تقارير وتحقيقات

“صفاء” ضحية عنف جسدي !

ريبون / تقرير : خالد بلحاج

“بسبب تسمم الحمل فقدنا المولود مع أمّه”، بهذه الكلمات اختزلت “عبير أحمد” العاملة الصحية في إحدى مراكز الصحة الإنجابية بمحافظة حضرموت ، مشيرة الى معاناة النساء الحوامل في اليمن، واللاتي يترصدهن الموت أثناء الولادة، وتحديدًا مع انتشار كورونا.

تشرح “عبير” في حديثها معاناة الأم الحامل بعد وصولها للمستشفى بالقول: “وصلت إلينا الأم الحامل صفاء (20 عامًا) إحدى المناطق الريفية بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن) في شهرها السابع تحمل طفلها الأول، كانت في حالة غيبوبة تامة وتشنجات “.

وتضيف: “قام الطبيب المعاين بتحويلها إلى المستشفى العام بالمحافظة وأدخلت قسم العناية المركزة لمدة يومين حتى فارقت الحياة ”
لافتة الى ان المركز أستقبل خلال الفترة من مارس وحتى أكتوبر 2020م ( 60 ) حالة تسمم توزعت بين مضاعفات ضغط دائم وفشل كلوي أو استئصال رحم أو وفيات الطفل أو الام, وأرجعت ذلك الى الإهمال والحظر المفروض بسبب جائحة كوفيد 19, وعدم وجود كادر صحي نسائي في الوحدات الصحية والمراكز الصحية بالمناطق الريفية إضافة الى إغلاق بعض المراكز والوحدات الصحية في المناطق البعيدة عن المدينة “.

“أسباب الوفاة”

تؤكد “عبير” أن المرفق الصحي الذي تعمل فيه (مركز حكومي) يصل إليه أكثر من 20 امرأة حامل يوميًا، البعض للمعاينة، وإجراء الفحوصات، ومتابعة الحمل، والبعض الآخر للولادة.

وتُرجع أسباب المضاعفات المؤدية للوفاة لدى النساء الحوامل؛ إلى إصابة المرأة بـ “تسمم الحمل” والذي يرافقه ارتفاع الضغط والسكر، والذي يعد واحدًا من الأسباب الرئيسية لتعرض النساء الحوامل للموت”، حسب قولها.

أضافة إلى “الضغط النفسي والارهاق الذي تعاني منه الأمهات، في ظل انتشار الأخبار السيئة عن انتشار فيروس كورونا، والبعض بسبب سوء التغذية”، مؤكدة “أن عددًا من الأمهات تفقد حياتها أو حياة طفلها أو حياتهما معًا بسبب ذلك”.

وتضيف أن “المستشفيات تعاني من نقص الأدوات الطبية، والأدوية الخاصة بأقسام الولادة؛ بسبب ظروف الحرب، وعدم وجود رقابة حقيقية على المستشفيات لتوفيرها، حيث يدفع المريض وأهله تكاليف كل شيء مما يجعلهم لا يلجؤون إلى المستشفى عند شعور الأم بألم المخاض على أمل أن تلد بالبيت، وفي حال تعسر الولادة يذهبون بها إلى المستشفى، ويصلون متأخرين فتصبح الأم أو طفلها ضحية، وتفقد الأم حياتها، أو حياتهما معا”.
مؤكدة على ضرورة أخذ المرأة للعوامل الوقائية، وأهمها “الدعم النفسي للحامل، وسرعة الذهاب إلى الطبيبة المختصة إذا شعرت بأي ألم أو غيره حتى لا يحدث لها مضاعفات خطيرة”.

” تأخر”

وتقول خالة الضحية (أم الزوج) : “ان صفاء شعرت بالألم بالمساء ولكن نظراً لبعد المنطقة عن المشفى وحالة الحظر المفروض بسبب كورونا لم نتمكن من إحضارها مباشرة وتم تأجيل الذهاب الى المستشفى حتى الصباح ” وتضيف :” في الصباح ذهبنا بها الى المستشفى ولكن حالتها كانت قد استاءت وتم معاينتها بالمستشفى وإحالتها الى مستشفى المحافظة نظراً لتوفر غرفة عناية مركزة ومن ثم أدخلت صفاء العناية وفارقت الحياة بعد يومين ” .

” وفاة امرأة كل ساعتين”

تأتي هذه المعاناة في الوقت الذي كشفت فيه التقارير الأممية أن امرأة تموت كل ساعتين في اليمن؛ بسبب مضاعفات الحمل والولادة، ناهيك عن مخاطر الإصابة والعدوى والإعاقة.

ويذكر التقرير الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، الشهر المنصرم، أن “20 امرأة أخرى في اليمن تعاني من الإصابات أو العدوى أو الإعاقة التي يمكن الوقاية منها نتيجة مضاعفات الحمل والولادة أيضا”.

وأكد التقرير الأممي أن “هذا هو الواقع الذي تواجهه حوالي 6 ملايين امرأة ومراهقة في سن الإنجاب في اليمن”.

وبحسب فهمية الفتيح من صندوق الأمم المتحدة للسكان باليمن انه تم تسجيل 1208 حالة تسمم حمل خلال الفترة من مارس وحتى نوفمبر 2020م وفقاً والبلاغات الواردة من بعض المرافق الصحية “.

” تهديد ”

وترى الإخصائية النفسية “أشواق” ان المرأة اليمنية ستظل تعاني مرارة الحرب والنزوح، ومضاعفات الحمل والولادة والذي بات خطرا يهدد الحوامل اليمنيات، خصوصا في ظل تفشي انتشار فيروس كورونا، وانهيار المنظومة الصحية في البلاد، أضافة الى عدم توفر مراكز ووحدات صحية بكادر نسائي متكامل في الأرياف ناهيك عن عدم وجودها في بعض المناطق والقرى الريفية بالإضافة الى إهمال بعض الأسر في مباشرة الحالة ونقلها الى المستشفى”.

إغلاق