كتابات

“ثقافة العيب”.. ‏ومتى نصحح المعلومات المغلوطة لهذه الافه لنتخلص منها؟؟

ريبون نيوز /شبوة

شبوة(ريبون نيوز)علي محمد باحاج

 

 

 

 

مايزال المجتمع اليمني يعاني من جور ما يسمى ‘ ثقافة العيب ‘ وخاصة في مجال قبول العمل في بعض المهن والحرف او حتى الاعمال التي تعتبر ميدانية مقابل تفضيلهم للأعمال المكتبية حتى وان كانت لا تدر عليهم الحد الادنى من الدخل للعيش الكريم والذي يمكن الشاب من الاقبال على الزواج وتأسيس اسرة وتطوير نفسه في المجتمع وذالك بسبب المعلومات المغلوطه عن هذه المهن والحرف

 

وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي نعيشها في البلاد، الا ان ثقافة العيب ما زالت متجذرة فينا وبين شبابنا الذين يرفضون الكثير من الاعمال والمهن التي تعتبر خطوطاً حمر أمام الباحثين عن العمل من المواطنين استنادا لهذه الثقافة الدخيلة على ديننا الحنيف وموروثنا الحضاري على السواء.

 

ويرجع السبب الحقيقي في تفشي هذه الافة بتحقير بعض المهن إلى الجهل المجتمعي وغياب الوعي الثقافي وضعف الوازع الديني، خصوصاً عند رفض فئة من الشباب فكرة العمل في مهن يقابل اصحابها من المجتمع بكثير من الازدراء والتحقير ك (الباعة المتجولين والحلاقين والجزارين و الحدادين) وغيرهم، أو بأي عمل لا يتناسب مع البيئة التي يعيشون بها.

 

وما زالت آثار هذه الثقافة تؤثر بشكل كبير في بعض أسر وتشكل لديها هاجساً كبيراً، بل أصبح العيب في بعض المناطق بمنزلة الممنوع إن لم يكن أشد، فأوجد مجتمعات تضع حسباناً للعيب خوفاً من الناس، وأصبح صاحب المهنة لا يورث أبناءه مهنته، خوفاً من أن يعانوا ما عاناه من نظرة المجتمع له، وعدم تقديرهم له في مجاله.

 

ولهذا نرئ الكثير من الشباب يُفضل البقاء في المنزل على فكرة أن يعمل بائعاً أو حارساً أو سائقاً او بأي مهنة اخرى قد تؤدي إلى التقليل من شأنهم الاجتماعي أمام أصدقائهم والناس المحيطين به، ويفضلون البطالة على الالتحاق بهذه المهن حتى تتوفر لهم الوظيفة المناسبة التي يرونها مقبولة اجتماعياً.

 

وهكذا تحولت “ثقافة العيب” التي أسهمت بعض التقاليد البالية المتوارثة منذ عقود في بقائها، الى ظاهرة تحول دون النهوض والتقدم والرقي في كثير من مجتمعاتنا العربية ومن ضمنها اليمن، التي اصبح كثير من شبابها يرفض الانخراط في اعمال يعتبرون انها غير مقبولة اجتماعيا وغير لائقة لهم.

 

وقد نتج عن هذه الثقافة الكثير من السلبية التي اثرت سلبياً على القطاع الاقتصادي والمعيشي للأسر والفراد والمجتمع ، من أهمها ارتفاع نسبة الزيادة في مُعدّل البطالة بين فئات الشباب القادرين على العمل وقلة عدد الأيدي العاملة في المهن الحرفية، والإنتاجية، إضافة الى حدوث فائض في وظائف مُعيّنة، مع وجود عجز في وظائف أخرى.

 

و أصبحت “ثقافة العيب” اليوم من أكثر الظواهر السلبية التي تقف عائقاً أمام الشباب اليمني في البحث عن لقمة العيش الشريفة، وعبئا اجتماعيا يفاقم معدلات البطالة ويخفض من فرص حصولهم على كسب وعيش كريم ، و”ثقافة العيب” – مع الأسف – بعيدة كل البعد عن مبادئ الدِين وتعليماته وتوجيهاته.

