المغربي-الأمريكي “مقايضة… تستخف بالشرعية الدولية، وتمسّ الوضع القانوني للصحراء الغربية، وتستفز مشاعر السيادة والهوية للصحراويين”.
ويرى حمدادوش أن ذلك “يجعل من بقاء الوضع كما هو أمرا مستحيلا؛ ففشل الحل السياسي لا يعني إلا فسح المجال للحل العسكري ليحرك المياه الراكدة، ويلفت انتباه الكون إلى هذه القضية المنسية، ولم يُترك للصحراويين من خيارٍ إلا أن يصرخ بالسلاح في وجه هذا العالم الظّالم أهلُه، فالعقيدة السياسية تقول: إن الدول لا تُبنى إلا بالدماء، والحرية لا تُنال إلا بالقوة”.