أخبار العالم
لبنان بين ولادة الحكومة أو إعلان وفاتها قبل الولادة
ريبون / وكالات
تتزايد العقبات أمام تشكيل الحكومة اللبنانية بعدما رفض الرئيس “ميشال عون” التشكيلة المقترحة من قبل رئيس الحكومة المكلف “سعد الحريري”، ما يفاقم الاستياء الفرنسي من التلاعب’ بمسار تشكيل حكومة الحريري، وهو ما أرغم باريس على البحث عن وسطاء من شأنهم ممارسة ضغوط على ساسة لبنان في وقت ألغى فيه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” زيارته إلى بيروت بسبب إصابته بفايروس كورونا.
وأعاد إلغاء الرئيس الفرنسي زيارته إلى لبنان بسبب إصابته بكورونا المستجد، ملف تشكيل الحكومة اللبنانية إلى الواجهة وبقوة من جديد لكن دون أي مستجد بشأنها، ما يغذي استياء باريس من أجندات سياسيي لبنان الذين دخلوا دائرة الإتهامات بشأن مسؤولية تعطل مشاورات تشكيل الحكومة، ودخلت مشاورات تشكيل الحكومة أسبوعها التاسع على التوالي وسط تبادل للإتهامات بشأن مسؤولية تعطيلها بين الأطراف الداخلية وذلك في وقت ألغى فيه ماكرون زيارته التي كان ينوي القيام بها مطلع الأسبوع القادم.
وطبقاً لمراقبين فان الإستياء الفرنسي من تعطيل تشكيل الحكومة في لبنان قد بلغ أوجه، لاسيما بعد السجال الحاد الذي جد بين الرئيس اللبناني “ميشال عون” ورئيس الحكومة المكلف “سعد الحريري”، وتتخوف باريس من أن تؤدي مثل هذه الخلافات إلى إفشال المبادرة التي أطلقها “ماكرون” في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي خلال زيارته آنذاك إلى لبنان.
من جهته، عبر وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لودريان” في تصريح لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، عن تشاؤمه حيال الوضع اللبناني مشبهاً إياه بسفينة “تيتانيك لكن من دون الأوركسترا”، وتقف تعقيدات داخلية عديدة وراء ضبابية تشكيل الحكومة، حيث يدور جدل داخلي بشأن محاولات من الرئيس عون وحزب التيار الوطني الحر المتحالف مع مليشيا حزب الله للاستحواذ على حقائب وزارية وازنة وسيادية.
وقدم “الحريري” الأسبوع الماضي إلى عون تشكيلة حكومية مؤلفة من 18 وزيراً من ذوي الكفاءات والإختصاص بعيداً عن الانتماء والميول الحزبي، إلا أن “عون” أعلن اعتراضه على تفرد الحريري بتسمية الوزراء وخصوصا المسيحيين دون الاتفاق مع رئاسة الجمهورية، ورد “الحريري” على ذلك بدعوة عون إلى التوقيع على الفريق الحكومي بعيداً عن المصالح الحزبية والثلث المعطل، في خطوة رأى فيها مراقبون محاولة من الحريري لوقف التلاعب بمسار تشكيل الحكومة.
ويرى المراقبون بانه وعلى الرغم من أن الضغوطات الفرنسية مستمرة من أجل إرغام اللبنانيين على تشكيل الحكومة وتزكيتها، إلا أنه من الواضح أن العناد في الداخل اللبناني يعقد مهمة إتمام ذلك، وقال نائب رئيس تيار المستقبل “مصطفى علوش” إن هناك ضغطاً معنوياً فرنسياً بالتأكيد لكنه لم يصل إلى مرحلة تسهيل إنشاء الحكومة، مضيفاً بان هناك استياء فرنسي عارم من موضوع تشكيل الحكومة خاصة أن الوقت ينفد إزاء مسألة إنقاذ البلاد، خصوصاً وأن الجهود الفرنسية تواجه بالعناد المرضي، مشيراً الى انه ومن خلال المعطيات التي رصدت خلال الأسبوع الماضي في السجال القائم بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية، لا يبدو أن هناك أي أفق او جهوزية او ملامح واضحة حتى اللحظة للتفاهم بين الطرفين على صياغة حكومية معينة.
