تقارير وتحقيقات

تقرير يرصد تبعات أحداث تعز ومحاولة نقل المعركة الى عدن

يسعى تنظيم الاخوان المسلمين (حزب الإصلاح) الموالي لقطر عبر ميلشياته الحشد الشعبي الى إحكام قبضته على مدينة تعز المحررة من الحوثيين بعد ازاحته قبل أشهر لكتائب سلفية تمكنت من تحرير مدينة تعز، وبات من المؤكد ان تنظيم الإخوان قد أحكم قبضته الحديدة على الأجزاء المحررة من مدينة تعز كبرى مدن اليمن الشمالي.
وارتكبت ميليشيا حزب التجمع اليمني للإصلاح -إخوان اليمن- جرائم حرب ضد «كتائب أبو العباس»، في مدينة تعز وسط اليمن، ووسط مناشدات عاجلة لإنقاذ الجرحى وحماية المرافق الصحية في تعز من الاستهداف المباشر لميليشيات ما يسمى بحزب الإصلاح.
ونجح الإخوان عقب معارك خاضتها ميليشياتهم بشكل واسع ضد السلفيين في اخراجهم من الأجزاء المحررة من مدينة تعز اليمنية، في عملية وصفتها تقارير إخبارية بأنها عملية تهجير طائفي على غرار تشبه عملية تهجير الحوثيين للسلفيين الذين كانوا يتلقون تعليمهم في بلدة دماج بصعدة.
وكثفت ميليشيا الحشد الشعبي التابعة للإخوان لمدة أربعة أيام متتالية، قصف وإحراق المنازل والمساجد والمستشفيات في المدينة القديمة جنوب مدينة تعز.
في وقت سابق رصد مراقبون سياسيون مخططا لحزب الإصلاح للغدر بـ«كتائب أبي العباس»، ومهاجمتها؛ حيث ذكرت تقارير يمنية أن ميليشيا حزب الإصلاح، بقيادة عبده فرحان سالم المدعوم من قطر، تحشد مسلحيها وعدتها العسكرية ومدرعاتها وتنشر قناصة لتطويق مدينة تعز القديمة، استعدادًا لاقتحام مقر كتائب أبي العباس إحدى فصائل المقاومة في شمال اليمن، وأوضحت أن ميليشيا الإصلاح تسعى للسيطرة على مدينة تعز، وتصفية كل القوى المناهضة لها، محذرة من أن تصفية الكتائب، يشكل ضربة لمقاومة المدينة، ودعمًا لميليشيا الحوثي، في ظل تقاعس الإخوان عن مواجهة الحوثي، واتهامات بتسليم الميليشيا الانقلابية جبهات عدة في تعز.
إعدامات ميدانية
وقال الناشط الحقوقي أكرم الشوافي أن مسلحين نفذوا إعدامًا ميدانيًّا بحق جريح من «كتائب أبو العباس» داخل مستشفى الثورة ورموا جثته في سائلة التحرير.
مشيرًا إلى أنه تواصل مع المعنيين في مستشفى الثورة وبحسب الإفادات اتضح أن الجريح سامي محمد حنش 30 عامًا، هو من كتائب أبي العباس، وقد وصل إلى طوارئ مستشفى الثورة، وتمت إحالته إلى قسم الأشعة.
مضيفًا أن سيارة هايلوكس عليها مسلحون تتبع اللجنة الأمنية، شتمت الكادر الطبي وقامت بتهديدهم، حتى أخذوا الجريح عنوة إلى خارج المستشفى وأعدموه.
وعلى صعيد متصل حمل محافظ تعز السابق، الدكتور أمين محمود، حزب الإصلاح، الجناح السياسي لجماعة الإخوان، مسؤولية ما تشهده المحافظة من جرائم وإبادة جماعية.
