أخبار العالم

مظاهرات العراق: ارتفاع حصيلة القتلى والسلطات تعيد إغلاق المنطقة الخضراء

ريبون / وكالات

استخدمت قوات الأمن في العراق الرصاص الحي لتفريق المظاهرات التي تشهدها العاصمة بغداد ومدن أخرى منذ الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل بينهم شرطي. فيما قررت السلطات العراقية إعادة إغلاق المنطقة الخضراء وسط بغداد، التي تضم مقار حكومية والسفارة الأمريكية، بعدما أعيد فتحها في حزيران/يونيو الماضي.

قتل تسعة متظاهرين بينهم شرطي خلال 24 ساعة في العراق حيث اتسعت رقعة المظاهرات المطلبية الأربعاء ولجأت القوات الأمنية مجددا لإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المحتجين، وسط دعوات إلى ضبط النفس.

ويبدو أن الحكومة التي تم تشكيلها قبل عام تقريبا، قد اتخذت خيار الحزم في مواجهة أول امتحان شعبي لها، رغم أن ذلك لم يثن المحتجين الذين واصلوا تدفقهم مساء إلى نقاط التجمع المركزية في بغداد ومدن جنوبية عدة.

وقتل خمسة متظاهرين بالرصاص مساء الأربعاء في الناصرية بمحافظة ذي قار إضافة إلى شرطي، غداة مقتل متظاهر في المدينة التي تبعد 300 كيلومتر جنوب بغداد، بحسب ما أعلن مسؤول محلي، من دون تحديد مصادر النيران. في المقابل، قتل متظاهران منذ الثلاثاء في بغداد، حيث امتدت المظاهرات لتطال أكثر من ستة أحياء في العاصمة.

وأقدم المتظاهرون في أحياء بغدادية عدة، على إشعال إطارات وقطع طرقات رئيسية، بحسب ما ذكر مراسلون من وكالة الأنباء الفرنسية.

إغلاق المنطقة الخضراء

وقررت السلطات العراقية إعادة إغلاق المنطقة الخضراء وسط بغداد، التي تضم مقار حكومية والسفارة الأمريكية، بعدما أعيد فتحها في حزيران/يونيو الماضي، فيما تتواصل المظاهرات في محيطها، بحسب ما قال مصدر حكومي لوكالة الأنباء الفرنسية.

وانتشرت المدرعات العسكرية وعناصر أمنيون عند المداخل والطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، بحسب المصدر نفسه.

ويسعى المحتجون، الذي يواجهون القوات الأمنية وجها لوجه، للتوجه إلى ساحة التحرير في وسط العاصمة، التي تعتبر نقطة انطلاق تقليدية للتظاهرات في المدينة، ويفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية حيث ضربت القوات الأمنية طوقا مشددا منذ الثلاثاء.

وكانت السلطات العراقية أعادت في حزيران/يونيو افتتاح المنطقة الخضراء التي كانت شديدة التحصين وتضم المقار الحكومية والسفارة الأمريكية. وعادة ما يتخذ منها المتظاهرون وجهة لهم لرمزيتها السياسية، وخصوصا أنها شهدت في العام 2016 اقتحاما من قبل أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

ودعا الصدر مناصريه مساء الأربعاء إلى “إضراب عام” لمساندة المتظاهرين.

واتهمت الحكومة العراقية “معتدين” و”مندسين” بالتسبب “عمدا بسقوط ضحايا بين المتظاهرين”.

والأربعاء، استخدمت قوات مكافحة الشغب مجددا الرصاص الحي لتفريق مئات المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، وصولا إلى رفض تنحية قائد عسكري يتمتع بشعبية، في بغداد والناصرية والنجف جنوبا.

وأفاد مراسلون أن القوات الأمنية اعتدت على فريق صحافي، واعتقلت صحافيا آخر.

وفي حي الزعفرانية بجنوب العاصمة، حيث أقدم المتظاهرون على حرق إطارات، سمع مراسل وكالة الأنباء الفرنسية أزيز الرصاص على غرار يوم الثلاثاء في وسط بغداد، في محيط ساحة التحرير التي انطلقت منها التظاهرة.

ووفقا لمصادر طبية، نقل أكثر من ستين شخصا إلى مستشفيات بغداد، مشيرة إلى أن تسعة منهم أصيبوا بالرصاص الحي، وآخرون كانوا يعانون الاختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع أو أصيبوا خلال عمليات التدافع.

لكن يبدو أن المتظاهرين عازمون على الاستمرار في تحركهم. ففي الزعفرانية، قال عبدالله وليد (27 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية إنه خرج للتظاهر الأربعاء “لدعم إخواننا في ساحة التحرير” التي ضربت القوات الأمنية طوقا أمنيا حولها.

“نطالب بكل شيء”

وأضاف في شارع تتمركز فيه مدرعات قوات مكافحة الشغب “نطالب بفرص عمل وتعيين الخريجين وتحسين الخدمات، مضت علينا سنوات نطالب، ولا جواب من الحكومة”.

أما في حي الشعب، ووسط سحب الدخان الناتج من حرق الإطارات، فقال محمد الجبوري الذي يحمل شهادة في الهندسة لكنه اليوم يقوم بأعمال هامشية “نطالب بكل شيء، نطالب بوطن، نشعر بأننا غرباء في بلدنا، لا دولة تعتدي على شعبها كما فعلت هذه الحكومة. نحن نتعامل بسلمية ولكنهم أطلقوا النار”.

وهذه التظاهرات غير مسبوقة، إذا إنها لم تنطلق بدعوة من حزب أو زعيم ديني كما تجري العادة في بغداد، بل جمعت الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة.

ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، انقطاعا مزمنا للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.

وعنونت صحيفة “البيّنة الجديدة” العراقية إن هذا الحراك لم يشهد “لأول مرة.. لا رايات ولا صورا ولا شعارات حزبية”.

“قمع”

وفرقت قوات الأمن التظاهرات في بغداد ومدن عدة من جنوب البلاد بالقوة، أولا بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. بعيد ذلك، في العاصمة خصوصا، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي الذي أطلقته في الهواء لساعات في ساحة التحرير.

وبينما كانت عائلة المتظاهر الأول الذي قتل في بغداد تواريه الثرى في منطقة مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية، ندد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن بـ”المندسين” الذين يسعون إلى “نشر العنف”.

وبعد ذلك، علق الرئيس العراقي برهم صالح على تويتر بالقول إن “التظاهر السلمي حقٌ دستوري (…) أبناؤنا في القوات الأمنية مكلفون بحماية حقوق المواطنين”.

من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت عن “قلق بالغ”، داعية السلطات إلى “ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات”.

بدورها، أبدت لجنة حقوق الإنسان النيابية اعتراضها على “ردة الفعل الخاطئة وأسلوب قمع التظاهرات السلمية”، مؤكدة ضرورة أن “يتحمل الجميع مسؤوليته”.

من جهته دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى التحقيق في الموضوع، على غرار الصدر الذي يرفع راية مكافحة الفساد.

أما عبد المهدي، فقد أصدر بيانا قال فيه “نحيي أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدرا عاليا من المسؤولية وضبط النفس” في وجه “المعتدين غير السلميين (…) وتسببوا عمدا بسقوط ضحايا بين المتظاهرين”.

وأثار هذا البيان تعليقات نارية على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء، بينما كان السياسيون داعمين للمتظاهرين.

والأربعاء، ترأس عبد المهدي اجتماعا لمجلس الأمن الوطني لبحث الأزمة.

فرانس24/ أ ف ب

إغلاق