وأفصح “علوش” بان “الحريري” يصر على حكومة تحدث فروقات مع المجتمع الدولي، أي حكومة من المستقلين ولا شبهات عليهم سيما في مسألة العقوبات، في حين يريد رئيس الجمهورية ان يتم توزيع الحقائب الحكومية على الطريقة التقليدية، أي عن طريق المحاصصة، ويرى “علوش” بان الرئيس عون يسعى بأي شكل من الأشكال لتعويم صهره “جبران باسيل” من خلال السيطرة على الثلث المعطل في الحكومة، لذلك فإن احتمال الذهاب إلى إعلان الحكومة صعب حالياً.
وفرضت الولايات المتحدة الأميركية في 6 نوفمبر الماضي، عقوبات على صهر الرئيس اللبناني، وزير الخارجية السابق “جبران باسيل” بدعوى تورطه في الفساد وعلاقات مع حزب الله حليف إيران والنظام السوري، وقال “علوش” إن رئيس الجمهورية، رفض التشكيلة الحكومية التي قدمها الحريري على اعتبار أنها غير متوازنة، واوعز بضرورة تشكيل حكومي آخر، وهذا هذا التصرف والإجراء غير المسؤول يعتبر بموجب الأعراف الدستورية نوعاً من الهرطقة وخروجاً غير مألوف عن نطاق الأنظمة والقوانين.
وتوقع عدد من المحللين ان يضطر “الحريري” إلى إعلان الأسماء التي طرحها للحكومة القادمة ووضع القضية أمام الرأي العام المحلي والعالمي، لكن الأزمة اللبنانية لا يبدو أنها ذاهبة إلى حل قريب، وأطلق “ماكرون” في شهر أغسطس الماضي، مبادرة بلهجة غير مسبوقة تجاه الساسة في لبنان، غير أن مليشيا “حزب الله وحركة أمل” المتحالفتين اعتبرتا ذلك تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبنان، وتنص المبادرة على تشكيل حكومة جديدة من مستقلين غير تابعين لأحزاب على أن تتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية، إلا أن خبراء يعتبرون أن المبادرة فشلت حتى اللحظة وتواجه صعوبات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وأشار المحلل السياسي اللبناني “جوني منير” الى ان الفرنسيين منزعجون جداً من الوضع الداخلي للبلد، وقال : لولا إصابة ماكرون بكورونا لكانت زيارته بالشكل مؤشراً على استياء كبير، لأنه كان سيلتقي رئيس الجمهورية بشكل بروتوكولي للغاية ويصدر كلاماً على أنه مستاء ومحبط من موضوع عدم الانتباه إلى المآسي التي يمر بها لبنان، وأضاف : كانت هناك زيارة للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير “حسام زكي” للرئيس اللبناني، لأن الفرنسيين طلبوا من المصريين أن يساعدوهم في لملمة شتات الشأن اللبناني الداخلي، واستدرك “منير” بالقول : الموضوع الحكومي يراوح مكانه لأن هناك قراراً بذلك، لاسيما وأن عون متمسك بشروطه، والعقدة الأساسية هي ان الرئيس عون يريد 7 وزراء، أي أنه يتمسك بالثلث المعطل، فضلاً عن تمسكه بحقيبة الطاقة التي يصر الفرنسيون على موقفهم حيالها بأن لا يكون الشخص الذي سيتولاها حزبيا، في المقابل يواصل حزب التيار الوطني الحر رفض الانتقادات التي تحمله مسؤولية عدم تشكيل الحكومة رغم أن متابعين للشأن اللبناني يقولون إن التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله وضعا سقفاً عالياً من المطالب سيعقد مسألة تشكيل الحكومة،
من جانبه، ابدى “إيدي معلوف” النائب عن كتلة التيار الوطني الحر الذي يتزعمه “جبران باسيل” استغرابه من تحميل التيار مسؤولية تعطيل الملف الحكومي، وقال “معلوف” في تصريحات لوسائل الإعلام نحن نلتزم بحكومة مستقلين وغير حزبيين ولكننا تفاجئنا بالطرح الذي قدمه “الحريري” الذي منح وزارة الخارجية والزراعة إلى نفس الشخص، متسائلاً أين هو الاختصاص في هذه الحالة وما هي المعايير التي اعتمد عليها الحريري لكي يتخذ مثل هذا الإجراء التزاوجي.