أخبار العالم

العراق: عصيان مدني وقطع إنترنت في أنحاء البلاد ورصاص حي لتفريق المتظاهرين في بغداد

ريبون / وكالات

استيقظ العراق الأربعاء على يوم جديد من العصيان المدني في أنحاء البلاد، وخصوصا في العاصمة بغداد حيث عاودت القوات الأمنية استخدام الرصاص الحي لتفريق متظاهرين يطالبون بـ”إسقاط النظام” في اليوم الرابع عشر من الموجة الثانية للاحتجاجات. ومنذ ليل الاثنين الثلاثاء لا تزال خدمة الإنترنت مقطوعة بشكل تام في بغداد ومعظم المحافظات. وقالت مصادر أمنية ونفطية إن محتجين عراقيين أغلقوا مدخل مصفاة نفط الناصرية في جنوب البلاد، ومنعوا شاحنات تنقل الوقود إلى محطات غاز من الدخول إلى المصفاة، مما تسبب في نقص الوقود في أنحاء محافظة ذي قار.

لا يزال العراقيون متمسكين بإسقاط النظام وبمطالبهم “الشرعية” التي لم تتلاش أمام رصاص قوات الأمن حيث عاودت القوات الأمنية استخدام الرصاص الحي لتفريق متظاهرين يطالبون بـ”إسقاط النظام” الأربعاء وهو اليوم الـ14 من الموجة الثانية للاحتجاجات. وانتشر العصيان المدني في أنحاء البلاد، وخصوصا في العاصمة.

ولا تزال خدمة الإنترنت مقطوعة بشكل تام في بغداد ومعظم المحافظات، منذ ليل الاثنين الثلاثاء، وسط مخاوف بين المحتجين من محاولة عزلهم مجددا لضرب التظاهرات على غرار الموجة الأولى التي شهدت عنفا غير مسبوق.

إغلاق مصافي النفط 

كما أغلق متظاهرون صباح الأربعاء شركة نفط ذي قار، ومنعوا الموظفين من الوصول إلى مقر الشركة، وفق المصدر نفسه.

وقالت مصادر أمنية ونفطية إن محتجين عراقيين أغلقوا مدخل مصفاة نفط الناصرية في جنوب البلاد.

وأضافت المصادر أن المحتجين منعوا شاحنات تنقل الوقود إلى محطات غاز من الدخول إلى المصفاة، مما يتسبب في نقص للوقود في أنحاء محافظة ذي قار.

وفي الديوانية، أغلق متظاهرون مصفى الشنافية النفطي، وفقا لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية.

أما في مدينة البصرة الغنية بالنفط في أقصى الجنوب العراقي، لا يزال ميناء أم قصر، أحد المنافذ الرئيسية لاستيراد المواد الغذائية والأدوية للبلاد، مغلقا لاستمرار تجمع المتظاهرين الذين يقطعون الطريق المؤدية إلى الميناء، وفقا لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية.

نحو 280 قتيلا إلى الآن والحصيلة في ارتفاع 

وتشهد الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 280 شخصا، بحسب إحصاء لوكالة الأنباء الفرنسية، في وقت تمتنع السلطات منذ نحو أسبوع عن نشر حصيلة رسمية.

اتسمت الموجة الأولى من الاحتجاجات بين الأول والسادس من تشرين الأول/أكتوبر بتواجد قناصة على أسطح مبان استهدفوا المتظاهرين، لكن هويتهم لا تزال مجهولة بالنسبة إلى السلطة.

وبدأت دائرة الاحتجاجات تتسع في العاصمة منذ ليل الثلاثاء الأربعاء، مع ما يبدو سعيا من المتظاهرين لتشتيت تركيز القوات الأمنية التي أطلقت الرصاص الحي الأربعاء وأوقعت جرحى بين محتجين حاولوا عبور جسر رابع، بحسب مراسل من وكالة الأنباء الفرنسية.

