رياضة

ليفربول… بطل تاريخي في كرة القدم أنتجه صراع “أنفيلد”

ريبون نيوز _ اندبدنت عربية

من عبد الحفيظ طارق

 

“لن تسير وحدك أبداً”… ليست مجرد جملة ترددها الجماهير قبل كل مباراة في “أنفيلد”، بل أصبحت شيئاً راسخاً في علاقة مشجعي ليفربول وفريقهم، وتلخص موقفهم التاريخي مع النادي الذي ولد في قلب مدينة يغلب عليها الطابع العمالي، لم يكن يوماً نادياً تقليدياً، بل تحول مع مرور الوقت إلى حالة فريدة من نوعها داخل عالم كرة القدم، ليحصل على مشجعين له حول العالم، لما قدمه من إنجازات على مدار السنوات منذ انشائه.

 

تأسس النادي عام 1892، وسرعان ما أصبح ركناً ثابتاً في الكرة الإنجليزية، قبل أن يحجز مكانته بين عمالقة أوروبا، لم تكن هذه المسيرة سهلة من أجل أن يكون من الكبار، ولكن شهدت بعض اللحظات الصعبة حتى وصل إلى منصات التتويج على الصعيد المحلي والقاري، ليصبح واحداً من أقوى فرق العالم خلال السنوات الماضية.

 

ما بين بيل شانكلي، الرجل الذي أسّس لثقافة الانتصار، وبوب بيزلي الذي جلب أمجاد أوروبا، مروراً بحقبة التسعينيات التي شهدت بعض الانكسارات، ثم نهضة يورغن كلوب في العصر الحديث ومن بعده محاولات آرني سلوت للحفاظ على ما تحقق وزيادة تاريخ النادي، حافظ ليفربول على شخصيته المميزة.

 

ويمتلك ليفربول في الوقت الحالي الإمكانات التي تعطيه فرصة للحفاظ على تراثه من ناحية الإنجازات والبطولات، لتأكيدها ومواصلة تحقيق المزيد منها من أجل الإبقاء على نفسه بين كبار اللعبة على مر التاريخ كما هو في الوقت الحالي.

 

تاريخ إنشاء ليفربول

تأسس نادي ليفربول الإنجليزي في عام 1892 وذلك بعد خلاف إداري ومالي وقع داخل نادي إيفرتون الذي كان هو بداية كل شيء، الذي كان في ذلك الوقت الفريق الأبرز في مدينة ليفربول.

 

وكانت البداية داخل ملعب “أنفيلد”، الذي لم يكن في الأصل تابعاً لنادي ليفربول، بل كان مقراً لمباريات إيفرتون، وفي أواخر القرن الـ19 وتحديداً بعد موسم 1891، نشب خلاف حاد بين إدارة إيفرتون والمسؤول عن تأجير ملعب “أنفيلد”، رجل الأعمال جون هولدينغ، الذي كان في الوقت نفسه يشغل منصباً مهماً في مجلس إدارة النادي، إذ طالب بزيادة قيمة الإيجار السنوي للملعب، كذلك سعى إلى فرض سيطرة أكبر على الجوانب المالية والإدارية داخل النادي، وهو ما رفضه أغلب أعضاء المجلس، معتبرين أن مصالح النادي أصبحت مهددة بسبب تدخلاته.

 

في ظل هذا التوتر، قررت إدارة إيفرتون نقل الفريق من ملعب أنفيلد إلى ملعب جديد، فاشترت قطعة أرض في الجانب الآخر من المدينة، وقامت ببناء ملعب “غوديسون بارك”، الذي ما زال حتى الآن الملعب الرسمي للنادي.

 

بخروج إيفرتون من أنفيلد، أصبح جون هولدينغ يملك ملعباً بلا فريق وذلك بعد شرائه من مالكه الأصلي، وهو ما دفعه لتكوين فريق للمنافسة بخاصة مع امتلاك ملعب، ولمنع الخسائر المالية الناتجة من غياب النشاط الرياضي، لذلك قرر تأسيس ناد جديد يحمل اسم “ليفربول”، وتم تسجيل النادي رسمياً في مارس (أذار) 1892، وبدأ البحث عن جهاز فني ولاعبين لخوض أول مواسمه.

 

اعتمد ليفربول في بداياته على مجموعة من اللاعبين الاسكتلنديين، وتمت الاستعانة بجون مكينا كمدرب للفريق وذلك ساعد في تنظيم الأمور داخل النادي، إذ خاض الفريق أولى مبارياته الرسمية في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، وكانت ضمن بطولة “لانكشاير” عندما حقق الفوز على هاير والتون بنتيجة (8-0) وفي الموسم التالي، تم قبول ليفربول في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي.

 

 

حقق الفريق نتائج جيدة في أول مواسمه، ونجح في الصعود إلى الدرجة الأولى، ليبدأ بعدها تدريجاً في فرض نفسه كقوة صاعدة في الكرة الإنجليزية، على الجانب الآخر، كان إيفرتون يواصل مشواره كأحد الفرق الكبرى، بعدما سبق له التتويج بالدوري في عام 1891، وهو ما أضاف بعداً تنافسياً إضافياً بين الفريقين.

 

ومع مرور الوقت، تحوّلت العلاقة بين الناديين إلى ما يُعرف اليوم بـ”ديربي الميرسيسايد”، وهو من أقدم وأكثر الديربيات حضوراً وشراسة في الكرة الإنجليزية، سواء على مستوى الشعبية أو عدد المواجهات، وعلى رغم أن نشأة ليفربول ارتبطت بأزمة داخلية في نادي إيفرتون، فإن كليهما بات يمتلك هوية خاصة وقاعدة جماهيرية ضخمة داخل المدينة وخارجها.

