أخبار العالم

المشير خليفة حفتر .. من المنفى الأمريكي إلى الرجل القوي في الشرق

ريبون / وكالات

قدم خليفة حفتر الثلاثاء رسميا ترشيحه للانتخابات الرئاسية الليبية المقرر تنظيمها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وعاد حفتر في 2011 إلى بلاده في أوج الانتفاضة ضد معمر القذافي بعد 20 عاما من المنفى في الولايات المتحدة، ليستقر في بنغازي. وخاض حفتر حربا ضد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس لكنه فشل في السيطرة عليها. ويعتبر الرجل القوي في الشرق رقما أساسيا في المعادلة السياسية الليبية. ويرى محللون أنه من المرشحين البارزين لرئاسة البلاد في المرحلة المقبلة على الرغم من الانتقادات التي توجه له. فمن هو حفتر؟

إعلان الرجل القوي في الشرق الليبي المشير خليفة حفتر الثلاثاء ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية الليبية المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول، لم يكن مفاجئا بل كان منتظرا من الرفيق السابق للقذافي، الذي فشل في السيطرة على البلاد بقوة السلاح بسبب حربه ضد حكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة فايز السراج، ويحاول اليوم الوصول للسلطة عبر بوابتها الشرعية، أي الانتخابات.

ويعرف الرجل صاحب الملامح العابسة والشعر الأبيض بتقشفه في الكلام، لكنه يحب الإدلاء بتصريحات مدوية.

وبعيدا عن اللغة العسكرية، استخدم حفتر(77 عاما) في كلمته بالمناسبة لكافة الليبيين أسلوبا سياسيا يحمل بعض الوعود. وقال فيها: “إذا قدر لنا أن نتولى الرئاسة بإرادتكم الحرة، فإن عقلنا مليء بأفكار لا تنضب ولنا أعوان من رجال الوطن ونسائه قادرون على إنجاز ما يستجيب لأحلامكم في تحقيق النهضة والتقدم”.

وكان حفتر قد وعد خلال تجمع كبير ببناء “ثلاث مدن جديدة” في محيط بنغازي كبرى مدن الشرق مع تشييد آلاف المساكن لعائلات “الشهداء” الذين سقطوا في القتال، إلا أنه لم يقدم تفاصيل معينة عن هذه المشاريع الكبرى.

ودعا معبئا مناصريه للتصويت إليه في انتخابات ديسمبر/كانون الأول “إلى ممارسة دوركم بأعلى درجات الوعي والمسؤولية وتوجيه أصواتكم حيث يجب أن تكون لنبدأ معا رحلة المصالحة”، وهي إحدى أبرز المهام التي تنتظر الرئيس المقبل، وستكون محل نقاش بينه وبين منافسيه على الرئاسة نظرا لدورها المحوري في طي صفحة أليمة من التاريخ الليبي. لكن لا يبدو أن حفتر مؤهل لهذه المهمة حسب محللين بسبب ماضيه في الحرب الداخلية الليبية.

من هو حفتر؟

يعد حفتر ثاني مرشح رسمي للانتخابات الرئاسية الليبية بعد سيف الإسلام القذافي الملاحق قضائيا في بلاده ومن المحكمة الجنائية الدولية، والذي أعلن الأحد ترشحه رسميا كذلك.

تخرج حفتر من الأكاديمية العسكرية ببنغازي وتدرب في الاتحاد السوفياتي سابقا. شارك في انقلاب 1969 الذي أطاح بالملك إدريس السنوسي في ليبيا وحمل معمر القذافي إلى السلطة.

تم أسره من قبل القوات التشادية خلال الحرب الليبية التشادية (1978-1987) حيث كان على رأس وحدة عسكرية. وتخلت عنه حينها القيادة الليبية، وقالت إنه لا يتبع جيشها.

تمكن الأمريكيون من تحريره في عملية أثيرت حولها الكثير من الأسئلة. ومنحته واشنطن اللجوء السياسي، فانضم إلى حركة المعارضة الليبية في الخارج.

وبعد عشرين عاما في المنفى عاد حفتر إلى بنغازي في مارس/آذار 2011 بعيد اندلاع الانتفاضة التي أطاحت بنظام القذافي. وعين قائدا لسلاح البر من قبل “المجلس الوطني الانتقالي” الذراع السياسي للثوار السابقين. وأصبح تحت إمرته الكثير من الضباط السابقين الذين انشقوا عن نظام القذافي.

