أخبار العالم

هل تنجح إيران في إخماد الاحتجاجات بـ”سلاح” الإنترنت”؟

ريبون / وكالات

لا تزال إيران معزولة عن العالم بسبب حجب السلطات للإنترنت منذ انطلاق احتجاجات منددة بارتفاع أسعار الوقود في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، وسط أزمة اقتصادية كبيرة تشهدها البلاد. ولم يتضح بعد، بسبب ذلك، الحجم الفعلي للمظاهرات والعدد الحقيقي لضحايا تدخل قوات الأمن. فهل ستتنجح طهران في إخماد الاحتجاجات بـ”سلاح” الإنترنت؟

بعد أيام من اندلاع مظاهرات دامية في إيران الجمعة 15نوفمبر/تشرين الثاني 2019 إثرالإعلان عن رفع سعر الوقود بما يصل إلى 200 بالمئة، أعلنت الحكومة الإيرانية أنها ستعيد الإنترنت إلى البلاد فقط عندما تتأكد من “عدم إساءة استخدام الشبكة”.

وأقر المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي وفق ما أوردته وكالة “إسنا”، أن”العديد من الشركات والمصارف واجهت مشكلات ونحن نحاول التوصل لحل”، مضيفا أن اتصالات الإنترنت ستعود تدريجيا في بعض المحافظات عندما تكون هناك ضمانات بعدم إساءة استخدامها. وتابع “نتفهم أن الناس واجهوا صعوبات، لكن الهم الأكبر في الظروف الحالية هو الحفاظ على سلام واستقرار البلاد”.

كما ذكر ربيعي أن قرار حجب خدمة الإنترنت اتُّخذ من قبل مجلس الأمن القومي الإيراني.

وبسبب القيود على الإنترنت، لم يتضح بعد الحجم الفعلي للمظاهرات والعدد الحقيقي لضحايا تدخل قوات الأمن. فقد تسبب حجب الإنترنت في وقف تشارك الفيديوهات والصور التي توثق للمظاهرات ولأعمال العنف التي رافقتها على منصات التواصل الاجتماعي.

وذكر موقع “نت بلوكس”، المختص في الأمن الرقمي، والذي يراقب حركة الإنترنت حول العالم، أن اتصالات الإنترنت في إيران كانت الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 عند نسبة 4 بالمئة مقارنة بالمستويات العادية. وكتب الموقع على تويتر “بعد 65 ساعة على فرض إيران حجبا شبه نهائي للإنترنت، يجري الآن قطع بعض الشبكات القليلة المتبقية”.

من جهته، ذكر موقع “وايرد” المتخصص في مجال التكنولوجيا والأعمال والابتكارات الحديثة، أن النظام الإيراني ركز بشكل متزايد منذ العقد الماضي على بناء شبكة إنترنت وطنية مركزية، تتيح لها تزويد المواطنين بخدمات الويب مع مراقبة جميع المحتويات على الشبكة والحد من المعلومات من مصادر خارجية، معتمدا على أحدث التقنيات التكنولوجية لفرض الرقابة على مستعملي الإنترنت وحجب الشبكة نهائيا عند حاجته لذلك.

وأكد مدير مجموعة تتبع الاتصال “نت بلوكس”، أن الأمر استغرق حوالي 24 ساعة من السلطات الإيرانية لمنع حركة الإنترنت الداخلية والخارجية في البلاد تماما.

وأضاف أن تباطؤ الإنترنت في إيران في الفترة التي سبقت الانقطاع الكامل، هو نتيجة لعمل شركات الاتصالات بأوامر من الحكومة، وذلك لتعطيل أساسيات أنظمة الحماية التي وضعتها الشركات نفسها.

تنديد دولي بقطع الإنترنت

وفي ظل التعتيم الإعلامي وصعوبة الحصول على معلومات دقيقة عن الأحداث الأخيرة، عبرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء أنباء عن انتهاكات السلطات الإيرانية المعايير الدولية لفض الاحتجاجات.

ويرى أدريان شهباز، مدير الأبحاث في مجموعة “فريدوم هاوس” المؤيدة للديمقراطية، التي تتعقب الرقابة على الإنترنت في جميع أنحاء العالم، أن حجب الإنترنت عن 80 مليون مواطن “هو أوسع إغلاق للإنترنت رأيناه في إيران”.

