تقارير وتحقيقات
العسل محصول نقدي.. وحضرموت الأكثر إنتاجا .. والعسل الدوعني أكثر شهرة .. ووادي حضرموت أفضل المراعي
ريبون / تقرير / خاص / خالد بلحاج
وسط مدينة القطن بمحافظة حضرموت الوادي والصحراء يقع مقهى احمد ناصر بن علي الحاج وهو مقهى شعبي قديم يقصده الناس لتناول كوباٌ من الشاهي أو احتساء الفول والعيش كونه يمتاز بإعداد وطهي هذه الوجبة منذ القدم ‘ كما يقصده البعض منهم للتسوق وعرض الأشياء القديمة من الأسلحة والسلاح الأبيض والساعات وكثير من الأشياء التي اعتاد الناس من رواد المقهى على بيعها وشراؤها ‘ ومنذ ما يقارب ثلاثين عام ازدادت رقعة ألتجاره في هذا المقهى وأصبح ملتقى وسوق شعبي كبير لبيع وشراء منتجات النحل من العسل ‘ حيث يرتاده تجار العسل ومربي النحل من كل حدب وصوب من كافة مناطق الجمهورية لبيع منتجاتهم من العسل بعد الجني والقطاف أي ما يسمى بالدباسة أي في شهر أكتوبر ونوفمبر من كل عام, بعد مضي عام من العناء والمشقة والتنقل من مكان لآخر للبحث عن مراعي لنحلهم علهم بعد ذلك وحين القطاف يحصلوا على ثمار ذلك العناء فتجدهم في هذا السوق الكل يعرض منتجاته فمنهم يفترش الأرض وأمامه دبب وعلب العسل ومنهم على متن سيارته والبعض الآخر داخل محلاتهم ألتجارية التي تقع بجانب المقهى ‘ نحن بدورنا تجولنا داخل ذلك السوق وسط زحام كبير من الباعة والسيارات والمتسوقين فوجدناهم مشغولين بتسويق عسلهم على شكل علب قصدير أو عبوات بلاستيكية حجم 5لتر يعرفون الشخص من بداية حديثه هل نيته الشراء ام الفضول مثلي اما الزبائن فيتجولون بينهم تارة يقومون بالاكتفاء بالنظر الى العسل وشم رائحته في حال رغبتهم بالشراء ويقومون بإدخال سبابة أصابعهم في أعلى العبوة لا خراج جزء بسيط لتذوقه.
” قيمة عالية”
يقول تاجر العسل دويل محمد بن مرتع: بأن أسعار العسل ارتفعت هذا الموسم مقارنة بالموسم السابق فقد بلغ سعر العسل العالي الجودة ( البغية ) الدبة عبوة بلاستيك سعة خمسة لتر حوالي ( 500000) ألف ريال يمني بما يعادل الفين ومائتين ريال سعودي) وعلبة القصدير 85 ألف وأدناها 50 ألف ويباع الكيلو ( البغية ) الصنف الممتاز بستين ألف ريال منوهاً : بأن سوق العسل في مدينة القطن الذي يعد أكبر أسواق حضرموت للعسل ويتوافد إليه النحالون والمهتمون بتجارة العسل وتربية النحل يستقبل سنوياً نحالون من مختلف مناطق ووديان وهضاب وصحراء حضرموت ومن محافظات شبوة وأبين وصعده وإب يعتمدون على تربية النحل في مناطق مختلفة من حضرموت وتجار من صنعاء وتعز ومنطقة الشرورة بالمملكة العربية السعودية .
” غش”
وحذر التاجر بن مرتع من ممارسات بعض ضعفاء النفوس من أساليب الغش يقوم بها عدد من المشتغلين بهذه المهنة من شأنها تهديد سمعة العسل اليمني وشهرته العالمية .. وأضاف : طالبنا مراراً وتكراراً بضرورة الإسراع في إصدار تشريعات وضوابط لحماية العسل ومنع استيراد طوائف النحل من الخارج للحفاظ على سلالة النحل اليمني ومراقبة وضبط مروجي العسل المغشوش ومحاسبتهم للحفاظ على جودة العسل الحضرمي واليمني وشهرته العالمية ، حيث أن أساليب الغش يكون ضحيتها النحال والبائع والمشتري ، وكثير يشتكون من تكرار الغش وخاصة الزبون مما يجعلنا نعتمد على خبرتنا في الشراء أو ثقة ومعرفة سابقة بالنحالين والأفضل القيام بالفحص في مختبر العسل يسيئون .
