عناوين الصحف
الشرق الاوسط : كيف يربح الحـوثيون من معاناة اليمنيين مع غاز الطهي؟
كثيرون غير سعيد، أجبرهم فساد الحوثيين في محافظة إب ومديرياتها، على الذهاب لقطع الأشجار؛ لأن الحطب بديل مناسب لعدم قدرتهم على توفير الغاز.
وتؤكد عزيزة الفازعي، وهي مواطنة في العقد السادس من العمر، أنه بعد ارتفاع سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى 8 آلاف ريال، عجز زوجها وأولادها عن توفير هذا المبلغ باستمرار، ما جعلها برفقة كثير من نساء مدينة العدين في إب، تخرج للجبال لقطع فروع الأشجار.
وتشهد محافظة إب (200 كيلومتر جنوب صنعاء) الخاضعة لسيطرة الحوثيين، شحاً في غاز الطهي، إذ يرجع سكان السبب إلى تلاعب مراكز بيع أسطوانات الغاز، التي تعمل على احتكارها وبيعها في الأسواق السوداء، إلى جانب غياب الرقابة المستمرة.
ويقول محمود الرفاعي، وهو أحد سكان إب، إن السلطة التنفيذية في المحافظة أغلقت جميع المحطات التجارية التي تبيع الغاز المنزلي منذ عدة أشهر، ما أدى إلى انتعاش السوق السوداء، في مركز المحافظة ومراكز المديريات بشكل كبير. ويضيف: نحن في مدينة العدين كل شهر تصرف أسطوانة غاز واحدة لكل أسرة، مهما كان عدد أفرادها، بسعر 3500 ريال يمني (السعر الرسمي المحدد من سلطات الحوثيين) الأمر الذي أجبر بعض السكان وملاك المطاعم والسيارات التي تعمل بالغاز، على الشراء من السوق السوداء التي يصل سعر الأسطوانة الواحدة فيها إلى نحو 8 آلاف ريال.
وأوضح أن غالبية المواطنين لا يستطيعون شراءها، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي رافقها ارتفاع في أسعار المواد الغذائية واستمرار انهيار العملة الوطنية. ويضيف الرفاعي: أنا أعلم مثل غيري أن الغاز موجود، ولكن يباع في السوق السوداء وبأسعار مرتفعة، مبدياً استعداده وقت الضرورة إلى دفع أي مبلغ للحصول على أسطوانة الغاز، حتى ولو كانت العبوة ناقصة كما هي عادة أصحاب محلات البيع. ويتساءل الرفاعي: من الذي يموّن الأسواق السوداء بمادة الغاز، وأين تذهب مقطورات الغاز التي تصل يومياً من مأرب إلى مركز المحافظة؟!.
ويؤكد أحمد محسن، أحد المهتمين بالمجال الاقتصادي في المنطقة، أن الأزمة مفتعلة من قبل مالكي المحطات بالمحافظة، الذين ينتمي أغلبهم لجماعة الحوثيين، بهدف التحكم في السوق وفرض أسعار جديدة، الهدف منها التضييق على المواطنين وجني أموال طائلة، من خلال فتح كثير من الأسواق السوداء في مختلف المديريات، على حساب المواطن المسكين.
وفي 20 مديرية تابعة لمحافظة إب، يختلف الأمر عما هو عليه في مركز المدينة، وإن كانت النتيجة واحدة، فأزمة الغاز هناك يبدو أنها مزمنة، كما يصفها البعض في المخادر والحزم ومذيخرة وحبيش ويريم والسياني والشعر والنادرة، وغيرها. أما عملية الغش في العبوات التي تقل عن وزنها المحدد بما يساوي الربع، فقد أخذت طابعاً شبه رسمي، وعلى مرأى ومسمع من الجميع.
ويقول عبد الله الحبيشي، أحد سكان المنطقة: الغاز أصبح محصوراً على بضعة تجار، لا يسمح لغيرهم بالدخول إليه أو الاقتراب منه مهما بدت الأسباب مقنعة، الأمر الذي سهل عملية الاحتكار للسوق بهذه المديريات وقراها، وعزلها، وإملاء الشروط على الوكلاء المصرح لهم، ما تسبب في إحداث الاختناقات، واختفاء مادة الغاز بين الحين والآخر.
ووفقاً لمعلومات رسمية، يزود فرع الشركة اليمنية للغاز مدينة إب (مركز المحافظة) يومياً بكمية ما بين 8 – 10 آلاف أسطوانة، بسعر 1700 ريال عبر الوكلاء، ليقوموا بالتوزيع وفق قاعدة بيانات معتمدة من المحافظة والمديريات، بقيمة 2000 ريال للمواطنين. كما تصل المحافظة يومياً 7 قاطرات، منها 3 قاطرات حصة المحافظة المعتمدة من صافر، وتقدم للوكيل بسعر 1700 ريال، ليقوم بتقديمها للمواطنين بسعر 2000 ريال، و4 قاطرات غاز تجارية تخصصها الشركة بالتوافق مع التجار للمناطق الريفية، لتباع تحت إشراف الشركة بسعر 2830 ريالاً للأسطوانة.
وأكد سكان أن ميليشيات الحوثي هي التي تفتعل أزمة الغاز المنزلي في المحافظة ومديرياتها، لبيعها في السوق السوداء بأسعار تزيد عن 300 في المائة عن السعر الرسمي. وشكا أحد السكان من أنه يعيش ظروفاً معيشية صعبة، لافتاً إلى أن أجره اليومي البسيط لا يكفيه لتلبية احتياجاته الأساسية، وأن أزمة الغاز المنزلي أضافت معاناة جديدة إلى حياته المتعبة. وقال: إن الجماعة الحوثية افتعلت كثيراً من الأزمات المعيشية في السابق، وتفتعلها الآن، وبينها أزمة الغاز المنزلي، لأجل استغلال حاجة الناس، وبيع هذه المواد بأسعار مضاعفة لتستفيد من الفارق عن السعر الرسمي، رغم أنه يزيد كثيراً عن سعر الكلفة، وسعر السوق السوداء.
وبين أن جماعة الحوثي هي التي عطلت شركة الغاز الحكومية، بعد فترة قصيرة من اقتحامها صنعاء، وفتحت الباب أمام القطاع التجاري الخاص، لتوريد مادة الغاز من حقول صافر في محافظة مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية إلى مناطقها، وأوصلت سعر الأسطوانة الواحدة في بعض الأحيان إلى 13 ألف ريال، بعد أن كان سعر الأسطوانة سعة 25 لتراً بـ1500 ريال قبل انقلابها على الحكومة، من خلال فرض رسوم على ناقلات التجار في منافذ جمركية استحدثتها، فضلاً عن فرض إتاوات في حواجز التفتيش الأمنية على الطرقات.