وأضاف “من المفاجئ أن نرى السلطات الإيرانية تحظر جميع اتصالات الإنترنت بدلا من حظر الدولية فقط. وقد يعني ذلك أنهم “أكثر خوفا من شعوبهم، ويخشون من أنهم لا يستطيعون التحكم في حيز المعلومات وسط هذه الاحتجاجات”.

ومن جهته، ندد مكتب المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بعملية إغلاق الإنترنت واعتبر الرقابة انتهاكا لحقوق الإنسان. ودعا المتحدث باسم مكتبه، روبرت كولفيل، السلطات في إيران إلى إعادة خدمة الإنترنت المقطوعة منذ السبت الماضي، واحترام حق المتظاهرين في حرية التعبير والتجمع السلمي.

وقال: إن “المكتب وصلته تقارير عن أن عدد القتلى في مظاهرات إيران بالعشرات، حجم الضحايا خطير للغاية على نحو واضح”. وأضاف “نشعر بالقلق خصوصا من أن استخدام الذخيرة الحية تسبب كما يعتقد بعدد كبير من الوفيات في أنحاء البلاد”.

وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أنه “وفقا لتقارير موثوقة فإن 106 متظاهرين على الأقل قتلوا في 21 مدينة”، مضيفة أن “حصيلة القتلى الحقيقية ربما تكون أعلى من ذلك بكثير، إذ تشير بعض التقارير إلى مقتل نحو 200 متظاهر”.

وذكرت المنظمة أن قوات الأمن تلقت “ضوءا أخضر لقمع” المظاهرات، التي اندلعت الجمعة وامتدت إلى أكثر من 100 مدينة في أرجاء إيران.

ودعا مدير المنظمة فيليب لوثر السلطات الإيرانية إلى “إنهاء هذا القمع الوحشي والدامي فورا”. واستند تقرير المنظمة إلى “تسجيلات فيديو تم التحقق من صحتها، وأقوال شهود عيان على الأرض، ومعلومات” من نشطاء حقوقيين من خارج إيران.

ونادت المنظمة السلطات بضرورة “رفع الإغلاق شبه التام للإنترنت الذي يهدف إلى تقييد خروج المعلومات حول حملة القمع إلى العالم الخارجي”. وحضت “السلطات الإيرانية وقوات الأمن على تجنب استخدام القوة لفض تجمعات سلمية”.

هل تنجح إيران في إخماد الاحتجاجات؟

وفي خطاب بثه التلفزيون الرسمي الأربعاء، أكد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أنه “تم دحر العدوّ” وأن إيران “فرضت التقهقر على العدو في ميادين الحرب العسكرية والسياسية والأمنية”. وأكد خامنئي “دحرنا العدو خلال الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة”، مشيرا إلى أن الاضطرابات التي شهدتها البلاد لم تكن ناتجة عن حراك شعبي.

ومن جهته، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران “خرجت منتصرة وموحدة من الاضطرابات التي شهدتها في الأيام الأخيرة، ونجحت في إفشال مخططات العدو وإحباط مؤامرات أولئك الذين فرضوا العقوبات القصوى في السنتين الأخيرتين”.

ويرى بعض الإيرانيين أن قطع الإنترنت يعطل مصالحهم ويعيق تقدمهم في كل المجالات. بينما يرى البعض الآخر أن حجب الإنترت هدفه الأساسي “منع تداول الأخبار داخليا وخارجيا وهو دكتاتورية محضة سيسجلها التاريخ”.

وبسبب قطع الإنترنت، يتكبد الاقتصاد الإيراني خسائر تقدر يوميا بـ370 مليون دولار وفق “نت بلوكس”، ما دفع بعض النواب في البرلمان إلى المطالبة بتفعيل الشبكة مجددا وفي أقرب وقت ممكن، علما أن ذلك لم “يمنع الإيرانيين من الاستمرار في الاحتجاج حتى يومنا هذا”، حسب تصريح يوسف ياسين عزيزي عضو اتحاد الكتاب والصحافيين الإيرانيين لفرانس24.

وللفت انتباه العالم لما يحدث داخل بلادهم، أطلق نشطاء إيرانيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر وسم “#internet4iran ” و”#Iranproteste” للفت أنظار العالم إلى حجب خدمة الإنترنت في بلادهم.

إغلاق