محلية

جنيف: ندوة عن تأثير الحرب على الفئات المستضعفة في اليمن

عقدت في جنيف ندوة ناقشت انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن وتأثيرها على الفئات المستضعفة. الندوة التي نظمها المنتدى الآسيوي الأوروبي لحقوق الإنسان بالشراكة مع الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان في جنيف استعرضت أثر النزاع المسلح في اليمن على الأطفال وما تتعرض له المرأة والاقليات الدينية من مخاطر وانتهاكات جسيمة.

في بداية الندوة استعرض الناشط الحقوقي شادي قباطي، عضو مؤسس في منظمة القانون الدولي اليمنية “عدالة”، أثر النزاع المسلح على الأطفال، مشيراً إلى أن الأطفال في اليمن يتحملون وطأة الحرب ويتأثرون بشكل كبير وغير متناسب.

وقال قباطي أنه مع مرور الوقت غيرت جماعة الحوثي والمليشيات المسلحة الأخرى أساليبها في تجنيد الأطفال من مجرد قبول المتطوعين إلى التجنيد القسري والإكراه، بما في ذلك توفير معلومات أو حوافز مضللة للأطفال، وهو ما “يدل على عدم اهتمام الحوثيين بالمعايير المحلية والدولية والقيام بممارسات تتعارض مع القانون الإنساني الدولي وتنتهك أحكام اتفاقيات جنيف وقواعد لاهاي”.

وأشار قباطي إلى أن جيلاً كاملاً من الأطفال في اليمن يواجهون مستقبلاً قاتمًا بسبب محدودية أو عدم إمكانية الحصول على حقهم في التعليم، مع وجود 2.9 مليون طفل في سن الدراسة خارج المدارس.

مضيفاً أن المعلمين في المدارس الحكومية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لم يستلموا رواتبهم منذ أكثر من عامين بسبب تحويل مستحقاتهم نحو المجهود الحربي. موضحاً ما لكل هذا من تأثير كارثي متتابع “لأن عدم القدرة على التعليم دفع كثير من الأسر اليائسة إلى البدائل الخطيرة، بما في ذلك الزواج المبكر”، بالإضافة إلى أن نشوء جيل من الأميين لن ينتج عنه إلا نقل حالة الفقر إلى الجيل التالي.

وأوضح قباطي إلى أنه منذ الولادة والطفل اليمني عرضة للكثير من المخاطر التي تهدد سلامته وبقاءه على قيد الحياة، خاصة وأن معظم الأطفال الآن يولدون خارج المستشفيات وبغياب قابلات مؤهلات، وهو ما يعرض الأطفال والأمهات لخطر العدوى والموت.

مضيفاً إلى أن تعطل خدمات التطعيم وصعوبة توصيل الإمدادات والمساعدات في جميع أنحاء مناطق الحرب ساهم في انتشار الأوبئة القاتلة مثل وباء الكوليرا، الذي يعد انتشاره في اليمن أكبر وأسرع انتشار للمرض في التاريخ الحديث. هذا إلى جانب خطر المجاعة وانعدام الأمن الغذائي بسبب تحويل الإمدادات الغذائية والأدوية بعيدا عن الأطفال الجائعين واعطائها للمقاتلين أو المؤيدين، وهي المشاكل الجسيمة التي يدفع ثمنها الأطفال قبل غيرهم.

من جهتها تحدثت الناشطة والباحثة هيفاء علي عن المعاناة المتعددة للمرأة اليمنية في الصراع الحالي، وتأثير انعدام الأمن على النساء والفتيات في “بلد لطالما عانت فيه المرأة من التقاليد الأبوية” حسب قولها. مشيرة إلى أنه في أوقات الحرب والصراع غالباً ما تعاني النساء والفتيات من أبعاد إضافية للعنف.

وركزت الباحثة بشكل خاص على تضخيم العنف الجنسي والجنساني الذي تتعرض له المرأة، وأشارت إلى ما تتعرض له النساء في اليمن من ظواهر كارثية مثل الزواج المبكر والزواج القسري، بالإضافة إلى الاعتقال غير القانوني وترحيل النساء من قبل المليشيا الحوثية إلى أماكن مجهولة ومعاقبتهم وتعذيبهن لمجرد ممارستهن حقوقهن المدنية والسياسية، وكيف يتم ابتزاز أسرهن لضمان إطلاق سراحهن، وممارسة الإرهاب والقمع لنشطاء حقوق الإنسان الذين رصدوا هذه الانتهاكات. وتطرقت الباحثة إلى التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية التي تشير إلى أن حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي والزواج المبكر والزواج القسري للفتيات قد زادت بأكثر من 63 % منذ ما قبل الصراع. مضيفة “على الرغم من كون اليمن مجتمعًا محافظًا ، فإن كرامة النساء لم تتم حمايتها مطلقاً”. كما أشارت الباحثة إلى الآثار الصحية والاجتماعية على النساء والفتيات اللائي يحتلن مركز الصدارة في تقديم المساعدة الإنسانية لأسرهن ومجتمعاتهن، ويتحملن أعباء مضاعفة بسبب موت أو تعطيل قدرات من يعولهن من الرجال بسبب الحرب، ومع هذا يتم اهمالهن في كثير من الأحيان، متحدثة بإيجاز عن الثقافة المحافظة والمعايير الأخلاقية الاجتماعية التي تؤثر سلباً على حركة المرأة في ظروف الحرب وحصولها على فرص العمل والرعاية الصحية الأساسية لها ولأفراد اسرتها. واختتمت الباحثة بتسليط الضوء على أهمية إشراك النساء في محادثات السلام لضمان التوازن الجنساني وتمثيل قضايا المرأة وحقوقها في أي تسويات قادمة من شأنها الدفع بعملية السلام قدماً.

وفي مداخلته المعنونة: “الأقليات الدينية: الضحايا المنسيون”، تطرق منصور الشدادي، رئيس البيت اليمني الأوروبي، إلى الأقليات والهويات الدينية والطائفية والانتهاكات التي تتعرض لها هذه الأقليات من قبل الميليشيات الحوثية وبقية الجماعات الإرهابية.

واستعرض الباحث الانتهاكات التي يتعرض لها البهائيون في اليمن من احتجاز واعتقال بالإضافة للدعاية التي تستهدف حريتهم الدينية والعقائدية.

وأكد في استعراضه على تأثير توسع الصراع عبر دخول عوامل ودوافع إقليمية لاستهداف الأقلية البهائية خصوصاً بعد سيطرة الميليشيات الحوثية على صنعاء، مما يعتبر امتداداً للانتهاكات التي ترتكب بحق هذه الأقلية في إيران، بالإضافة لارتفاع النبرة الطائفية للصراع كبديل للصبغة الوطنية.

وذكر الباحث في الورقة المقدمة للندوة عن عملية المضايقات التي تعرض لها اليهود اليمنيين وتهجيرهم ابتداءً من سيطرة الميليشيات الحوثيين على بعض المناطق في صعدة وصولاً إلى تهجير العائلات المتبقية في العام 2017. كما استعرض الشدادي الانتهاكات التي تعرض لها المسيحيون في عدن، وكذلك حرمان اليمنيين الواقعين تحت سيطرة الميليشيا من ممارسة احتفالاتهم الدينية، مثل ما حدث في احتفالات عيد الفطر الأخير، وهو ما دفع بالكثيرين، في ظاهرة غير مسبوقة، إلى الاحتفال سراً في البيوت. أدار الندوة د. إبراهيم العدوفي، سفير اليمن السابق لدى الأمم المتحدة ورئيس الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان.

كريتر

إغلاق