عناوين الصحف

مهرجان البلدة.. هدية حضرمية لنسيان هم الحرب

ريبون نيوز _ اندبندنت عربية

من توفيق الشنواح

 

 

على رغم المرارات التي سببتها الحرب من أزمات إنسانية مركبة، فإن الناس في محافظة حضرموت (شرقي اليمن) يصرون على خلق أجواء مبهجة يواجهون بها مرارات الواقع الصعب من انهيار للخدمات، وإن من باب نسيان الهم الذي ثقلت به أعوام الصراع.

 

ومنذ أيام تشهد مدينة المكلا، المركز الإداري لمحافظة حضرموت، أجواء من الابتهاج مع فعاليات الموسم السياحي والثقافي “نجمة البلدة” في نسخة عام 2025، الذي دشن افتتاحه بفعاليات مختلفة من التراث الحضرمي وسط توافد كبير للمواطنين من مختلف مديريات المحافظة والمحافظات اليمنية الأخرى.

 

احتفاء بالبحر

 

ويقدم المهرجان الذي انطلق في الـ14 من يوليو/ تموز الجاري ويستمر حتى نهاية الشهر نفسه، تشكيلة واسعة من الفعاليات التراثية والفنية والإبداعية والرياضية والفولكلور الشعبي كتقليد موسمي حافظ على حضوره البهيج والجاذب للسياح والمهتمين بالتراث والفعاليات الجماهيرية.

 

ويتزامن مع ظاهرة فلكية ومناخية فريدة تمتاز بها سواحل محافظة حضرموت، تحدث ما بين الـ15 والـ27 من يوليو من كل عام، حيث تنخفض مياه البحر إلى مستوى كبير مما يؤدي إلى ظهور مساحات رملية بيضاء واسعة من شواطئ البحر العربي مع انخفاض درجة الحرارة لتصبح مياه البحر باردة وتسمى هذه الفترة بـ”موسم البلدة” في حضرموت، الذي تحول إلى تقليد سنوي اعتاد أبناء محافظة حضرموت على قضائه بقرب البحر في نزهة ثقافية سياحية مليئة بالأحداث الثقافية والرياضية.

 

وبحسب الباحثين فإن هذه الحال تتمثل في انخفاض درجة الحرارة في مياه البحر بصورة كبيرة، ذلك لأن “نجم البلدة هو أحد النجوم المرتبطة بفصل الخريف من الناحية الزراعية، وهو في المنزلة الثانية، كما يصفه العالم الفلكي القزويني ’فضاء في السماء لا كواكب له بين العائم وسعد الذابح‘، ومكون من ستة كواكب مستديرة صغيرة وخفية تشبه القوس”.

 

اتساع متزايد للجمال

 

تقول مدير عام كتب الثقافة بمحافظة حضرموت نائب رئيس المهرجان، عبير الحضرمي، إن المكلا وهي تحتضن هذا المهرجان السنوي تؤكد دورها وإصرارها الملتزم بهذا الحدث، على رغم جملة الظروف التي يعانيها اليمن بصورة عامة، لارتباطها التاريخي بقيم السلام ومعاني الإبداع والابتهاج.

 

وتميزت مناسبة هذا العام وفقاً للحضرمي “بتخصيص مزيد من الفعاليات التي تنوعت على المجالات الفنية والثقافية، ومنها إقامة القرية التراثية ومهرجان الأسر المنتجة وفعاليات مصاحبة فنية وغنائية راقصة وعروض سينمائية وأنشطة رياضية على الساحل وأخرى تتعلق بالمبدعين من كل القطاعات وسط حضور جماهيري لافت ومتزايد”.

 

وإضافة إلى الفقرات الغنائية الراقصة من التراث الممتد لمئات السنين، يحوي موسم البلدة هذا العام وفقاً لبيانات الفعاليات المصاحبة، كثيراً من المسابقات الرياضية والغنائية ومهرجان سينما البلدة للعروض السينمائية ومعرض النكات والفعاليات البحرية والندوات الثقافية، التي يأتي الشعر في طليعتها وحفل مشروع كورال أطفال حضرموت وبطولة دوري كأس البلدة لكرة القدم وماراثون رياضي وبطولة للسباحة وغيرها.

 

فرصة للبهجة.. والاغتسال

 

مقارنة مع المواسم السابقة تؤكد الحضرمي أن المهرجان شهد توسعاً وانتشاراً سواء بالحضور أو بشهرته التي نالها بمقارنته بالأعوام التي سبقته، ولهذا بات حضوره وصداه أوسع وأشمل. هذا النجاح بحسب مدير الثقافة بالمحافظة اليمنية الأكبر مساحة “يعكس الرصيد الثقافي والإرث الإنساني لحضرموت ونزوعها الدائم للسلام وقيم التعايش الإنساني، ولهذا مثلت هذه المناسبة فرصة للتعريف أكثر بهذا الإرث الكبير الذي نعتز به”.

 

وبهذه المناسبة يتجمع الآلاف من المواطنين من أبناء المنطقة وغيرها، للاغتسال في مياه البحر الباردة، وحضور فعاليات المهرجان الذي تنظمه السلطة المحلية ومنظمات وفرق شبابية ومجتمعية.

 

في العرف الشعبي الحضرمي فإن الاغتسال في مياه البحر الباردة يفيد في الاستشفاء من الأمراض الجلدية وأمراض الدم إلى جانب بث روح النشاط وقضاء أوقات سعيدة على الشواطئ، وبخاصة وقت الصباح الباكر، كذلك فإن الموسم وما يصاحبه من أنشطة ثقافية وفنية ورياضية، شكل فرصة كبيرة لأبناء حضرموت والمحافظات اليمنية الأخرى للترويح عن النفس، وانتشال نفسياتهم من تداعيات وآثار الوضع السياسي المعقد

إغلاق