كتابات

الريال ٠٠ البندقية في الحرب اليمنية

وضاح اليمن الحريري

عندما تمرد الحوثيون على السلطة في اليمن، مسقطين فكرة انتقال السلطة سلميا، وتداولها عبر آليات الديمقراطية، منقلبين عليها ومستولين على مفاصلها، لم يفكروا يوما في خطواتهم اللاحقة في التمدد جغرافيا في محافظات البلد، بأنهم سيوفرون بتلك الخطوات الالاف من فرص العمل لليمنيين- خصوصا فئة الشباب منهم، الذين كانوا يتضورون جوعا في اركان الشوارع في المدن، وتحت سفوح الجبال وأطراف الشواطئ، في الأرياف والقرى، بتحويلهم الى قطاع من المرتزقة مدفوعي الأجر إن كان شمالا او جنوبا، ووفروا لهم مع فرص العمل هذه، فرصا واسعة للموت، والاحتراف في القتل في نفس الوقت.

هذه المعادلة الجديدة المكونة من عناصر البندقية-الريال-العنصر البشري، تثير ضجة عالية، وفرشا وثيرا لاستمرار الحرب، حيث يتدخل الدين بالاقتصاد بالسياسة وبالمصالح بالتأكيد، ليعطي جوهرا جديدا لاستمرار الحرب، حيث لا توجد اي منافذ لأنشطة اقتصادية مجدية، او تنمية فعلية بالاعتماد على مؤشرات قائمة بان استعادة الدولة، لا تستطيع ان تلبي احتياجات ومطالب كل هذه الأفواه التي أنعشتها معادلة الريال- البندقية، لتدور عجلة الاقتصاد الجديد، دون اي اهمية لجدية استعادة الدولة، إذ أن تراكم فشل مخيف وبقوة للاقتصاد والتنمية في المناطق المحررة على الأقل، يجعل من الريال والبندقية اسرع وسيلة للكسب والتربح، وكل حسب مستوى ارتباطاته بهذه المعادلة الشرسة التي ليس لها اي تكلفة أو مقابل سوى الدماء او الأرواح التي تزهق وستزهق، من اجل ان تتوازن المعادلة.

إن فكرة الخلاص المربوطة والمقيدة بسلاسل استعادة الدولة تبدو كسراب يحسبه الظمآن ماء، في وعاء قاعه مفتوح وليس مثقوبا فقط، لان استعادة الدولة لم تعد تفرق كثيرا عن عدم استعادتها، والمواطنة كمشروع تقدمي صارت كالنكتة البايخة، ونحن نقترب من الربع الأخير من نهاية العام الرابع للحرب، الدولة التي مازالت تفشل كل يوم في تثبيت ذاتها كمشروع اصيل وبديل يقدم نفسه حلا لكل مواطني هذه الدولة.

تتلاشى امام هذه القدرة الخارقة لحضور الحرب امكانيات عودة الاستقرار فهناك من مازال يقرع طبولها بشدة مصمما ان هذه الحرب ستصنع حلا لعودة الاستقرار والأمان وستحافظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه ومصمم كذلك على ان المواطن سيجد دولته المنشودة وحرياته وحقوقه وحياته الكريمة باسم هذه الحرب، رغم إنه على كامل الإدراك في نفس الوقت أن هذه الحرب قد حولت مئات الالاف من شباب البلد الى مقاتلين مرتزقة يقاتلون داخل وخارج حدود الوطن اضافة لآلاف غيرهم صاروا على ارتباط مباشر بانشطة هذه الحرب وتفاعلاتها، لقد كثرت الاموال غير الشرعية،نعم، لكن ايضا قلت الفرص في الحصول على الدولة المرادة في المستقبل القريب، وهذا ما يتم تكريسه يوميا في انتزاع مقدرات البلد من بين يدي أبنائه ووضعه في أياد أخرى هي من تدفع حاليا ريالات الحرب لتجني مستقبل دولة المواطن التي يراد لها أن تستعاد..تحياتي

الوسوم
إغلاق