أخبار العالم
لبنان يحتفل بعيد الاستقلال في خضم الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهر
ريبون / وكالات
يحتفل لبنان الجمعة بالذكرى 76 لاستقلال الجمهورية في خضم الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهر، والخميس جدد الرئيس اللبناني ميشال عون دعوته المتظاهرين إلى الحوار. وقال عون في رسالة له: “إن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحل الأزمات”.
أقيمت في لبنان الجمعة مراسم الاحتفال بالعيد 76 بالاستقلال الذي حضره الرؤساء الثلاثاء، رئيس الجمهورية نبيل عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء المكلف بتصريف الأعمال سعد الحريري.
وفي خضم الاحتجاجات ولأول مرة، منذ سنوات ما بعد الحرب الأهلية، تحول الاحتفال بعيد الاستقلال هذا العام إلى احتفال رمزي يقام في وزراة الدفاع، فيما كان يقام عادة وسط بيروت.
ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، تستمر المظاهرات غير المسبوقة في لبنان والتي بدأت بعد رفع ضريبة تطبيق “الواتساب” وتبعتها مطالب اجتماعية ثم سياسية. ويبدو الحراك عابرا للطوائف والمناطق، ويتمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء، إذ يأخذ عليها المحتجون فسادها ويتهمونها بنهب الأموال العامة.
من جانبه، جدد الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس دعوته المتظاهرين إلى الحوار، معتبرا أن “التناقضات” السياسية أدت إلى تأخير تشكيل حكومة ترضي تطلعات الشارع الناقم على الطبقة السياسية والمُطالب برحيلها.
عون يجدد دعوته إلى الحوار
وقال عون في رسالة وجهها إلى اللبنانيين عشية احتفال لبنان بالذكرى السادسة والسبعين للاستقلال، بثتها شاشات التلفزة المحلية “أكرر هنا ندائي إلى المتظاهرين للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحل الأزمات”.
وأقر عون في رسالته بأن الحكومة “كان من المفترض أن تكون قد ولدت وباشرت عملها”، لكنه توجه إلى اللبنانيين بالقول إن “التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأني لتلافي الأخطر وأيضا للتوصل إلى حكومة تلبي ما أمكن مِن طموحاتكم وتطلعاتكم، تكون على قدر كبير من الفعالية والإنتاجية والانتظام”. وأشار إلى أن “التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة”.
وقبل يومين، أعلن عون أن “الحكومة الجديدة ستكون سياسية وتضم اختصاصيين وممثلين عن الحراك الشعبي”، إلا أن المشاورات المستمرة خلف الكواليس لم تثمر بعد.
وطالب الرئيس اللبناني خلال إطلالتَين أعقبتا انطلاق الحراك الشعبي، المتظاهرين بإيفاد ممثلين عنهم للحوار معهم، الأمر الذي رفضوه، باعتبار أن حراكهم عفوي. ويتمسّك المتظاهرون بتشكيل حكومة مؤلفة من اختصاصيين فقط، لإصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور.
وأقر الرئيس اللبناني في كلمته بأن التحركات الأخيرة “كسرت.. بعض المحرمات السابقة وأسقطت، إلى حد ما، المحميات، ودفعت بالقضاء إلى التحرك” على خلفية ملفات فساد يُطالب المتظاهرون بمحاسبة المسؤولين عنها. إلا أنه اعتبر في الوقت ذاته أن تحول “الإعلام والشارع والجدل السياسي إلى مدعٍ، ومدعٍ عام، وقاضٍ، وسجان في آن، فهذا أكثر ما يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد”.
“ألقى علينا وعظا”
وسارع المتظاهرون في الشارع إلى الرد على خطاب الرئيس، وعمدوا إلى قطع طرق في مناطق عدة، خصوصا في البقاع (شرق) وطرابلس (شمال). وقال متظاهر لقناة محلية أثناء مشاركته في قطع جسر الرينغ المؤدي إلى وسط بيروت “بدل أن يُحاسب الفاسدين، يلقي اللوم على الإعلام والمتظاهرين؟”. وعلّق متظاهر آخر على كلام الرئيس بالقول “ألقى علينا وعظا، لكن ما يهمنا هو (معرفة) متى موعد الاستشارات”.
يحيي لبنان الجمعة ذكرى الاستقلال، فيما يغيب العرض العسكري التقليدي عن وسط بيروت، ويُستعاض عنه بعرض في وزارة الدفاع يحضره الرؤساء الثلاثة. وألغى عون الاستقبال الرسمي الذي يقام بروتوكوليا في القصر الرئاسي فور انتهاء العرض العسكري. ودعا المتظاهرون من جهتهم إلى نشاطات عدة تُقام في بيروت والمناطق للاحتفال بعيد الاستقلال في الشوارع والساحات.
غياب ذاكرة جمعية في مناهج الدراسة
والخميس تظاهر مئات من الطلاب اللبنانيين في بيروت منددين بكتاب التاريخ المعتمد في المناهج الدراسية والذي لا يلحظ جزءا مهما من تاريخ البلاد المعاصر، في إطار الاحتجاجات غير المسبوقة المستمرة منذ أكثر من شهر.
وتجمع نحو 400 طالب أمام مقر وزارة التربية، حمل بعضهم الأعلام اللبنانية ونسخا من كتب التاريخ، وفق ما شاهد مصور لدى وكالة الأنباء الفرنسية. وتم خلال التجمع حرق نسخة من الكتاب في خطوة رمزية. وتقول الطالبة جنى جزيني (16 عاما) “المناهج قديمة وكتاب التاريخ لا يتضمن شيئا، يجب أن يُرمى في سلة المهملات”.
وبسبب الانقسام السياسي والطائفي الحاد، لا يُجمع اللبنانيون على رواية أو سرد مشترك للأحداث الكبرى التي طبعت تاريخ الجمهورية بعد الاستقلال الذي يحتفل اللبنانيون غدا بذكراه السادسة والسبعين. ويتوقف كتاب التاريخ المدرسي عند انسحاب القوات الفرنسية من لبنان في العام 1946 بعد 23 عاما من الانتداب.
وتغيب بالتالي حقبات كبرى من المناهج أبرزها الحرب الأهلية (1975-1990) وما تلاها، واحتلال القوات الإسرائيلية للبنان ومن ثم انسحابها في العام 2000، عدا عن الاغتيالات السياسية التي غيرت مسار البلاد وانسحاب القوات السورية من البلاد عام 2005 إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
ويعتمد الطلاب في معلوماتهم عما يسمعونه من عائلاتهم وأحزابهم أو من قراءات لكتب غالبا ما تحمل وجهة نظر واحدة، في غياب ذاكرة جمعية خصوصا للحرب الأهلية. ولم تثمر جهود كبرى ومبادرات من منظمات غير حكومية في الدفع باتجاه التوافق على كتاب موحد للتاريخ.
فرانس24/ أ ف ب