 

ان ديننا الحنيف رغب وحبب كل المهن والأعمال والحرف والوظائف إلى الناس وكل الاديان السماوية تحث على العمل والبحث عن الرزق لتجنب البطالة والعوز الامر الذي ينعكس ايجابا على الاسرة والمجتمع بأكمله ويسهم في تطوير الحياة الاقتصادية وينمي التكافل والتعاون المجتمعي .

 

ولتحقيق هذه الغايات الشريفة، مَجَّد الإسلام حرفًا كانوا ينظرون إليها نظرةً فيها كثير من الازدراء والتحقير مثل رعي الغنم فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنها كانت مهنة الأنبياء فيقول في حديثه الشريف: “ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم قالوا – وأنت يارسول الله؟ قال نعم.. كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة”.

 

وعمل الأنبياء ، والرسل بمهن ، وحرَف ، ووظائف مختلفة ، فكان لكل نبي حرفة يعمل فيها ويعيش منها مع عظم مسؤولياته، فكان سيدنا – إدريس –خياطاً يكسب بعمل يده، وداؤود كان حدادًا وكان نوح عليه السلام نجارًا، وزكريا عليه السلام، وإبراهيم كانت عنده الجمال والخيل والأغنام، وموسى عليه السلام أجيرًا عند رجل يعمل في رعي الغنم.

 

وحثَّ الإسلام على الاحتراف والعمل، ورغَّب فيه، وصغَّر مِن شأن مَن يتهاون به، أو يحتقره أو يزَّهِدُ فيه؛ فعَن الزُّبير بن العوَّام – رضي الله عنه – عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((لَأَنْ يأخذَ أحدُكم حَبلَه، فيأتيَ بحُزمة الحَطبِ على ظهره فيبيعَها، فيَكُفُّ اللهُ بها وَجهَه، خيرٌ له من أن يسأل الناس، أَعطَوْه أو منعُوه))؛ متفق عليه.

 

وكان الصَّحابة الكِرام من المهاجرين والأنصار يعملون في أمرِ معاشهم، وأصحابَ مِهن وحِرَف؛ فمنهم اللَّحَّام والجزَّار والبزَّاز والحدَّاد، والخيَّاط والنَّسَّاج والنَّجَّار والحجَّام، وقد احترف التجارةَ منهم ناسٌ برًّا وبحرًا؛ عملاً بقوله – سبحانه -: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]

وكما أن الإسلام دعا الرجل للعمل رغَّب المرأة فيه كذلك ولها أن تمارسه في أي مكان مادامت محافظةً على وقارها ملتزمةً بالحشمة غير جالبة ضررًا خلقيًا أو اجتماعيًا لأسرتها؛ وفي هذا تقول: السيدة عائشة – رضي الله عنها – عن المرأة التي تعمل وتمارس نشاط الإنتاج “المغزل في يد المرأة أحسن من الرمح بيد المجاهد في سبيل الله”، جاء ذلك في كتاب “العقد الفريد” لابن عبد ربه الجزء الثاني.

 

والعمل هو وسيلةٌ لكسب الرِّزق من كدِّ اليد، وهو خير مِن سؤال الناس، ومع إجادة المِهنة يصون المسلم نفسَه عن سؤال الناس، ولا ينبغي لأحدٍ الاستهانةُ بالعمل أو العمَّال، فهؤلاء يكسبون رِزقَهم من عمل أيديهم، وذلك أفضلُ، وقد سُئل رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – عن أطيب الكسب؟ فقال: ((عملُ الرَّجُلِ بيده، وكلُّ بيع مبرور))؛ رواه الحاكم.

 

ولهذا فإنّ واجبنا اليوم هو محاربة النظرة السلبية للمهن، وللعاملين بها، والذي يُعتبر سبباً مهماً من أسباب انتشار وظهور ثقافة العيب ، فظروفنا الاقتصادية والمعيشية تلزمنا ان نتخطى هذه الافة المرفوضة اخلاقيا وانسانيا ودينيا فاين العيب من العمل كحلاقين او جزارين او حدادين او في غيرها من المهن

إغلاق