كتابات

ماذا بعد حادثة مديرية مرخة في شبوة ياترى ؟

لقد استبشرنا باتفاف السويد لوقف اطلاق  النار  الذي تم بين الإنقلابيين الحوثيين والشرعية  في ديسمبر من العام الماضي تحت الرعاية الأممية ،  وبجهود المبعوث الأممي  مارتن غريفيت  ، لعلّه يضع نهاية لحرب تدخل عامها الرابع ، تسببت في خلق كارثة إنسانية  لشعب فقير  لم يشهد التاريخ  لها مثيلا ً ، كما جلبت تدخلات أقليمية ودولية ، وضعت اليمن تحت الوصاية الأقليمية والدولية ، ولكن تخوفنا  من أن  توجََّه  بوصلة الحرب جنوباً قائم ومشروع  ،  على الرغم  من أنّ جبهات  الحرب التي كانت ساخنة ، هي تلك التي يقاتل فيها الجنوبيون ، جبهة الساحل الغربي والحديدة ، وجبهة صعدة ، أما باقي الجبهات  ، تشهد هدوءاً ، وهذا التخوف له مايبرره ، حيث  سيتم بالتأكيد بعث الحياة إلى  الخلايا  الإرهابية  النائمة  في الجنوب من قبل قوى الشر والعدوان ، أتباع  شعار الوحدة  أو الموت ،   التي تَسْتَخدمها لأهداف سياسية ، لإرباك الأوضاع في المناطق الجنوبية  المحررة ، تحت غطاء القاعدة وداعش ، على أمل العودة  لإحتلالها  ،  وبالفعل بدأت  ملامح هذا المخطط  الإجرامي  واضحة ،   شاهدنا بدايته في مديرية الشحر ، مجهولون يفجرون قنبلة صوتيية أمام مركز أمني ، ثُمَّ  يُتْبِعُونها  بتفجير عبوة ناسفة في حشد من المواطنين الذين تجمعوا لمشاهدة  الحادثة ،  تؤدي هذه الحادثة إلى  سقوط عشرات الجرحى  ومقتل طفل وشاب في العشرينات ،  وبعدها بأيام تتم محاولة تفجير الموقف عسكريا في محافظة شبوة من خلال  افتعال  مواجهات مع قوات النخبة الشبوانية  مع سادة قرية الهجر  مديرية  مرخة ، عند قدومها لإلقاء القبض على مطلوبين من أبنائها بتهم الإرهاب ،  وتحرك قوة  من محور مأرب   بيحان ، ليس في إتجاه صنعاء لتحريرها من الإنقلابيين ،وإنما في إتجاه شبوة  للسيطرة على منابع النفط والغاز ، وهذا هو الهدف العدواني  الذي آُنْشِئَ من أجله هذا المحور ،  وفي نفس الوقت تهاجم قوات المنطقة العسكرية الأولى  وكراً للإرهاب  في منطقة مُنْخُر الذي  يقع غرب منطقة القطن ، وتصادف هذه الحادثة تواجد وفد من الوجاهات السياسية والإجتماعية  والقبلية من وادي حضرموت  في مدينة المكلا لمقابلة المحافظ ، لمطالبته بوضع معالجات  لحالة الفلتان الأمني الذي يشهدها الوادي منذ فترة طويلة ،  والتي أنعكست  في إزدياد حالات القتل والتقطع  والإغتيالات لمنتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية ، وخاصة قوات النخبة الحضرمية التي صارت هدفاً  للأرهابيين، وكذلك تعرض كثير من المواطنين  للقتل إما لثأر أو من أجل التقطع والسرقة من دون أن تجد هذه الجرائم من يردعها على الرغم من كثافة القوات  العسكرية والأمنية وخاصة قوات المنطقة العسكرية الأولى التي تنتشر نقاطها في كل مناطق الوادي . .