حفتر القائد العسكري

قاد حفتر عدة معارك عسكرية ضد مجموعات تابعة للقذافي أولا، وبعدها ضد مجموعات جهادية. في 2019، أمر مقاتليه بغزو طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق السابقة المعترف بها من الأمم المتحدة. وصُدَّت قواته في يونيو/حزيران 2020 من المقاتلين الموالين للحكومة بدعم عسكري من تركيا.

وقدم العسكري المخضرم نفسه وقتها على أنه “منقذ” ليبيا، واصفا معاديه بـ”الإرهابيين” و”المرتزقة”. لكن خصومه يتهمونه بالسعي لإقامة دكتاتورية عسكرية في البلد النفطي الذي يعيش حالة من الفوضى منذ 2011، ويُرجعون نجاحه العسكري إلى الدعم غير المعلن الذي تلقاه من دول أجنبية، مثل الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا.

بعد فشله في السيطرة على العاصمة، حصل حوار بين الفرقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة أفضى إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر 2020، ثم تشكيل حكومة مكلفة بقيادة المرحلة الانتقالية في آذار/مارس 2021، وإقرار إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 كانون الأول/ديسمبر. ثم فصل الموعدان في وقت لاحق.

حفتر يفقد الكثير من شعبيته في معقله

فقد حفتر الكثير من شعبيته في معقله في المدة الأخيرة، خاصة عقب فشله في حربه ضد قوات حكومة الوفاق الوطني السابقة على الرغم من دعم العديد من الدول له، وتناقصت هذه الشعبية كثيرا وسط العشائر التي شكلت رقما مهما في شرعيته على رأس المنطقة بسبب فقدان العديد من أبنائها في حرب اعتبرتها مجانية.

المحلل السياسي الليبي محمود خلف الله أكد ذلك في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، واعتبر أن حفتر “فقد قاعدته الشعبية” في برقة، القسم الشرقي من البلاد، حيث لا يزال النظام العشائري مهما، لأنه “لم يعد يحظى بدعم العشائر المطلق، التي تتهمه بزج أبنائها في حرب قتل فيها كثيرون دون فائدة”. كما أن دولا سحبت دعمها له.

ويشير خلف الله إلى أن داعمي حفتر الأجانب الذين لم يترددوا في استقباله بحفاوة، باتوا الآن يتجنبون الظهور إلى جانبه.

الدخول في مسار سياسي

أمام هذه الأجواء، لم يكن أمام حفتر إلا قبول الدخول في مسار سياسي رعت بناءه الأمم المتحدة بعد توقيع اتفاق إطلاق. وفي تعليق على هذا التحول في النظرة للمستقبل لدى حفتر، يقول محمود خلف الله: إن أنصاره “أدركوا أن الحل الوحيد الممكن سياسي”، وإلا فإنهم سيجازفون “بمصالحهم في ليبيا”.

لكن حفتر حقق نجاحات عسكرية ميدانية في ليبيا ضد الإرهاب، مكنت البلاد من التخلص من ميلشيات متطرفة في بنغازي مثلا، ولربما هذا الأمر ساعده على كسب ود ودعم عدد من الدول في سياق حربها على الجماعات المتطرفة، خاصة من الجانب المصري الذي كان يخشى من تحول المنطقة الحدودية إلى مرتع للمتطرفين.

ويعد حفتر من “المرشحين الأقوياء للانتخابات الرئاسية الليبية استفاد من قوانين الانتخاب الحالية التي تسمح له بتجاوز مسألة الجنسية (حامل للجنسية الأمريكية)، وأنه عسكري مازال في الخدمة”، حسب توضيحات المحلل السياسي إبراهيم بلقاسم أدلى بها لفرانس24، والذي يرى أن حفتر من الأسماء “الأكثر قربا” لرئاسة البلاد. لكن قبل ذلك سيكون عليه إقناع غالبية الليبيين في جميع المناطق بالقبول به كمرشح والتصويت له.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات الليبية خالد المنتصر لوكالة الأنباء الفرنسية: “صحيح أنه فرض نفسه في المعادلة السياسية، لكن يظل شخصية جدلية مرفوضة من طيف كبير من غرب وجنوب البلاد، وبالتالي لا يمكن ضمان قبول عملية انتخابية تصل به إلى السلطة”.

إغلاق