رياضة
كرة القدم: استياء وجدل بعد تجدد الهتافات العنصرية في الملاعب الإيطالية ضد لاعبيين سود
أثار إطلاق هتافات عنصرية مساء الثلاثاء في ملعب كالياري (جنوب إيطاليا) ضد ثلاثة لاعبين سود البشرة من فريق يوفنتوس، لاسيما المهاجم الدولي مويز كين (19 عاما)، استياء كبيرا وجدلا حادا على خلفية تكرار هذه الظاهرة في الملاعب الإيطالية. وقد وجهت انتقادات للمشجعين ولمدرب يوفنتوس ماسيميليانو أليغري ومدافعه ليوناردو بونوتشي اللذين حملا كين جزءا من المسؤولية.
تجددت ظاهرة العنصرية في ملاعب كرة القدم الإيطالية ضد اللاعبين ذوي البشرة السوداء الثلاثاء عندما تعرض مهاجم نادي يوفنتوس مويز كين، البالغ من العمر 19 عاما، لصافرات استهجان و”هتافات القردة” خلال مباراة الدوري بين فريقه ومضيفه كالياري.
وطالت الهتافات أيضا لاعبين آخرين في يوفنتوس، الفرنسي بليز ماتويدي والبرازيلي أليكس ساندرو، ما أثار انتقادات واسعة للمشجعين على خلفية تكرار هذه الظاهرة وأيضا لمدرب “السيدة العجوز” ماسيميليانو أليغري ومدافعه الدولي ليوناردو بونوتشي اللذين حملا مويز كين جزءا من المسؤولية في إطلاق الهتافات العنصرية.
فالمهاجم الإيطالي الدولي لنادي مرسيليا ماريو بالوتيلي، الغاني الأصل، نشر تغريدة على حسابه في موقع تويتر مخاطبا مويز كين وكتب فيها: “قل لبونوتشي إنه محظوظ بأني لم أكن أمامه في تلك اللحظة، فقد ورطك بدلا من أن يدافع عنك”.
يايا توريه: “صدمت عندما رأيت ذلك يحصل…”
أما اللاعب العاجي يايا توريه، فقال خلال مشاركته في مؤتمر عن التنوع في كرة القدم في لندن: “صدمت عندما رأيت ذلك يحصل، وبعدها المدرب يقول إن كين لم يكن يجدر به أن يقوم بما قام به (…) أريد أن أرى ما سيقوم به الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، أريد أن أرى ردة فعل”.
كما كانت تعليقات أليغري وبونوتشي على طريقة تعامل يوفنتوس على ما جرى بحق لاعبه الشاب العاجي الأصل، محط انتقاد المهاجم الإنكليزي رحيم سترلينغ الذي كان ضحية هتافات عنصرية أكثر من مرة، آخرها خلال مباراة منتخب بلاده ضد مونتينيغرو ضمن التصفيات المؤهلة لكأس أوروبا 2020 الشهر الماضي. وعلق سترلينغ ساخر: “كل ما يمكن القيام به حاليا هو الضحك”.
ورأى رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت في بيان أن “هذه الإهانات العنصرية غير مقبولة”، مبديا دعمه لماتويدي وكين. وأتت الانتقادات أيضا من وكيل أعمال اللاعبَين الهولندي مينو رايولا الذي قال: “أقف إلى جانب بليز وكين. العنصرية بالنسبة إلي مرادفة للجهل. لا يمكن لأي كان، ولا يجدر بأي كان، تبريرها”.
العنصرية في مدرجات الملاعب الإيطالية ترتبط “بمجموعة صغيرة من الأشخاص”
وتحدث مينو رايولا عن ضرورة توافر “شجاعة وعقوبات قاسية لكل من يتصرف بطريقة عنصرية أو يبرر العنصرية. يجب أن نتحد ضد العنصرية”.