 

ويفصل اليوم بين ملعبي أنفيلد وغوديسون بارك أقل من كيلومتر، لكن الانقسام التاريخي الذي بدأ منذ أكثر من 130 عاماً ما زال قائماً، ويجسد واحدة من أكثر القصص خصوصية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية.

 

أبرز اللاعبين في تاريخ ليفربول

خلال تاريخ ليفربول برز الكثير من النجوم الذين تركوا علامات وإنجازات لن تمحى نهائياً من أذهان مشجعي “الريدز” بصورة خاصة أو عشاق كرة القدم عامة، وذلك لما قدموه للساحرة المستديرة من مسيرة رائعة ليصبحوا ضمن الأفضل في العالم في مختلف العصور، وكان أبرز هؤلاء اللاعبين هم إيان راش وكيني دالغليش وروجر هانت وروبي فاولر وستيفين جيرارد ومحمد صلاح.

 

مسيرة رائعة لكل لاعب من بين هؤلاء المذكورين، جعلتهم أساطير في تاريخ ليفربول، وذلك لما قدموه سواء بأرقام قياسية أو بطولات قادوا الفريق للتتويج بها، وهو ما جعلهم ضمن الأفضل ليس فقط بالنسبة لـ “الريدز” ولكن بالنسبة للكرة الإنجليزية عامة وعلامات ثابتة في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز.

 

روغر هانت

يعد الإنجليزي الراحل روغر هانت من أبرز اللاعبين في تاريخ ليفربول كونه ثاني هدافي الفريق بصورة عامة في جميع البطولات حتى الآن، إذ قضى في ليفربول منذ موسم 1958 – 1959 قادماً من ستوكتون هياث الإنجليزي، واستمر يدافع عن قميص “الريدز” حتى موسم 1969 – 1970 عندما انتقل إلى بولتون بعد ذلك لاستكمال مشواره.

 

لعب هانت مع ليفربول في جميع البطولات 483 مباراة، نجح خلالها تسجيل 280 هدفاً وصناعة 47 أخرى، ليكون الهداف الثاني في تاريخ الفريق خلف إيان راش، وتوج هانت مع ليفربول ببطولة الدوري الإنجليزي مرتين موسمي 1963 – 1964 و1965 – 1966 وكأس الدرع الخيرية ثلاثة مرات وكأس الاتحاد الإنجليزي مرة واحدة، وكان حصد لقب كأس العالم مع منتخب إنجلترا عام 1966 إذ شارك في ست مباريات نجح في تسجيل ثلاثة أهداف وصناعة اثنين.

 

كيني دالغليش

يعد الاسكتلندي كيني دالغليش من أفضل اللاعبين على مر تاريخ ليفربول، وذلك بعد أن لعب للفريق في الفترة بين موسم 1977 – 1978 قادماً من سيلتك الاسكتلندي حتى نهاية مسيرته في موسم 1990 – 1991، إذ حقق الكثير من الإنجازات والأرقام القياسية التي جعلته أسطورة لجماهير “الريدز”.

 

ونجح دالغليش في الفترة التي لعبها لليفربول، خوض 511 مباراة سجل خلالها 170 هدفاً محققاً الكثير من البطولات على رأسها الدوري الإنجليزي ثماني مرات وكأس الاتحاد الإنجليزي مرتين ودوري أبطال أوروبا ثلاث مرات وكأس السوبر الأوروبي مرة، وكأس الدرع الخيرية سبع مرات وكأس الرابطة الإنجليزية أربع مرات.

 

وفي عام 1985، تولّى كيني دالغليش مهمة قيادة ليفربول كمدرب ولاعب في الوقت نفسه، ليصبح أول من يشغل هذا الدور المزدوج في تاريخ النادي، وقاد الفريق لتحقيق موسم استثنائي توج فيه بلقب الدوري الإنجليزي وكأس الاتحاد، محققاً الثنائية المحلية للمرة الأولى في تاريخ ليفربول، وسجل دالغليش بنفسه هدف التتويج بالدوري في الجولة الأخيرة أمام تشيلسي، قبل أن يعتزل اللعب لاحقاً ويواصل مشواره على الخطوط كمدير فني.

 

إيان راش

يعد إيان راش أحد أبرز رموز نادي ليفربول على مر تاريخه، وواحد من أعظم المهاجمين الذين مروا على الملاعب الإنجليزية، انضم إلى “الريدز” قادماً من تشيستر سيتي عام 1980، وسرعان ما فرض اسمه في التشكيلة الأساسية، ليبدأ رحلة استثنائية في تسجيل الأهداف، سجل المهاجم الويلزي 346 هدفاً في 660 مباراة رسمية، ليصبح الهداف التاريخي للنادي، وهو رقم لم يقترب منه أحد حتى الآن، أسهم راش بشكل مباشر في التتويجات المحلية والأوروبية للنادي في الثمانينيات، وحقق مع الفريق خمسة ألقاب بالدوري الإنجليزي وثلاثة ألقاب في كأس الاتحاد الإنجليزي وخمسة في كأس الرابطة وأربعة بكأس الدرع الخيرية إضافة إلى لقبين من دوري أبطال أوروبا نسختي 1980 – 1981 و1983 – 1984، وبينما غادر راش لفترة قصيرة إلى يوفنتوس في 1987 ولكنه عاد مرة أخرى ليدل ذلك على مدى ارتباطه بالنادي الإنجليزي.

 

إغلاق