منوعات
هل يأتي جيل من العرب أسماؤهم بلا معنى؟
ريبون / منوعات
نرصد هنا كيف تحولت أسماء المواليد من اختيار دقيق لما هو ذو دلالة في اللفظ والمعنى، إلى البحث عن الغريب وغير المألوف دون النظر إلى نطقه ومعناه.
█ تبادل تاريخي
تبادلت الحضارة العربية الكثير من الأسماء مع لغات وحضارات أخرى على مر العصور المختلفة، وعُرّبت هذه الأسماء لاحقا وضُمنت في المعاجم. كما تغيرت بعض الأحرف لتناسب الصوتيات المختلفة لكل لغة، وتعوّض نقص الأحرف في بعضها.
ويمكن القول إن الدين هو الذي دفع الفرس والأتراك إلى تبني أسماء من الثقافة العربية، في حين لعب النفوذ السياسي والثقافي الدور الأكبر في نقل الأسماء من هاتين اللغتين إلى الثقافة العربية.
وفي المقابل، استعار العرب عددا من الأسماء التركية للتقرب للطبقة الحاكمة في عهد الدولة العثمانية أو كدليل على الوجاهة الاجتماعية. لكن وفقا لـ ألباي، انحسر الوجود العربي في الأسماء التركية مع تأسيس الجمهورية وعلمنة الدولة والتعليم في مطلع القرن العشرين “وفقدت الأسماء العربية والمرتبطة بالدين الإسلامي جزءا من شعبيتها، واتجه الناس لإطلاق أسماء من التراث التركي على أبنائهم”.
█ صوتيات اللغة
وقد يبدو الأمر أكثر تعقيدا مع اللغة الفارسية، بسبب التبادل الثقافي بين العرب والفرس الذي بدأ قبل انتشار الإسلام، لكن أوج هذا التبادل كان في الفترة بين أواخر القرن الثاني عشر، وأوائل القرن الرابع عشر الميلادي.
وأضاف أنه جغرافيا، يشيع استخدام الأسماء ذات الأصول الفارسية في المناطق المتاخمة لإيران، وكذلك بين الشيعة في لبنان وسوريا. كذلك تنتشر بعض الأسماء في مصر ودول شمال أفريقيا، في حين تقل تماما في دول الخليج.
ومن ناحية أخرى، في عصر الدولة العباسية، ساهم نظام الموالي في اتخاذ الفرس والأتراك أسماء عربية، حتى أن بعضهم اختفى اسمه الأصلي ولم يُعرف في سيرته سوى باسمه العربي.
وثمة إشكالية لغوية أدت إلى تغير في نطق وكتابة الكثير من الأسماء المتبادلة بين اللغتين، إذ لا تحتوي الأبجدية الفارسية على حروف “الحاء” و “العين”، ويُنطق حرف “الصاد” بصوت مرقق. أما حرف “الضاد”، فيُنطق “ظاء” أو “زين”.
ولنا في اسم “ميلاد” مثال على الدور الذي لعبته الصوتيات اللغوية في تبديل النطق والمعنى، فيقول ريزاخاني إن الشائع في إيران أنه من أصل عربي (من الفعل ولد) “في حين أنه يرجع لشخصية أسطورية فارسية تحمل اسم ميثرا – داتا. وتطور هذا الاسم نطقا وكتابة مع الوقت إلى مهرا – داتا، ثم مهر – دات، ثم مهرداد، ثم مهلاد، وصولا إلى ميلاد”.
█ إلصاق الاسم باللغة
إذن، فالأسماء ذات الأصول الأجنبية ليست أمرا مستحدثا أو عيبا في حد ذاتها. واللغة العربية زاخرة بأسماء من أصل غير عربي، لعل أبرزها أسماء الأنبياء. إلا أن هذه الأسماء – على عكس الشائع مؤخرا – لها معنى ودلالة.
وعندما عرضنا عددًا من الأسماء المنتشرة مؤخرا على أنها “غريبة وحديثة” على لغويين من الفارسية والتركية، ظهر أن أغلبها لا تمت لهذه اللغات بأي صلة. وقليل من هذه الأسماء كان اشتقاقا غير منضبط لغويا من كلمات أو أفعال تحمل معاني غير التي تُلصق لها أو تروجها المنصات الإلكترونية المختلفة.
لكن الثقافة التركية لها موقف مختلف، إذ تقول ألباي إنه أصبح ملحوظا أن “الكثير من العرب يتخذون أسماء تُنسب للغة التركية، غالبا ما ترجع للأعمال الدرامية المدبلجة التي يتابعونها، بينما يتمسك الأتراك بأسمائهم التراثية أو التي لها معنى بالتركية”.
█ دلالات التسمية
قديما، كان اختيار اسم المولود وسيلة لتمييز شخصه ونسبه، وكانت العائلات تختار من الأسماء المكررة بين أفرادها كإرث عائلي.
وتابع: “أما الآن، أصبح الإيرانيون يميلون للأسماء التراثية القديمة، كنوع من معارضة النظام (الإسلامي). وبعض هذه الأسماء لم تكن مستخدمة من قبل، أو تغيرت بفعل تغير اللغة، فينتهي الأمر إلى أسماء ليس لها معنى”.
ويقول: “المشكلة الحقيقية لها شِقَّان: الأول تسمية الأبناء بأسماء غير مفهومة، سواء للآباء أو للمجتمع المحيط بهم، والثاني محاولة إلصاق الاسم باللغة العربية، كأنما هو اعتراف (ضمني) بأن التسمية باللغة الأجنبية عيب”.
“وما دامت التسمية “محبوبة” و “مفهومة المعنى” لأصحابها، فلا بأس بذلك، ولو كانت أجنبية. فإذا كانت غير محبوبة، أو غير مفهومة المعنى، فهذا ما نراه عيبًا، ولو كانت عربية أصيلة”.