كتابات

التحالف وتوقعات ما بعد التوقيع

ريبون / كتابات

د. أحمد باحارثة

التحالف هو أحرص الثلاثة على حدوث التوقيع وإتمام الاتفاقية، وإن كانت معظم المجادلات اتجهت نحو نقاط الاستفادة لكل من الطرفين المحليين من الشرعية والانتقالي، غافلين عن حزر مصلحة التحالف أولا منها، وهو الذي منذ شن عاصفته وبوصلته واضحة الاتجاه نحو تحقيق مصالحه أولا، وإن كان يحرص على إلباسها ثوب المصلحة اليمنية ظاهرا وشكلا.

ومن هنا يأتي حرص التحالف بطرفيه السعودي والإماراتي على الوصول لاتفاقية يتم توقيعها بين القوتين المواليتين له، لتبدو شكليًا أنها في صالح الشرعية لإنهاء التمرد وإعادتها لعدن، وفي صالح الانتقالي في إصباغه شرعية الشراكة في الحكم وصناعة القرارات، وتقاسم الوزارات، لكن أين مكسب التحالف من الاتفاقية وتوقيع الطرفين اللدودين عليها، إنه برأيي يتمثل في أمرين مهمين لمصالح التحالف في اليمن وأدواره المستقبلية.

فأولها حسم الجدل في نوعية المشاركة الجنوبية في الحكم والمقررة سلفًا بحسب مخرجات الحوار الوطني، الذي يظن البعض أنه مغيب، والتي نصت على تقاسم المناصب خمسين في المائة بين الجنوب والشمال، لكن المحسوبين على الجنوب في الشرعية ظلوا في دائرة التشكيك في ولائهم وأسباب اختيارهم، وبالمحصلة غير مرضي عنهم في المزاج الجنوبي، أما الآن فستكون المشاركة النصفية للجنوب في الشرعية مرضي عنها؛ لأنها قادمة عبر طرف ثبت لنفسه قدم صدق لدى قطاع واسع ومؤثر من مواطني الجنوب، ولو إلى حين، ومن ثم ستكون حكومة الشرعية أكثر متانة وتماسكًا، وهذا الأمر يعطي الحكومة حركة أقوى في إدارة الدولة، كما يعطي قوة إضافية لشرعية الرئيس هادي ويعزز نفوذه المتآكل، ومن ثم ينعكس ذلك إيجابًا على صورة نجاح التحالف في اليمن أمام المجتمع الدولي، بعد اهتزاز عنيف عانى منه في الفترة الأخيرة.

المكسب الآخر الأكثر أهمية، وهو مترتب على سابقه، هو إضعاف الاتجاه الذي صار يعلو صوته في الشرعية في التململ من التحالف، والتشكيك المتصاعد في نواياه وأهدافه في اليمن، ولاسيما الطرف الإماراتي جهارا، ثم الطرف السعودي من طرف حيي، يقابله ميل لدى أطراف محسوبة على الشرعية للتصالح مع حكام صنعاء، يعززه ما يتداول إعلامي عن حوار لطرفي التحالف، مباشر أو غير مباشر، مع الحوثة وحليفهم الإيراني، ومن هنا تأتي أهمية تطعيم الشرعية بطرف جديد معاد ليس للحوثة وحسب، بل ولكل ما هو شمالي، فيجاهر بالدعوة بفصل الجنوب عن الشمال، إضافة إلى عدائه للفصيل (الإخواني) في الشرعية، والذي يصنفه طرفا التحالف بالإرهابي، مما يعزز يد التحالف الطولى في اليمن بمد عمره ونفاذ أمره.

قد لا نشك في أن التوقيع لا محالة واقع، ما له من دافع، لكننا لا نثق في نتائج ما بعد التوقيع من حيث المصلحة اليمنية؛ سواء باتجاهها الجنوبي وأحلام الانفصال، أو بانعطافها الشمالي بلعابه وألعابه، فكثيرا ما تأتي الوقيعة بعد التوقيع، وينوب عن صرير الأقلام قعقعات الحسام، وتنشط أصابع أبي القعقاع، ومن ثم تقع الواقعة خافضة لأقوام ولغيرهم رافعة، وتبقى البلاد في مهب العاصفة، وحضيض الفصول السابعة.

إغلاق