كتابات

عدن تغرق في الظلام والعطش: أزمة وقود تشل الخدمات وسط انهيار للعملة وتردٍ اقتصادي مخيف

ريبون نيوز _ كتابات واراء

كتب : سام أبوأصبع

 

في مدينة ساحلية كانت يومًا ما نابضة بالحياة، يجد سكان عدن أنفسهم محاصرين في أزمة وجودية، إذ تغرق العاصمة المؤقتة في ظلام دامس بينما تتوقف صنابير المياه عن ضخ آخر ما تبقى لديها. لا كهرباء، لا ماء، ولا أفق واضح للحل، فيما تتراكم الأزمات على وقع انهيار اقتصادي متسارع وتراجع حاد في سعر صرف الريال، ليصل إلى 2250 ريالًا مقابل الدولار.

 

انطفاء شامل.. المدينة على حافة الكارثة

 

مع حلول منتصف الليل، ستتوقف محطات التوليد بالكامل بعد نفاد آخر كميات الوقود المشغلة لمحطة الرئيس، وهي المصدر الرئيسي للطاقة في عدن. غياب مركز أحمال رئيسي مثل محطة الرئيس أو محطة المنصورة يجعل من المستحيل تشغيل الشبكة، حتى مع وجود المحطة الشمسية. النتيجة: تعطل المستشفيات، شلل القطاعات التجارية والخدمية، وتوقف ضخ المياه.

 

المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي دقت ناقوس الخطر، محذرة من كارثة إنسانية إذا ما استمر الوضع على هذا الحال، مع مخزون وقود يكفي بالكاد لساعات معدودة.

 

صراع داخلي يعمّق الأزمة.. وقرار مفاجئ بوقف إمدادات الوقود

 

لا تأتي هذه الأزمة في فراغ، بل تتشابك مع حالة صراع متفاقم داخل الشرعية. في خطوة فاقمت الوضع، أعلن “تحالف حضرموت” وقف إرسال الوقود إلى كهرباء عدن، ما أدى إلى انهيار الخدمات الأساسية.

 

في الأثناء، الحكومة تبدو غير معنية بالأزمة، إذ يغيب رئيسها وأغلب وزرائه خارج البلاد، تاركين المواطنين لمواجهة تداعيات أزمة وقود غير مسبوقة.

 

فساد في إدارة الوقود.. ومطالب بتحقيق شفاف

 

تتزايد التساؤلات حول كيفية إدارة ملف الوقود في عدن. مصادر متعددة تتحدث عن شبهات فساد، تلاعب بالكميات، واختفاء مفاجئ للمخزون، مما أدى إلى تسارع الأزمة دون وجود أي خطة بديلة.

 

وعلى الرغم من الدعم الذي حصلت عليه عدن مؤخرًا من البنك الدولي، فإن الوضع يتجه نحو مزيد من التدهور، وسط دعوات متزايدة لفتح تحقيق شفاف حول كيفية إدارة هذا الملف الحساس.

 

حكومة غائبة.. وأوضاع تزداد سوءًا

 

على الأرض، الصورة قاتمة: موظفون بلا رواتب، أسواق تغلق أبوابها بسبب الانهيار الاقتصادي، أسعار تتضاعف بلا سقف، ومواطنون يقفون في طوابير طويلة للحصول على قطرة ماء أو شحنة كهرباء مؤقتة.

 

لكن على الضفة الأخرى، في مقارّ الحكومة بالخارج، لا يبدو أن أحدًا يعير اهتمامًا حقيقيًا لهذه الكارثة. في سابقة لم تشهدها حكومات العالم، تترك هذه السلطة شعبها يواجه مصيره وحيدًا، بلا حلول، بلا حتى محاولات لإظهار أي مسؤولية تجاه المعاناة المتفاقمة.

 

والسؤال الذي يبقى عالقًا في أذهان الجميع: إلى متى سيبقى سكان عدن والمناطق المحررة يدفعون ثمن هذا الفشل السياسي والاقتصادي؟

إغلاق