ويأتي استهداف طائرة  حوثية مُسَيّرة منصة الإحتفال في قاعدة العند الجنوبية  الخميس  العاشر من يناير 2019 م ، حيث يتواجد قادة عسكريون كبار  ومن ضمنهم  رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الوطني ، ليحمل مؤشرات  ودلائل  على درجة كبيرة من الخطورة والتحدي  والتهديد يمكن ابرازها في الٱتي :

– إصابة الهدف في العمق ووصولها إليه  بهذه السهولة والدقة وسقوط  عدد من القتلى والجرحى  ،ومن بينهم  قادة عسكريون كبار ، يضع  أكثر من استفسار  وأكثر من سوال حول الجهة  التي قدمت  المساعدة ، وكيف تمكنت هذه الطائرة  من  الوصول إلى هدفها  من دون أن يكتشفها أحد  ويعترض سبيلها .

-تؤكد هذه الحادثة إن الجنوب في خطر ، وإن رموزه العسكرية ستظل هدفاً حتى  لو أرتدت  ثوب الشرعية  أكان ذلك  بواسطة  الطائرات المسيرة أو الدراجات النارية أو من خلال العبوات الناسفة

-تشير هذه الحادثة  على اصرار الحوثيين  على السير  على نهج الحرب ، وما اتفاق السويد إلا فرصة بالنسبة لهم  لإلتقاط الأنفاس ، والهروب من هزيمة  محققة كانت ستنزل بهم   على أيدي قوات العمالقة الجنوبية  في الحديدة ، هذه المدينة الحيوية التي عبر مينائها يأتيهم الدعم  من إيران وحزب الله .

– تؤكد هذه الحادثة مدى هشاشة الإحتياطات  الأمنية وضعفها في  قاعدة العند ، أين الدفاعات الجوية ، أين الرادارات ، أين طائرات التحالف  ، في عهد العملاق الحزب  الإشتراكي ، كان الغراب والطائر يحسبان  ألف حساب  عندما يطيران فوق هذه  القاعدة  ، كيف لهذه الطائرة أن تخترق أجواء القاعدة  وتنفجر في وسط المنصة من دون التصدي  لها    .

–  شكلت  هذه  الحادثة انتكاسة خطيرة  للقائمين على هذه القاعدة من الجنوبين وللشرعية ونصراًً عسكريا ومعنويا للإنقلابيين الحوثيين  الذين كانت قواتهم ومعنوياتهم  في حالة إنهيار لولا التدخل الدولي .

الغريب جدا أنّ الشرعية وإعلامها وتلك القنوات المحسوب  على الأخوان ، ومعهم الإنقلابيون قد انسجمت مواقفهم وتطابقت في تداولهم أحداث شبوة ومواجهات قوات النخبة الشبوانية مع القاعدة في قرية الهجر مديرية مرخة ، حيث أبدوا تعاطفهم  مع الإرهابيين  وانحيازهم بشكل سافر  ، وأعلن وزير داخلية الشرعية عن تشكيل لجنة تحقيق  في هذه الأحداث ، بينما  موقف السلطة الشرعية وإعلامها ، لايرتقي إلى مستوى  الخطورة والتحدي التي مثلتها حادثة المنصة ، ولم نسمع أنه تم تشكيل لجنة تحقيق لا من قبل رئيس الجمهورية ولا من قبل وزير الدفاع ، لا نعرف لماذ ؟ هل لأن معظم ّ الضحايا  جنوبيون ، وأن هذه الحادثة حصلت في أرض الجنوب  ، وهنا تأتي مسؤلية  المجلس الإنتقالي لتشكيل لجنة   تحقيق  محايدة لإطلاع الرأي العام على ملابسات هذه الحادثة   وحقيقة ماجرى ، ويجب أن لا تمر هذه  الحادثة مرور الكرام .

سيؤن / حضرموت

الإستاذ / فرج عوض طاحس

السبت 12/1/2019

إغلاق