خطورة”
وكشف مهتمون ومختصون في تجارة العسل أن أخطر أساليب الغش التي تهدد سمعة العسل اليمني هو قيام بعض التجار باستيراد عسل من الخارج خصوصاً من أثيوبيا والصين واستراليا وباكستان وإعادة بيعه وتصديره على أنه عسل يمني ..
وكان مجلس الوزراء قد أصدر في العام 2003م قراراً اعتبر فيه العسل ضمن المحاصيل الاستراتيجية الخمسة وحث على الاهتمام بتنميته وتطويره.
” حضرموت أكثر إنتاج ”
بلغ إنتاج اليمن من العسل خلال العام المنصرم نحو (5000) طناً بينما وصل عدد خلايا النحل إلى مليون وثلاثمائة وثمانية ألف خلية خلال العام نفسه فيما وصل عدد النحالين إلى أكثر من مائة ألف نحال ..
تشكل حضرموت ما نسبته 88 % من طوائف العسل أو الخلايا في اليمن قاطبة، في حين أن ما تصدره للخارج تصل قيمته إلى أكثر من 5 ملايين دولار، وهذا يفسر الإقبال على حضرموت من قبل النحالين اليمنيين الذين يأتون إلى المحافظة بغية رعي نحلهم، حيث تتوفر مراعي منتجة للعسل الأجود كالسدر أو السمر، وهذه هي المراعي الأفضل والأنسب في العالم لإنتاج العسل، بحسب ما أكدته دراسات أوروبية وأمريكية,
وأكدت إحصائيات وزارة الزراعة بأن محافظة حضرموت تصدرت قائمة المحافظات الأكثر إنتاجاً للعسل وتربية النحل ب( 864 ) طناً ساعد ذلك اشتهارها بإنتاج أفضل وأجود أنواع العسل في العالم ( عسل السدر ) والعسل الدوعني وعسل الظباء .. وتشتهر حضرموت بإنتاج أجود وأفضل العسل اليمني ذات الشهرة العالمية الذي بلغ سعر الكيلو جرام منه إلى حوالي مائة دولار وهو سعر لم يبلغه أي نوع من العسل في العالم.
” تصدير ”
وأشار تقرير صادر عن إدارة التسويق والتجارة بوزارة الزراعة والري ” إن السوق الخليجي هو المستقبل الأكبر من العسل اليمني الفاخر وبكميات تصل لما يقارب ( 500 ) طن سنوياً بقيمة إجمالية حوالي ( 13 مليون دولار ) في حين تصدر كميات ذات جودة عالية إلى الأسواق الأوروبية ..
” عسل دوعن ”
وبرزت شهرة العسل الدوعني كعلامة تجارية رائجة على المستوى العالمي وتعود تسميته إلى وادي دوعن والذي يمتاز بكثافة أشجار السدر وكذا يمتاز ببعض النباتات العطرية التي تنبت في مواسم مختلفة ، وتشير المصادر إلى أن شهرة العسل الدوعني ضاربة في القدم حيث كان العسل يحتل المرتبة الثالثة في اقتصاديات مملكة حضرموت خلال القرن العاشر قبل الميلاد .
“فوائد طبية”
قال الله عز وجل : (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون % ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس )) النحل ( 68و69 )
يشير باحثون إلى أن للعسل الدوعني وعسل السدر عموماً خصائص طبية حيث يستخدم في علاج القرحة والربو والالتهابات والسرطان وغيرها كما أن هناك عسل السمر والذي يستخرج من أشجار شوكيه ويستخدم في علاج أمراض الكبد والبرد وفقر الدم والملا ريا والتيفوئيد والسكر ومن فوائده أيضاً انه مقوي عام ويدخل ضمن تراكيب كثير من الأدوية والمستحضرات والوصفات الطبية والعلاجية فضلاً عن استخدامه كمطهر ومعقم.