تصرف الثلاثاء أعاد إلى الأذهان الطريقة التي تعامل بها مشجعو إنتر مع مدافع نادي نابولي السنغالي كاليدو كوليبالي، عندما وجهوا له إهانات عنصرية خلال مباراة أقيمت في شباط/فبراير الماضي. وقال مدرب نابولي كارلو أنشيلوتي حينها إن فريقه طالب بوقف المباراة دون التجاوب معه.
وأعادت هذه القضية تسليط الضوء على تكرار ظاهرة التعامل العنصري مع اللاعبين ذوي البشرة السوداء في أوروبا عموما وإيطاليا خصوصا، والمفارقة أنها أتت بعد ساعات من تصريحات لرئيس الاتحاد الأوروبي للعبة السلوفيني ألكسندر تشيفرين، انتقد فيها تزايد هذه الممارسات.
من جانبه، اعتبر الباحث الاجتماعي والمسؤول عن مرصد مراقبة العنصرية في الكرة الإيطالية ماورو فاليري، أن العنصرية في مدرجات الملاعب الإيطالية ترتبط “بمجموعة صغيرة من الأشخاص”.
وقال فاليري: “يمكن للرئيس [رئيس كالياري توماسيو جيوليني] أن يتخذ قرار بالمعاقبة، كما يحصل في إنكلترا. لكنه يختار الدفاع عن مشجعيه. القيام بهذا الأمر هو أكثر بساطة، القول إن كالياري ليست مدينة عنصرية…”.
مدري يوفنتوس: “موزي كين لاعب شاب وعليه أن يتعلم”
أما رد فعل بونوتشي، فعزاه فاليري إلى أن قلب الدفاع “لا يقدر بشكل كامل (عمق) مشكلة العنصرية”، موضحا “الفارق مع دول أخرى هو أنه في إيطاليا، لا تتم مواجهة هذه المسألة كمشكلة فعلية”.
وأضاف “بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، لا يتعلق الأمر بالعنصرية وأحد لا يريد أن يتحمل مسؤولية مواجهة” هذه المشكلة.
وزاد من حدة الانتقادات لما جرى في ملعب كالياري الطريقة التي تعامل بها يوفنتوس مع الهتافات، لاسيما عند اعتبار أن مويز لاعب شاب وعليه أن يتعلم القيام بالأمور بشكل أفضل، وذلك على خلفية طريقة احتفاله بالهدف عندما وقف في مواجهة المشجعين فاتحا ذراعيه.
وقال المدري ماسيميليانو أليغري: “هو لاعب شاب وعليه أن يتعلم، لكن بعض الأمور من الجمهور يجب ألا نسمعها”، في إشارة إلى ضرورة عدم التلفظ بها. أما بونوتشي، فاعتبر أن “كين يعلم أنه عندما يسجل عليه الذهاب للاحتفال مع زملائه. يعلم أنه كان بإمكانه التصرف بشكل مختلف”، أي ألا يستفز جمهور كالياري بالاحتفال أمامه.
“زميل في الفريق.. يقول للاعب يجب ألا تفعل ذلك. هذا مخز”
لكن المدافع الإيطالي كتب لاحقا عبر حسابه على إنستاغرام الأربعاء: “أمس أجريت معي مقابلة بعد انتهاء المباراة مباشرة، وكلمات كانت موضع سوء فهم واضح، ربما لأنني تسرعت في طريقة التعبير”. واعتبر أن “ساعات وأعوام لن تكفي للحديث عن هذا الموضوع (…) أنا أدين بحزم كل أشكال العنصرية والتمييز”.
أما رئيس كالياري توماسيو جيوليني فقال إن كين “ارتكب خطأ (…) هو في التاسعة عشرة من العمر، وهذا مفهوم”. وسعى للتقليل من “صيحات القردة”، موضحا أنه سمع “على الغالب صافرات استهجان”.
فكل هذا مضحك، كما قال رحيم ستيرلينغ؟ يايا توريه لديه رأي آخر: “زميل في الفريق.. يقول للاعب يجب ألا تفعل ذلك. هذا مخز. الناس بحاجة للتعامل مع هذه الأمور بجدية”.
فرانس24/ أ ف ب / رويترز