عناوين الصحف
العرب اللندنية: غريفيث في صنعاء لإنذار الحوثيين من تغير المزاج الدولي إزاءهم
وصل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى صنعاء، الأحد، في مستهل زيارة مفاجئة جديدة للمنطقة، يبدو أنّها على علاقة بالتحوّلات التي شهدها الموقف الدولي من الملف اليمني وبروز حالة من التوافق التي أسفر عنها اجتماع الرباعية الدولية الخاصة باليمن الذي انعقد على هامش مؤتمر وارسو بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ“العرب” عن رسالة جديدة يحملها المبعوث الأممي للحوثيين، قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الإثنين، مفادها بأن الموقف الدولي بات موحدا إزاء تعنّتهم في تنفيذ مخرجات مشاورات السويد، وأن مناوراتهم وصلت إلى نهايتها.
وتأتي الزيارة التي يقوم بها غريفيث في أعقاب تصريحات لافتة أطلقها وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت أشار فيها إلى إمكانية انسحاب الحوثيين من الحديدة وموانئها الثلاثة، ملوّحا باستئناف العمليات العسكرية في حال فشلت جهود إقناع الحوثيين بتنفيذ اتفاقات ستوكهولم.
واعتبر مراقبون التحوّل في الموقف البريطاني نقطة فاصلة في مسار التباينات الدولية حول الملف اليمني، حيث كانت لندن تُتهم باتباع سياسة مرنة ومتساهلة تجاه الحوثيين، وهو ما وسّع التباينات بين الموقفين الأميركي والبريطاني من سلوك الحوثيين ومنح هؤلاء ومن خلفهم إيران مساحة أوسع للمناورة والابتزاز السياسي في المحافل الدولية.
الصورة أصبحت واضحة لدى المجتمع الدولي بشأن من يعرقل السلام وما ينقص هو الصرامة والحزم تجاهه
وتزامنت التحركات الدولية الضاغطة باتجاه إنقاذ اتفاقات السويد ووقف الإهدار الحوثي المتعمد لفرص السلام، مع استئناف لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة أعمالها برئاسة الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد ومشاركة ممثلي الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية.
وقالت مصادر مقربة من أجواء الاجتماعات التي عقدت السبت، في أحد الفنادق بمدينة الحديدة حيث مازالت تسيطر الميليشيات الحوثية، إن الاجتماع عقد بسلاسة بعيدا عن التعقيدات الأمنية والبروتوكولية التي صاحبت الاجتماعات السابقة.
وأكدت المصادر أن الاجتماع عقد على الأرجح بدعوة بريطانية متفائلة في ظل مؤشرات على ضمانات غير معلنة ربما تكون قد حصلت عليها لندن من طهران في هذا السياق.
وبالرغم من عدم توصل لجنة إعادة الانتشار إلى توافقات نهائية وحاسمة بحسب مصادر “العرب”، إلا أنّ الاجتماع عكس حالة تقارب غير مسبوقة في ما يتعلق بالمرحلة الأولى من إعادة الانتشار التي تشمل موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى وفتح ممر للمساعدات الإنسانية، كما وافقت الميليشيات الحوثية على الانسحاب 10 كم للمقاتلين و15 كم للآليات العسكرية من مواقع تموضعها الحالي.
وأشارت المصادر إلى أنّ ممثلي الحكومة والحوثيين قطعوا شوطا مهما في النقاش حول تفاصيل فتح الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر التي تضم كميات هائلة من القمح التابع لبرنامج الغذاء العالمي، إضافة إلى التوافق الشفهي حول آلية الانسحاب من الموانئ، غير أن ماهية السلطة التي ستتولى الإشراف على المناطق التي يتم الانسحاب منها، مازالت تمثل نقطة الخلاف الأساسية بين الطرفين.
ووصف الصحافي والباحث السياسي اليمني سياف الغرباني التحركات الأخيرة بشأن الملف اليمني بأنها امتداد للاعتقاد الغربي السائد بأن المسار الدبلوماسي والمفاوضات يظلان السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في اليمن. وأشار الغرباني في تصريح لـ“العرب” إلى أن مشاورات السويد اقتصرت على وضع تصورات هلامية لترتيب وضع الحديدة وموانئها، مع إغفال حروب طويلة تدور على نطاق 8 محافظات غير الحديدة، مضيفا “قد يكون الموفد الدولي يعتقد أن وضع الأزمة مجتمعة على طاولة تشريح أممية تمهيدا لبحث وصفة سياسية شاملة لتفكيك العقدة اليمنية، ليست بالمهمة الممكنة، قياسا بمستوى الأزمة وتعقيداتها، إضافة إلى الاشتراطات الحوثية وتصورات الجماعة المنفتحة على إملاءات إيران”.
وقلّل مراقبون من فرص حدوث اختراق في مسار الأزمة اليمنية خلال الفترة المقبلة، عدا التبلور المتصاعد في الموقف الدولي ومحاصرة الذرائع الحوثية، والمؤشرات على تبني مواقف أكثر تشددا في مجلس الأمن الدولي وإعطاء الضوء الأخضر للتحالف العربي والحكومة الشرعية لحسم معركة الحديدة على الأرض كما لوح وزير الخارجية البريطاني في تصريحات صحافية أدلى بها في أعقاب اجتماع اللجنة الرباعية حول اليمن في وارسو الذي وصفه الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام باجتماع “رباعية العدوان” في تعبير عن حالة القلق الحوثية من نتائج هذا الاجتماع الدولي وتداعياته على الأزمة اليمنية خلال الفترة المقبلة.
وجددت الحكومة اليمنية عدم ثقتها في نجاعة الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وجدوى زيارته المتلاحقة لصنعاء. وفي تصريح لـ“العرب” قال الوكيل المساعد لوزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان إنّ زيارة غريفيث الثانية خلال أسبوع لصنعاء ولقائه قادة الميليشيات الحوثية لن يقدما أي جديد، سوى الاستمرار في إرسال رسائل خاطئة للميليشيات الحوثية التي تتنصل عن تنفيذ اتفاق ستوكهولم دون أي مبررات مقنعة.
وأشار النعمان إلى أن الصورة أصبحت أكثر وضوحا لدى المجتمع الدولي والدول المؤثرة في الملف اليمني، إلا أن الإجراءات الرادعة والصارمة ضد الطرف المعرقل لتنفيذ اتفاق السويد مازالت غير مطروحة بشكل جدي من قبل المجتمع الدولي وفي المقدمة من ذلك المبعوث الأممي.