وقال متظاهر يدعى محمود ويبلغ من العمر 20 عاما، فيما يحاول مسعفون معالجته من إصابة تعرض لها على جسر الشهداء، إن “قوات مكافحة الشغب ضربونا بالهروات على رؤوسنا واشتبكنا معهم بالحجارة (…) لكنهم بدأوا بالرمي الحي على المواطنين”.

فبعد إقفال جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية وسفارات أجنبية، وجسري السنك والأحرار، يسعى المحتجون إلى إدخال جسر الشهداء ضمن لعبة الكر والفر مع القوات الأمنية.

الجنوب يواصل عصيانه

ويؤكد المتظاهرون أن عمليات قطع الجسور هي في إطار العصيان المدني المعلن، ولحماية كل الطرقات التي تؤدي إلى المتظاهرين في ساحة التحرير الذين ما زالوا يتجمعون خلال النهار.

وأفادت مصادر أمنية عدة لوكالة الأنباء الفرنسية، عن استمرار عمليات الخطف لبعض المتظاهرين لدى عودتهم من التظاهر، في ما يبدو محاولة لبث الرعب وتجفيف الشارع. كما أن قطع الإنترنت له أثر سلبي على نفوس المحتجين.

وأشار مسؤول حكومي لوكالة الأنباء الفرنسية طلب عدم كشف هويته أن “حجب الإنترنت ينذر بأنه سيكون هناك دماء”.

وكانت السلطات قطعت الإنترنت لمدة أسبوعين الشهر الماضي، وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تزال محجوبة حتى الآن، إلا من خلال استخدام تطبيقات “في بي أن”.

وقالت منظمة “نيت بلوكس” للأمن الإلكتروني إن “هذا القطع الجديد هو أسوأ القيود التي فرضتها الحكومة العراقية منذ بداية التظاهرات” في الأول من تشرين الأول/أكتوبر.

المدارس مغلقة في الناصرية والكوت والحلة والنجف والديوانية

وإلى جنوب العاصمة، تواصل إغلاق الدوائر الحكومية والمدارس بالكامل في مدن الناصرية والكوت والحلة والنجف والديوانية، وفقا لمراسلي وكالة الأنباء الفرنسية.

وليل الثلاثاء، أقدم متظاهرون على إحراق منازل نواب ومسؤولين محليين في قضاء الشطرة شمال مدينة الناصرية، بحسب مصادر في أمنية.

جمود سياسي

وعلى المقلب السياسي، تبدو الأمور مجمدة حتى الساعة، خصوصا مع إعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الثلاثاء أن الحلول المطروحة حتى الآن لا تفي بالغرض، خصوصا مسألة إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

ومسألة الانتخابات كانت مقترحا من رئيس الجمهورية برهم صالح الذي يجري مشاورات سياسية مع كبار الزعماء في إقليم كردستان العراق.

والواضح حتى الآن أن عبد المهدي وصالح، في حالة قطيعة، بحسب ما قال مسؤول عراقي لوكالة الأنباء الفرنسية، لاعتبار الأول أن حليفه تخلى عنه.

وأكدت مصادر سياسية عدة مقربة من دوائر القرار لوكالة الأنباء الفرنسية أن “إيران ليست راضية عن دور برهم صالح في الأزمة الحالية، تخلى عمن أوصله إلى الرئاسة عند أول مفترق طرق”.

ولفت العديد من المسؤولين إلى أن عبد المهدي نفسه أيضا، أصبح محاصرا ومعزولا وأن سلطاته بصنع القرار وفريق مستشاريه بات خاضعا لضغوط متزايدة من إيران.

وتركز غضب المتظاهرين الذين يطالبون بـ”إسقاط النظام” خلال الأيام الماضية، على إيران صاحبة النفوذ الواسع والدور الكبير في العراق، إلى جانب الولايات المتحدة التي لم يشر إليها المحتجون خلال التظاهرات، وهي بدورها لم تبد تفاعلا تجاه الأزمة الحالية في البلاد.

وما أجج غضب المحتجين هو الزيارات المتكررة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني للعراق، وتصريحات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي عن وجود “مخططات من الأعداء لإثارة الفوضى وتقويض الأمن في بعض دول المنطقة”.

فرانس24/ أ ف ب 

إغلاق