متابعات
دون الدول المطلة عليه.. لماذا تحركت واشنطن لتأمين البحر الأحمر؟
ريبون نيوز_ متابعات. الأربعاء20 ديسمبر2023
خلال زيارة لإسرائيل، الاثنين، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنشاء “قوة عمل بحرية”، وأكد مجددا أن العدد المتزايد من هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر يمثّل مشكلة دولية تتطلب حلا دوليا.
وقال أوستن، “هذه الهجمات متهورة وخطيرة، وتنتهك القانون الدولي، ولذا فإننا نتخذ إجراءات لبناء تحالف دولي لمواجهة هذا التهديد”.
ويعتقد أن المسلحين الحوثيين في اليمن نفّذوا قرابة 12 هجوما على الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر، بما في ذلك الشركات التي يعتقدون أنها مرتبطة بإسرائيل، ردا على العدوان على قطاع غزة بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكإجراء احترازي للسلامة، قالت شركات شحن دولية عدة، إنها أبلغت سفنها بعدم دخول مضيق باب المندب الذي يفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن. وعلّقت 4 من أكبر 5 شركات للحاويات في العالم، وتمثل 53% من تجارة الحاويات العالمية، عملياتها في البحر الأحمر، ما مثّل صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي.
رفع تكلفة الصراع
وفي حوار مع الجزيرة نت، رأى تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية والخبير بالمعهد العربي بواشنطن، أن “مهاجمة السفن في البحر الأحمر ترفع من تكلفة الصراع في غزة على المجتمع الدولي، مع إدراك التعرض للانتقام المباشر الكبير من إسرائيل والولايات المتحدة”.
ومثّل إعلان البنتاغون عن إنشاء فرقة عمل بحرية متعددة الجنسيات لحماية السفن التجارية من هجمات الحوثيين الصاروخية والطائرات دون طيار في البحر الأحمر وخليج عدن، التي تصاعدت في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحماس، مفاجأة للمراقبين الأميركيين.
وقال مسؤولون، إن فرقة العمل ستعرف باسم “عملية حماية الرخاء”، وتشمل الدول المشاركة في الجهد الجديد للولايات المتحدة: بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، وستسهم كلٌّ منها بالسفن والموارد الأخرى.
من جانبه، غرّد تريتا بارسي، نائب رئيس معهد “كوينسي للسياسات”، والمحاضر بجامعة جورج تاون في واشنطن، على منصة “إكس” بالقول “لم توافق دولة واحدة في البحر الأحمر على الانضمام إلى التحالف الأميركي لحمايته. وانضمت دولة عربية واحدة فقط، البحرين. ماذا يخبرنا ذلك عن جاذبية دبلوماسية الرئيس جو بايدن؟ كيف كان سيبدو التحالف لو أيّد بايدن وقف إطلاق النار في غزة؟”.
وبدا واضحا غياب أي من الدول المطلة على البحر الأحمر؛ وهي: المملكة العربية السعودية ومصر والسودان وجيبوتي، وإريتريا وإسرائيل.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تولّت البحرية المصرية قيادة فرقة بحرية جديدة شكّلها الأسطول الخامس الأميركي تحت اسم “قوة المهام 153” وتأسست في 2019 من 34 دولة لحماية الشحن البحري من هجمات إيران.
وتقود مصر دوريات في البحر الأحمر والمياه قبالة ساحل اليمن لتعزيز نشاطات المراقبة وحظر نقل الأسلحة والمخدرات. ووفق خطط البنتاغون، أصبحت القاهرة في وضع جيد للمشاركة في جهد جماعي بقيادة أميركية ضد إيران وحلفائها.
أهم الطرق
ويُعدّ البحر الأحمر أحد أهم الطرق في العالم لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال، وكذلك للسلع الاستهلاكية.
وأوقفت شركة النفط العملاقة، BP بريتيش بيروليم، جميع عمليات شحن النفط عبر البحر الأحمر بعد الهجمات الأخيرة على السفن من قبل الحوثيين. وألقت الشركة باللوم على “الوضع الأمني المتدهور”، كما علّقت العديد من شركات الشحن رحلاتها مع استمرار الهجمات.
كما أعلنت، أمس الاثنين، شركة إيفرغرين لاين، وهي واحدة من أكبر شركات الشحن في العالم، أنها لن تنقل بعد الآن شحنات إسرائيلية عبر البحر الأحمر. وأوضحت، “من أجل سلامة السفن والأطقم العاملة عليها، قررنا التوقف مؤقتا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأوعزنا لسفن الحاويات التابعة لنا بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر”.
وبدلا من استخدام مضيق باب المندب، سيتعين على السفن الآن أن تسلك طريقا أطول للتنقل حول جنوب أفريقيا، مما قد يضيف حوالي 10 أيام إلى الرحلة ويكلف ملايين الدولارات، ويقدّر خبراء أن حوالي 30% من تجارة الحاويات العالمية تمر عبر قناة السويس.
وارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي بشكل حاد أمس الاثنين، وسجل النفط مكاسب حادة على الأخبار. وارتفع خام برنت، أهم مؤشر عالمي، بنسبة 2.7 % إلى 78.64 دولارا للبرميل، في حين ارتفع النفط الأميركي بنسبة 2.8% إلى 73.44 دولارا للبرميل.
وأصدرت القيادة الوسطى الأميركية CENTCOM، التي يمتد نطاقها الجغرافي من باكستان شرقا إلى مصر غربا، بيانا نشر على منصة “إكس”، أكدت فيه وقوع هجمات أمس على سفن بالبحر الأحمر.
وقالت، إنه “في 18 ديسمبر/كانون الأول، حوالي الساعة التاسعة صباحا (بتوقيت صنعاء)، وقع هجومان مسلحان حوثيان على الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر. وتعرضت السفينة الكيميائية ناقلة النفط صوان أطلنتيك SWAN ATLANTIC لهجوم بطائرة دون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وصاروخ باليستي مضاد للسفن أُطلق من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن”.
وأضافت أن جزر كايمان التي ترفع علم صوان أطلنتيك أبلغت عن تأثر السفينة وطلبت المساعدة، واستجابت لها أقرب سفينة حربية أميركية، لتقييم الأضرار.
وتابعت القيادة الوسطى “وفي الوقت نفسه تقريبا، أبلغت سفينة البضائع “إم إف كلارا ” عن انفجار قرب موقعها. وهذا الهجوم منفصل عن الهجوم على صوان أطلنتيك. ولم يكن هناك طلب دعم أو تقرير عن الأضرار. ولم يبلغ عن وقوع إصابات خلال أي من الحادثين”.
وتحدثت تقارير عن بدائل تبحثها إدارة بايدن للرد على الحوثيين بعد هجماتهم على سفن بالبحر الأحمر، ونقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن “إدارة بايدن بعثت مؤخرا برسائل إلى الحوثيين في اليمن عبر قنوات عدة تحذّرهم فيها من عواقب عدم وقف هجماتهم على السفن وضد إسرائيل”.
تهديد واضح
وعدّ الباحث مايكل نايتس، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنه خلال حرب غزة، برز الحوثيون كونهم “العضو الأكثر تقبلا للمخاطر في محور المقاومة الإيراني، خاصة مع تشكيلها تهديدا واضحا لحرية الملاحة الدولية”.
ورجح تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض، أن يكون هناك “تنسيق تكتيكي بين طهران والحوثيين، وربما بعض الاتفاق على الإستراتيجية، وهي اتهامات ليست بعيدة المنال”.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، تعهد الحوثيون بدعم المقاومة الفلسطينية بكل السبل الممكنة، وبالفعل أُطلقت صواريخ عدة متوسطة المدى، أُسقطت قبل أن تصيب أهدافها في إسرائيل.
في 9 ديسمبر/كانون الأول الحالي، هدّد الحوثيون باستهداف جميع السفن المتجهة إلى تل أبيب، بغض الطرف عن جنسيتها، وحذّروا جميع شركات الشحن الدولية من التعامل مع المواني الإسرائيلية.
وقبل أسابيع، أسقط الحوثيون طائرة أميركية دون طيار من طراز MQ-9 Reaper، وفي 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، “نجري محادثات مع دول أخرى حول فرقة عمل بحرية تضم سفنا من الدول الشريكة، إلى جانب الولايات المتحدة لضمان المرور الآمن في البحر الأحمر”.
وقد دعا بعض أعضاء الكونغرس إدارة بايدن إلى إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية. وأصدر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول بيانا جاء فيه، “من خلال إعطاء الأولوية للسياسة على الأمن، شجعت هذه الإدارة الحوثيين، ومكنتهم من تطوير أسلحة أكثر تقدما، ومكنتهم من تعميق العلاقات مع إيران، وترسيخ سيطرتهم على ملايين اليمنيين الأبرياء”.
وأضاف “من الواضح أن الحوثيين يشكلون تهديدا لليمن، ولشركائنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وللجنود والمواطنين الأميركيين في المنطقة، ولحرية الملاحة والتجارة العالمية. يجب أن ننهي سياسة الاسترضاء هذه وأن نكون جادّين في الرد الفعلي على تهديد الحوثيين، من خلال تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية، بدلا من تمكينهم”.
وفرضت واشنطن مؤخرا عقوبات جديدة على الأشخاص الذين يدعمون الحوثيين ماليا، حيث ألقى البيت الأبيض باللوم على إيران لتزويدهم بالأسلحة وتدريبهم على استخدامها.