تقارير وتحقيقات
سودانيات يجدن في تحرك الشارع فرصة للمطالبة بحقوقهن
انضمت أسيل عبدو (26 عاما) الى حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس السوداني عمر البشير، وتقول إنها مهددة، ما يدفعها لمغادرة المنزل والاختباء من السلطات.
وتضيف الشابة التي تواصلت معها وكالة فرانس برس عبر تطبيق “واتساب”، “سأواصل التظاهر حتى لو استدعت الإطاحة بالنظام سنوات”.
وتتابع أن أجهزة الأمن هددتها بالتوقيف ما أجبرها على تغيير مكان إقامتها مرات عدة.
وتكثفت منذ 19ديسمبر 2018 التظاهرات في السودان إثر قرار الحكومة زيادة سعر الخبز ثلاث مرات في بلد يعيش ركودا اقتصاديا.
وبحسب حصيلة رسمية، قتل 24 شخصا منذ بدء الاحتجاجات. غير أن منظمتي “هيومن رايتس ووتش” والعفو الدولية تقولان إن عدد الضحايا بلغ 40 قتيلا على الأقل.
وبحسب محللين، تشكل حركة الاحتجاج الحالية أكبر تحد يواجهه الرئيس البشير منذ توليه الحكم في 1989 إثر انقلاب عسكري دعمه الإسلاميون.
وعلى غرار عبدو التي تثور من أجل حقوق المرأة في السودان، لا تدخر المتظاهرات جهدا للنضال ضد النظام السوداني.
“سلم وحرية وعدل”
ومنذ شهر، تنزل مئات من السودانيات الى الشارع ويصفرن ويصفقن ويزغردن. وهن يشاركن بشكل فاعل في الاحتجاجات، بحسب ما تظهر أشرطة الفيديو التي نقلتها وسائط التواصل الاجتماعي، إذ يمكن رؤيتهن بوضوح بين المحتجين يميزهن غطاء الرأس الذي لا يفارقهن.
وتهتف النساء مع باقي المتظاهرين “سلم، حرية، عدل” أو “الثورة خيار الشعب”، متحديات الغاز المسيل للدموع.
واختارت أخريات تأمين الشاي والعصير للمحتجين الذين يعبرون أحياءهن، بحسب شهود.
وتقول أسيل عبدو “هذا النظام لديه أسوأ القوانين المكبلة للمرأة”، مضيفة “يمكن أن تتعرضي للتوقيف بسبب ارتداء سروال أو اذا لم يكن غطاء الرأس يغطي تماما الشعر”.
ويقول ناشطون إن مئات من النساء حكم عليهن بالجلد بسبب قانون مثير للجدل ينص على غرامات باهظة وأحكام بالسجن.
ففي يوليو 2018، حكمت محكمة سودانية بالإعدام على الصبية نورا حسين بتهمة “القتل العمد” لزوجها الذي قالت إنه اغتصبها بعد زواج دون رضاها.
وبعد حملة استنكار عالمية، تم تحويل الحكم الى السجن لمدة خمس سنوات.
ولفتت حالة هذه الفتاة الأنظار الى موضوع الزواج القسري في السودان والتطبيق التعسفي للقانون الإسلامي والتقاليد القبلية.
ووفرت التظاهرات للسودانيات فرصة لإسماع صوتهن، بحسب عماد بدوي، الأم التي تشارك بانتظام في الاحتجاجات ضد الحكومة والتي تهتف بشعارات للمطالبة بالحرية.
وتقول بدوي إن حلمها يتمثل في “رؤية نهاية التمييز بحق النساء”.
أوان “التغيير”
وتشارك أسيل عبدو في التظاهرات أيضا احتجاجا على سياسة الحكومة في دارفور.
وتقول الشابة التي تتحدر من هذه المنطقة الواقعة في غرب السودان “نظام البشير ارتكب أفظع الجرائم في دارفور”.
ويشهد إقليم دارفور الشاسع منذ 2003 نزاعا بين القوات السودانية ومتمردين يتحدرون من أقليات إتنية ويرون أنه تمّ تهميشهم من نظام البشير. وخلّف النزاع أكثر من 300 ألف قتيل و2,5 مليون نازح، بحسب الأمم المتحدة.
والرئيس السوداني ملاحق منذ فترة بعيدة بمذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة جرائم إبادة وجرائم حرب في دارفور.
وفي مسعى لإنهاء حالات الزواج القسري في السودان، أسست أسيل عبدو منظمة غير حكومية حظرتها السلطات على الفور، كما تؤكد. وتضيف “قالوا لي إن مكانك هو المطبخ وإنه علي غسل ألأطباق”.
ونجحت التظاهرات التي تجمع نساء ورجالا، أيضا في أن تشمل سودانيين من مختلف القبائل والإتنيات.
ويقول بابكر محمد، المسؤول في منظمة إنسانية بواشنطن “رأيت في هذه التظاهرات مواطني يتجاوزون العنصرية المتأصلة في مجتمعنا”.
ويضيف “المتظاهرون الذين يهتفون في الشوارع +كلنا دارفور+ يمنحوننا أملا بأن التغيير حتمي”.
وترى بدوي أن هذا “التغيير” حان أوانه. “حتى ابني البالغ من العمر 11 عاما تفاجأ عندما علم أن الرئيس البشير يحكم البلاد منذ 30 عاما”.
المصدر: أ ف ب