فيما كتب محمود على صفحته في فيسبوك: «إن ما يحدث الآن في تعز عبارة عن جرائم حرب وإبادة جماعية بحق المدنيين العزل، وانقلاب عسكري مصغر على قرارات المحافظ من قبل ميليشيات دينية راديكالية، تتلقى أوامرها من الدوحة، يا سيادة الرئيس، ويا محافظ المحافظة أنقذوا تعز».
العودة الى البداية
قبل أسبوع أطلق محافظ محافظة تعز نبيل شمسان رئيس اللجنة الأمنية الموالي لحزب الإصلاح حملة أمنية للقبض على بقية المطلوبين أمنيا في المناطق الشمالية الشرقية من المدينة وأوكل المهمة الى قائد محور تعز ومدير الأمن رئيس الحملة الأمنية وتشمل الحملة كل المربعات شمال المدينة وجنوبها وشرقها وغربها، الإ أن الحملة باتت مسيسة حيث عمل حزب الإصلاح على السيطرة على اللجنة الأمنية وقام بضرب خصومهم ” كتائب أبو العباس”
وتراجع محافظ تعز نبيل شمسان وطالب قائد محور تعز بوقف عمليات ملاحقة المطلوبين بعد توسع الاشتباكات التي راح ضحيتها أكثر من 80 قتيلا من المواطنين.
وقال وكيل محافظة تعز عارف جامل إن قائد المحور ومدير الأمن متمردان على توجيهات المحافظ ويتحملان المسؤولية الكاملة حول كل ما يجري من أحداث داخل المدينة القديمة، وتستهدف قوات موالية لحزب الإصلاح بشكل أساسي كتائب أبو العبّاس باعتبارها العقبة الأكبر في طريق سيطرتها على تعز، لكنّها تستهدف أيضا خصوما آخرين.
وأقدمت المليشيات خلال الأيام الماضية على إحراق مقرّ لحزب المؤتمر الشعبي العام والتحرّش بمنازل بعض من أعضائه من خلال إطلاق النار باتجاهها، فيما داهمت عناصرها مقرّات تابعة للسلفيين من بينها إذاعة محلّية ناطقة باسمهم ودمّرت محتوياتها.
وعلّق السياسي اليمني نبيل الصوفي على الأحداث الجارية في تعز بالقول “إنّ الحرب ضد أبو العباس لم تتوقف”، ملمّحا إلى وجود تواطؤ داخل صفوف الشرعية اليمنية مع الإخوان في سعيهم لبسط السيطرة على المحافظة.
تغيير التحالفات
تتغير خارطة المصالح بين الأحزاب في الواقع السياسي اليمني من آن إلى آخر، ومع مواقف حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين الذي والى قطر بات يتناقض بين الحزب نفسه وتتعدد الاتجاهات والرؤى من وقوفه مع التحالف العربي أو ضده، إلا أن تصريحات توكل كرمان التي تدعو إلى تحالف مع الحوثيين على إثر المواقف المعارضة ضد حزب الإصلاح وسياسته على الأرض وخاصة ما حدث من انقلاب في تعز على اللجنة الأمنية إثر محاولات الشرعية أن تثبت تواجدها وتبسط الأمن من خلال أجهزتها الحكومية في تعز.
تعكس مدى ما يعتري هذه الأحزاب من اعتلالات ويعكس للمواطنين أن لا قضية وطن يدافع عنها هؤلاء بل هي المصالح والتحالفات لقطر وما يبحثون عنه لضمان تواجدهم باسم اليمن.
لكن التقارب بين جماعتي الحوثي وحزب الإصلاح عاد الى الواجهة بشكل قوي بعد تصريحات لرئيس ما يسمى ” بالمجلس السياسي ” لجماعة الحوثي مهدي الماشط في حديث مع صحيفة ” الأخبار” اللبنانية حول وجود رسائل إيجابية من قبل حزب الإصلاح معهم وهي مثلث مفاجئة من العيار الثقيل.
