كتابات

لازالت الفوضى الأمنية هي المتحكمة في المشهد العام في وادي حضرموت !!

ريبون / كتابات

الأثنين الموافق 4/3/ 2019م ، عندما كنت متواجدا أمام مسجد محمد بن عمر في حي القرن  ، لشراء بعض طلبات البيت  من الخضرة ، شد انتباهي لمة مجموعة من المواطنين يتناقشون فيما بينهم ،  فأخذني الفضول وذهبت إليهم، ووجدت أنَّ الحديث يدور حول محاولة  اختطاف طفل وهو ذاهب إلى المدرسة من أبناء حي القرن  ساحة النور ، في الصف السادس أساسي ، في الثانية عشر من العمر ، من قبل ملثمين يقلون  سيارة  مجهولة ، حيث  تم استدراجه  إلى داخل السيارة ويقال بأنه تم تعذيبه بآلة حادة  على جسمه ، ولولا العناية الإلاهية ، لكان مصيره  في عالم المجهول ، حيث تعطلت السيارة  وتمكن الطفل من الهرب واللجوء إلى أحد المحلات التجارية الواقعة على  جانبي الطريق .

للأمانة نقولها بكل ألم وحسرة  ، أن  أهل هذا الحي  الوديع المسالم المشغولين أهله بالبحث عن لقمة العيش الحلال  ،حيث أغلبهم  عمال يعملون بالأجر اليومي في ظل المعاناة  التي يعيشها المواطنون  ، بسبب  الإرتفاعات المستمرة للأسعار ، لم يفوقوا بعد من آثار تلك الصدمة والفجيعة التي حلت بهم بعد إغتيال أحد أبنائهم  الأسبوع الماضي على بعد خطوات من موقع عمله الذي يقع في  نفس  الحي   ، من منتسبي  كتيبة الحضارم  التابعة للمنطقة العسكرية الأولى وتمر هذه الجريمة كغيرها من جرائم القتل والإغتيالات التي  يشهدها  هذا الوادي منذ فترة طويلة   مرور الكرام وتسجل ضد  مجهول ، واليوم  تحدث  محاولة الإختطاف الفاشلة هذه   في أقل من أسبوع  في  الحي نفسه الذي كان من المفروض  أن يكون أكثر أحياء  مدينة سيؤن أمناً ، حيث يسكنه الكثير من منتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية ، ويتواجد فيه معسكر   الأمن المركزي ومعسكر القاعدة الإدارية   والمنطقة العسكرية الأولى ، لكن لا حياة لمَنْ تُنَادي ! ، وللأسف نقولها  وقلوبنا تنزف دما وتتقطع من شدة الألم والحسرة ، بأن القاتل يقتل ، وهو مطمئن بأنه لن يجرؤَ أحدٌ على ملاحقته أو التعرض له ، لأسباب لا يعرفها إلاّ رب العالمين ، لكن ممّا  يحزّ في النفس أنه عندما خرج المواطنون من أبناء هذا الوادي ومن مدينة سيؤن بالذات يطالبون بإخراج هذه الألوية العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى  و التي فشلت في ضبط الأمن في الوادي  وإحلال محلها قوات النخبة الحضرمية التي أثبتت قدرتها على ضبطه  واستقراره في مدن الشريط الساحلي  ،  للأسف نجد من أبناء  هذه المدينة ومن أبناء هذا الوادي المهويسين  بشعار الوحدة  أو الموت  الذين يرون أبناءه يذبحون يوميا  من غير ذنب أرتكبوه ، سوى دفعتهم ظروف الحياة  والشهامة للدفاع عن محافظتهم الإلتحاق بهذه المهنة ،  من يدافع عن بقائها  ، على الرغم من فشلها في حفظ أمن المواطن ، لأن بقاءها  بقاء لمشروع الوحدة الفاشلة في رأيهم  ، الذين لايرون في هذه الوحدة  إلا مشروعا للقتل والفوضى  والتهميش والإذلال   ،وليس مشروعا للتنمية والأمن والاستقرار  والأخوة  القائمة على الشراكة ، فلنا من التاريخ  العبر  ، القوة الغاشمة لاتحمي نظاما ولا مشروعا سياسياً على الإطلاق ، وإنما النموذج الجاذب والطيب الذي يخدم الجميع  والأفضل والعدل  ، هوالذي يُبْقِي هذه الأنظمة ويُطِيْل في أعمارها ويُحَبّبِها إلى شعوبها ، فمنذ ان تمت الوحدة بين الشطرين  1990 م التي تم الأتفاق على الأخذ بأفضل ما في  التجربتين ، لم ترَ حضرموت والجنوب إلا كل شيء سيءٍ ، القتل والإغتيالات ، والإرهاب والإختطافات والتقطع والفساد  ،  وعودة الثأر وغياب النظام والقانون وغياب الدولة وسلطتها ، لتحل محلها سلطة القبيلة وأعرافها  ، هذه كلها سلوكات منفرة  للوحدة ، ثم يأتي من يزايد بإسم الوحدة  والشرعية ، والشرعية هي سبب لكل الكوارث والمعاناة ، لبعدها عن شعبها ، وإعتمادها  على عناصر فاسدة أيديها ملطخة بدماء الجنوبيين    .

إن محاولة اختطاف طفل وهو ذاهب إلى مدرسته وترويع  أطفال هذا الحي ، لاتقل خطورة ووحشية عن جرائم القتل والإغتيالات تلك   ، والتي هي نتجة  كارثية لغياب الدولة  والفوضى الأمنية التي يعيشها الوادي منذ فترة طويلة ، إذ  شهدت  بعض مدن الوادي بعض حالات اختطاف المعلن عنها ، وتقف وراءها عصابات لسرقة الضحية وأملاكه من سيارات وغيرها ، ووجد بعض الضحايا جثثاً متعفنة في أماكن نائية، والبعض لازال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم ، لكن أن تطال هذه الجريمة أطفال المدارس ، هذه الشريحة في المجتمع التي لا ذنب لها فيما يجري من حولها  ، ألا يكفي مايعانونه من حرمان وعدم تمتع بطفولتهم ، بسبب هذه الحرب اللعينة وإنعكاساتها على نفسياتهم وحرمانهم من كثير من متع الحياة ،بسبب الأوضاع الإقتصادية التي فرضتها  والفساد المستشري  في أجهزة الدولة لغياب المحاسبة ، هذا جرم   يجب عدم السكوت عنه ، وعلى إدارات المدارس  وإدارات التربية والمعلمين والسلطات المحلية تحمل مسؤلياتهم ، لحماية أبنائنا  ، وكذلك قوات التحالف العربي  المتواجدة في الوادي ، لكونها المسؤلة قانونيا وأخلاقيا  عن الوضع الأمني والعسكري  ،فلم نعد نثق في أية قوة  بعد  هذه  الجرائم التي ترتكب ، حيث نشاهد أبناءنا يذبحون وأطفالنا يروَّعُون والجميع يتفرجون ، إلا في قوات النخبة الحضرمية ، فهي أملنا  الوحيد بعد الله سبحانه وتعالى  بعد هذا الخذلان والصمت  الذي نشاهده ونراه  من قبل  مَنْ وُلِّيَ  أمر هذا الوادي   .

الإستاذ / فرج عوض طاحس

سيؤن / حضرموت

الخميس 3/7/ 2019

30 جمادي الآخر 1440 هجرية

إغلاق