أخبار العالم
هل الهند وباكستان على وشك دخول حرب بسبب المياه؟
وكانت الهند أعلنت الخميس وقف تدفق مياه روافد السند إلى باكستان عقب تفجير “انتحاري” استهدف في 14 من الشهر الجاري قافلة أمنية في منطقة كشمير التي تسيطر عليها نيودلهي، وأودى بحياة أكثر من أربعين عسكريا من أفراد القوات الخاصة. وقد تبنت الهجوم جماعة “جيش محمد” المتمركزة في باكستان.
وتقول مجلة فورين بوليسي الأميركية المعنية بالقضايا الدولية إن قرار الحكومة الهندية بناء سد على نهر رافي (أحد روافد نهر السند الستة) يذكي أوار الصراع بين الجارتين النوويتين اللتين اشتبكتا في معارك حول إقليم كشمير المتنازع عليه بينهما.
قرار الحكومة الهندية بناء سد على نهر رافي يذكي أوار الصراع بين الجارتين النوويتين (رويترز)
أم الصراعات
ولفهم طبيعة ما يجري بين البلدين، أجرت فورين بوليسي مقابلة مع البروفيسور سونيل أمريت أستاذ دراسات جنوب آسيا بجامعة هارفارد ومؤلف كتاب “المياه الجامحة” الذي اتفق مع المجلة في وصفها للأزمة الأخيرة بأنها “أم صراعات المياه العابرة للحدود”.
ويقول أمريت إن هذا الوصف قد ينطبق على هذه الحالة “على الأقل في فجائية حدوثها وطبيعة تعسفها وفظاظة اندلاعها”.
ويلفت إلى أن ثمة العديد من النزاعات العابرة للحدود حول المياه في آسيا لكنها “بطيئة” في تفاقمها. فعلى سبيل المثال، لم تكن للدول المتجاورة القدرة أو الطموح لبناء سدود وتحويل الروافد العليا لأنهار جبال الهمالايا حتى ثمانينيات القرن الماضي.
ويرجع الخبير الدولي رغبة الهند في السيطرة على المياه إلى أواخر القرن الــ 19 عندما بدأت مجموعة متنوعة من القوميين الهنود ومهندسي المياه البريطانيين والإداريين في ري الأراضي الزراعية “خلاص الهند”.
معابد أخرى
وجسدت الطفرة في بناء السدود في عهد الرئيس الهندي جواهر لال نهرو طموح بلاده في حقبة ما بعد الاستعمار وقهرها لتقلبات الطبيعة والمناخ. فقد اشتهر عن نهرو وصفه للسدود العملاقة بأنها “معابد الهند الجديدة”.
وفي عهد رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي، استمرت سيطرة الهند على المياه باعتبارها “قيمة رمزية” حسب تعبير أمريت. فقد تعهدت الحكومة بإقامة المشروع العملاق لربط الأنهار بتكلفة تقدر بنحو تسعين مليار دولار على الأقل.
وتطرق أمريت في المقابلة إلى معاهدة الإندوس للمياه التي أُبرمت بين البلدين عام 1960 بوساطة البنك الدولي، والتي اعتبرها العديد من الباحثين في العلاقات الدولية نموذجا للتعاون الناجح بين عدوتين.
ويقول إن المعاهدة سعت لتقنين تقاسم المياه، حيث منحت مياه روافد سوتيج وبياس ورافي إلى الهند، بينما خصصت مياه الإندوس الغربي وجهلوم وتشيناب لباكستان.
نهرو كان يصف السدود بالمعابد (الأوروبية)
ويمضي أمريت إلى القول إن كمية “معتبرة” من المياه ظلت في واقع الأمر تنساب إلى باكستان بعد أن تكون الهند قد استخرجت ما تحتاجه من مياه من الأنهار الشرقية.
لكن هذا الإجراء بات مثار شكوك الآن بعد أن تعهدت الهند بحجز مزيد من المياه من نهر رافي. لكن مما يثير الاهتمام -بحسب أمريت- أن أحد العوامل التي حدت بالهند للامتناع عن القيام بذلك في السابق هو الخلاف الداخلي الذي اندلع بين ولايات البلاد التي يخترقها ذلك النهر.
فقر مائي
ويشير الأستاذ الجامعي إلى أن باكستان واحدة من دول العالم التي تعاني نقصا حادا في المياه. وتقدر دراسة حديثة أن هذا البلد سيواجه نقصا في المياه بمقدار 104 ملايين قدم-فدان بحلول عام 2025.
وردا على سؤال فورين بوليسي عما إذا كان بالإمكان فهم الخلاف على تقاسم المياه في سياق النزاع بين البلدين حول كشمير أم أنه مجرد تركة من استقلال الأخيرة عن الأولى، قال أمريت إن كلتا الفرضيتين صحيحتان.
وأضاف أن المياه التي منحتها معاهدة الإندوس لباكستان من نهري تشيناب وجهلوم تمر إليها عبر الجزء الخاضع للهند من إقليم كشمير، مما يعني أن المفاوضات حول المياه رهينة مخاوف تتعلق بالسيادة على الأراضي، وهي أحد الأسباب التي تجعل التوترات في كشمير سرعان ما تفاقم الخلافات بشأن المياه.
وهناك أكثر من أربعمئة سد قيد الإنشاء أو في مرحلة التخطيط سترى النور في السنوات العشر المقبلة في كل من الهند ونيبال وبوتان وباكستان -كما يكشف أمريت- وأخرى كثيرة ستقام على طول الحدود الصينية في هضبة التبت.
وإذا ما قدر لكل تلك السدود أن تقام -يقول البروفيسور- فإن ذلك يجعل المنطقة إحدى أكثر مناطق العالم التي تعج بالسدود.
المصدر : فورين بوليسي