وقال المشاط بأنهم تلقوا ” بعض الرسائل التي يمكن اعتبارها ـــ من زوايا معينة ـــ مؤشرات إيجابية ” ، مشيرا الى أنهم يعملون على مساعدة ” تلك القوى على إنقاذ نفسها من ورطة الوقوف ضد الأهل والوطن والشعب،” والمح الى امكانية ظهور تطورات في هذا الملف مؤكدا بأن جماعته ” تتوقع تطورات إيجابية في هذا الصدد”.
هذه التصريح القوي قابله تصريح مماثل وفي ذات السياق من قبل حزب الاصلاح عبر القيادية فيه توكل كرمان التي حاولت التمهيد لحدوث هذا التحالف والتبرير له.
وقالت كرمان في منشور لها على حسابها الخاص على ” الفيس بوك ” بأن طريق حزب الإصلاح باتجاه جماعة الحوثيين أضحى إجبارياً بسبب ما يتعرض له من محاولات اجتثاث من قبل من سمتهم شركائه في التحالف العربي.
وقالت كرمان:” واضح جدا إن الإمارات اشد كرها للإصلاح من إيران، وان السعودية أكثر رغبة في اجتثاثه من إيران..واضح أكثر أن شركاؤه المفترضون في مقاومة الحوثي أكثر كرها له، وأكثر رغبة في إقصاءه من الحوثي”.
واضافت كرمان “الخيارات محدودة. إما إن يغيروا موقفهم تجاه الإصلاح، اقصد التحالف والأحزاب وكل الذين يقاومون الحوثي. أو أن يغير الإصلاح إستراتيجيته تجاه الأصدقاء والخصوم”.
وفي اشارة واضحة للحوثي واصلت كرمان قولها: “لا مانع ان يكون خصوم الأمس أصدقاء اليوم، وأصدقاء الأمس خصوم اليوم، ومن باب أولى إن كانوا أصدقاء زائفين. هكذا هي السياسة، لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة “.
هذا المخطط الذي تقوده قطر للانتقام من دول التحالف في اليمن باتت معالمه واضحة بشكل جدي بكل توالي الأحداث التي توكد وجود مخطط قطري بضرورة التقارب بين الاصلاح والحوثي لضرب التحالف.
هذا التقارب يقتضي بضرورة الحال تجميد جبهات القتال بين الطرفين، وهذا ما بات واضحا منذ عام، ففي حين لا تخلو جبهات القتال في طول الساحل الغربي من هجمات حوثية بشكل يومي رغم الهدنة الأممية، تعيش الجبهات التي يسيطر عليها الاصلاح حالة من السلام العجيب مع مليشيات الحوثي.
هذا السلام كان نتاج لتفاهمات قادتها قطر عبر ايران مع جماعة الحوثي لتهدئة الجبهة مع الاصلاح الذي اوكلت له مهمة السيطرة على أكبر قدر من مناطق الشرعية وتوفير التمويل اللازم لهذه السيطرة التي ستمكن قطر من ابتزاز التحالف عبر السيطرة والتحكم بالقرار على الأرض.
مع قناعة قيادة الحزب بصعوبة العودة الى الجنوب ولو عبر بوابة الشرعية، تبقى له جبهات الشرعية في الشمال هي مساحة التحرك الممكنة حاليا، ومع يقينه بفرض سيطرته على أغلب جبهات الشمال تبقى له الورقة الأهم وهي تعز.
تبقى حلم السيطرة الكاملة على تعز عسكريا بعيد المنال بوجود خصمين يمنعان تحقيق هذا الحلم، وهما كتائب ابوالعباس في المدينة واللواء 35 مدرع في ريف تعز، لذا ركزت جماعة الاخوان وداعمها القطري على التحرك والتخلص من هذين الخصمين والبدء بالهدف السهل وهو كتائب ابوالعباس، لينقل معركته لاحقًا الى عدن وهو ما سيفشل به حقًا فالصراع في تعز لايمكن ان ينتهي بالسهولة التي يتصورها الناس.

تحديث نت

إغلاق