تقارير وتحقيقات
لماذا تُصر تركيا على إنقاذ حياة زعيم “جبهة النصرة”؟
يوم الإثنين الماضي، وقع انفجار مزدوج في مدينة إدلب التي تسيطر عليها جبهة “النصرة” المحسوبة على تنظيم القاعدة. الانفجار أصاب موكبًا أمنيًا في منطقة القصور جنوبي إدلب. ووقع الانفجار الأول بعبوة ناسفة كانت موضوعة داخل سيارة، والانفجار الثاني جرى عبر سيارة مفخخة استهدفت منطقة القصور جنوبي إدلب.
أوقع الانفجاران 24 قتيلًا، بينهم 11 مسلحًا من جنسيات أجنبية، إضافة إلى 24 مصابًا معظمهم في حالة خطرة.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصادر مطلعة أن من بين الجرحى زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، الذي أصيب بشظايا في الرأس، وجرى نقله بعدها إلى المستشفى داخل مدينة إدلب. وبعد أن تبينت خطورة حالته الصحية، جرى نقله تحت حراسة مشددة إلى داخل الحدود التركية، لتلقي العلاج في مستشفى حكومي بمدينة أنطاكيا التابعة لولاية هاتاي، وخضع الجولاني لعملية جراحية، نتيجة لإصابته بشظايا أدت لحدوث ارتجاج في المخ.
الانفجار الذي أصيب به الجولاني، بحسب ما نقلته الوكالة الروسية عن عناصر من “الخوذ البيضاء“، وقع قرب مقر لـ”هيئة تحرير الشام”، الاسم الجديد للنصرة، وقد أصاب موكبًا أمنيًا كان قادمًا لحضور اجتماع للهيئة داخل المقر.
وأكدت الوكالة أن الجولاني دخل في غيبوبة ولا يزال في العناية المركزة. بينما نقلت وسائل إعلامية عن “هيئة تحرير الشام” عدم وفاة الجولاني بسبب الانفجار، وأكدت الهيئة في الوقت ذاته مقتل مرافقه أبي إسحاق التونسي.
تمسُّك تركيا بالجولاني
على الرغم من أن تركيا تُصنّف جبهة “النصرة” على أنها تنظيم إرهابي، إلّا أن اهتمامها بالجولاني جاء نتيجة لتقارب وغزل مستمرين بين الطرفين.
وأثبتت النصرة أنها التنظيم الأقوى في إدلب، بعدما استطاعت الاستحواذ على 90% من أراضي المحافظة بالقوة، كما قامت بدحر التنظيمات الموالية لما يسمى بـ”الجيش الحر” المدعومة من تركيا خلال أسبوع واحد من القتال.
وعلى إثر تمدد النصرة في الشمال السوري، وطردها لتنظيم “نور الدين زنكي” من ريف حلب الغربي، ظلّت تركيا تُراقب التنظيمات الموالية لها وهي تتهاوى بسلاح النصرة واحدًا تلو الآخر.
واستعاضت تركيا في الفترة الأخيرة بالتنظيمات المتشددة مثل النصرة، كبديل عما يسمى “الجيش الحر”. فبعدما استطاعت النصرة طرد تلك التنظيمات، قامت تركيا بوقف الدعم المادي عن حركة نور الدين زنكي، التي هرب فلولها إلى مدينة عفرين، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مساندة لضربات النصرة.
وبدل أن تقوم بلجم النصرة الإرهابية، قامت تركيا بمساومة نور الدين الزنكي على صفقة تقوم بموجبها بإيصال الدعم المادي والسلاح إليهم، مقابل تغيير قيادات التنظيم، فبحسب موقع “المونيتور” الذي التقى مراسله بقياديين من الزنكي، فإن المساعدات ستكون بقيمة 100 دولار شهريًا لكل مقاتل (يبلغ عدد مسلحي الزنكي ألفين)، مقابل تغيير قيادات التنظيم.
وتغيير قيادات الزنكي هو مطلب لجبهة النصرة؛ إذ زعمت الجبهة بداية الشهر الفائت أن إعلانها القتال على “الزنكي” جاء بسبب تفاوض قياداتهم مع الروس، وهو الأمر الذي ترفضه النصرة تمامًا.
وبحسب مراقبين، فإن التغيرات الأخيرة في إدلب جاءت بناءً على توافق بين الجولاني وتركيا. ومثلما قدّمت تركيا رأس الزنكي للنصرة، وراقبتها وهي تنهار، قدّم الجولاني هديتين لتركيا في الفترة الأخيرة:
الهدية الأولى: تخلّص أبو محمد الجولاني من أعداء تركيا داخل جبهة النصرة، على رأسهم المفتي الشرعي في النصرة، أبو يقظان المصري، الذي كان لا يخفي عداءه لتركيا، ولا معارضته لتدخل الفصائل إلى جانب تركيا في معركة شرق الفرات.
الهدية الثانية: أعلن أبو محمد الجولاني مساندته لتركيا في معركة شرق الفرات ضد الأكراد.
ويدلل تبادل المصالح بين نظام إردوغان وجبهة النصرة (الواجهة السورية لتنظيم القاعدة) على مدى حرص تركيا على حياة الجولاني، ونقله للعلاج على أراضيها، خصوصًا بعد انهيار تنظيم داعش الذي استخدمته تركيا في السابق لمحاربة الأكراد.
كريتر نت / كيوبوست