” مواصفات”
وينفرد العسل اليمني بمواصفات نوعية تميزه عن العسل الخارجي نتيجة تكفل النحل ببناء وصنع خلايا العسل بنفسها دون تدخل الإنسان كما هو الحال في بعض الدول ، وتعد جميع أنواع العسل اليمني ذات جودة وقيمة غذائية وعلاجية جيدة.
” أفضل المراعي”
وبحسب مختصين فأن وادي حضرموت يعتبر أحد أهم مراعي النحل عالمياً نظراً لخاصية العزل النباتي الذي يمتاز به (عدم إزهار أي نبات آخر في موسم إزهار شجرة السدر) ما يمنع اختلاط العسل بمراعي أخرى تؤثر على جودته.
ويمتاز وادي حضرموت بملاءمة الجو للنحل من خلال ضآلة نسبة رطوبة الجو ما يعني عدم وجود أمراض تفتك بالنحل.
إضافة الى كثرة انتشار شجرة السدر أو ما يعرف بـ”العلب” ويتكاثر بعدد من الأودية غير أن عوامل عدة تهدد هذه الشجرة كالزحف العمراني والتصحر وتهدم السدود التي تستخدم لسقي شجرة السدر وقت انقطاع المطر.
“مشاكل”
تواجه “النحالين” في وادي حضرموت مشاكل عدة، وبحسب مختصين في تربية النحل أن الحرب التي تدور رحاها في اليمن منذ ستة أعوام أثرت بشكل سلبي للغاية على النحالين وسوق العسل أيضاً سواءً داخلياً أو خارجياً.
فمحافظة حضرموت لم تصلها الحرب بصورة مباشرة حيث ظلت بعيدةً عن الصراع والاقتتال غير أنها تأثرت كثيراً في جوانب اقتصادية وفي مقدمتها تجارة العسل.
إضافة الى ذلك ضعف المراعي الجيدة نتيجة للتهديد الذي يطال شجرة السدر والتدهور الاقتصادي أهم عاملين أثرا سلباً على تربية النحل وتجارة العسل بوادي حضرموت. وتسبب تذبذب العملة المحلية وتراجعها، في ارتفاع أسعار العسل ومستلزمات تربية النحل كارتفاع أسعار الخشب المستخدم في صنع خلايا النحل التي وصل سعرها 12 ألف ريال يمني بعد أن كانت 6 آلاف قبل الحرب.
وإن تجارة العسل تخضع للعرض والطلب التي تأثرت سلباً بعزوف كثير من الناس عن شرائه نتيجة لتدهور الوضع المعيشي في اليمن وتراجع القوة الشرائية لدى كثير من السكان الذين كانوا يقتنون هذه المنتجات.
” أضرار”
يؤكد باحثين ان شجرة “الدمس” والتي تزرع في الشوارع الرئيسية بغرض الزينة، تضر كثيراً بجودة العسل وفقا لدراسات علمية بحثية.
وأن تلك الشجرة التي تتسبب في تكوين رائحة كريهة في مادة العسل، سبق وأن صدر قرار بعدم زراعتها بوادي حضرموت غير أن القرار لم ينفذ واستمرت زراعتها.
وتكمن خطورتها في أنها تزهر في نفس وقت إزهار شجرة السدر وهو ما يجعل النحل يتغذى منه حيث يؤدي اختلاط رائحته بعسل السدر ويتسبب في فقدانه أكثر من 70% من قيمته.
” اهتمام”
اعتبر باحثون ومختصون : أن إنتاجية العسل في بلادنا ما تزال بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام سواء من خلال دعم مربي النحل أو تشجيعهم وكذا تأهيلهم وتزويدهم بالمعلومات والإرشادات التوعوية حول كيفية تنمية النحل لمحصول نقدي واستراتيجي له دور في تحسين مستوى دخل النحالين والتخفيف من الفقر في المناطق الريفية وتوفير احتياجاتها المعيشية .