تقارير وتحقيقات

بسبب مخلفات “بترومسيلة” .. ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان بحضرموت والشركة تتنصل من علاج المرضى

ريبون /  موقع نيوزيمن

ارتفعت حالات الإصابة بالأورام السرطانية، في مناطق “الامتياز” الواقعة في نطاق عمل شركة بترومسيلة النفطية، بمحافظة حضرموت .

وسجلت خلال العام الماضي، (255) حالة إصابة بالسرطان، في مديريات الوادي والصحراء، معظمها في مدينة سيئون، تليها مديريات تريم وشبام والقطن، بينما تم اكتشاف (11) حالة في مديرية “ساه”، وفقاً لآخر الإحصائيات الواردة عن مركز الأروام السرطانية بوادي وصحراء حضرموت.

وتزايدت أعداد الوفيات في مناطق الامتياز النفطية التي تقع فيها حقول النفط بمديريتي سيئون وساه ومنطقة وادي بن علي، وهي مناطق أكثر عرضة لمخلفات النفط التي ترمى في باطن الأرض والغازات المنبعثة من الآبار النفطية، حسب دراسة متخصصة من قبل مركز للبحوث والإحصاء بحضرموت.

مادة سوداء تختلط بالمياه

وتشير التقارير إلى ظهور مادة سوداء في مياه الآبار الجوفية، بمديرية ساه تحديداً، وشكلت خطراً كبيراً على حياة السكان المجاورين لقطاعات النفط التي تمتد من ساه شرقاً وحتى وادي سر إلى الغرب من وادي حضرموت.

تصريف خاطئ للمخلفات الكيميائية

يؤكد الباحث في مركز الدراسات البيئية بجامعة حضرموت الدكتور صلاح عبدالله بن فريجان، في حديث لـ”نيوزيمن”، أن التصريف غير السليم للمخلفات السائلة والمحتوية على مركبات كيميائية هيدروكربونية تسبب تلوثاً كبيراً للتربة والمياه الجوفية وتدهور حالة النظام البيئي في المناطق المجاورة للقطاعات وما يصاحبها من عمليات إنتاج الغاز الطبيعي والنفط لتلوث الهواء الجوي بعدد من الملوثات.

ولفت الدكتور فريجان إلى أن “التركيبة الكيميائية للماء الراجع والمخلفات السائلة لآبار إنتاج النفط تكون معقدة جدا ومحتوية على أملاح ذائبة وهيدروكربونات وعناصر ثقيلة ومركبات عضوية وغير عضوية محتوية على إشعاعات خطرة جدا تسمى بالمواد المشعة الطبيعية، إضافة للمحاليل الكيمياوية التي يتم إضافتها خلال مرحلة استخراج وفصل البترول والتي تنتج من طبيعة التركيبة الجيولوجية للمنطقة والماء والسوائل الناجمة عن العملية يتم التخلص منها فوق سطح الأرض في خزانات مخصصة لذلك أو يتم إعادة حقنها إلى التكوينات تحت سطح الأرض للتخلص منها بصورة نهائية أو بصورة ثانوية خلال عمليات الإنتاج”.

ضحايا السرطان بسبب قلة المال

على الرغم من ارتفاع معدلات الوفيات إلا أن عواطف حسين بن الشيخ ابوبكر، ذات العشرين ربيعاً والمنحدرة من مديرية ساه بوادي حضرموت، لم تكن تعرف أنها ستكون يوماً إحدى ضحايا مرض السرطان، متنقلة في رحلة علاج مرهقة من مستشفى لآخر وسط وجعها المصاحب لجرعات الكيماوي المؤلمة، وسط رعاية واهتمام من أبيها الذي أمضى سنوات لمعالجتها.

تروي “عواطف” -والتي تعمل حالياً على تثقيف النساء بمخاطر مرض السرطان وكيفية تجنبه في مديريتها ومناطق وادي حضرموت المختلفة– لـ”نيوزيمن”، تفاصيل رحلة علاجها أثناء إصابتها بسرطان الأنف في العام 2011م، معبرة عن الحالة اليائسة التي عاشتها خلال تجربتها مع مرض السرطان والنجاة منه.

بيد أن ذلك لم يمنعها عن أحلامها التي تبعثرت أثناء إصابتها والتحديات بمسارات مختلفة مع كمية من التفاؤل والأمل للعيش بسعادة، وكمية ألم ومشقة للسفر وأوجاع المرض وخوضها لعمليات جراحية وإرسال عينات طبية إلى خارج الوطن لفحص نوعية المرض، إضافة للجرعات الكيماوي وتساقط الشعر والجلسات الإشعاعية في مستشفيات صنعاء للتعافي من السرطان.

بترومسيلة ترفض علاج المصابين

تمتنع شركة بترومسيلة النفطية التي تمتلك مخزونا نفطيا كبيرا داخل حقولها النفطية عن علاج المصابين بمرض السرطان من أبناء مناطق الامتياز في المشافي الخارجية أو توفير الجرعات الكيماوية لهم.

كما ترفض الشركة تقديم أي دعم للمراكز المتخصصة في الأمراض السرطانية وعلاجها داخل وادي حضرموت، وهو ما تسبب بموجة غضب كبيرة من قبل أبناء منقطة ساه القريبة من بوابة قطاعي الـ14 والـ10، في تظاهرات أمام بوابة الشركات حيناً وحيناً آخر بقطع الطرق أمام ناقلات النفط.

بيد أن شركة بترومسيلة النفطية تصرف رواتب مع بدلات للمنقطعين عن العمل في قطاعاتها النفطية من أبناء المحافظات الشمالية بمبلغ يصل لنحو (960) مليون دولار سنوياً بما يصل راتب أقل عامل (800) ألف ريال يمني يضاف إليها بدل مواصلات في حالة نزوله إلى الحقل وبدل علاج لكل أفراد عائلته وعائلة زوجته، لم تعكف يوماً لتقديم المساهمة والدعم لمرضى السرطان في مديرية ساه ومديريات الوادي المختلفة وتزويد مراكز علاج الأورام السرطانية بمبالغ مالية أو محاليل وجرعات كيماوية، وفقاً لتصريح مسؤول سابق في الشركة لـ”نيوزيمن”.

ولفت المصدر إلى أن الجدوى الاقتصادية لإنتاج النفط من قطاعات المسيلة أصبحت منعدمة؛ نتيجة لاستنفاد المخزون لتغطية المصروفات السابقة، حتى أصبح الماء المصاحب المستخرج من النفط أكثر منه، بحيث إن البرميل الواحد للنفط المستخرج من حقول المسيلة يصاحبه أكثر من (35) برميل ماء، بمعنى الطاقة التشغيلية لا تؤدي الهدف المرجو منها في ظل تلك المصروفات.

حضرموت الأكثر إصابة بالسرطان في اليمن

وبينت الإحصائية الصادرة عن مؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان أن المحافظة تحتل المرتبة الأولى على مستوى اليمن في عدد الحالات السرطانية وتبلغ نسبة الإصابة فيها 91% وتتركز معظم الإصابات في مناطق الوادي والصحراء، فيما تأتي محافظة شبوة في المرتبة الثانية بنسبة 7%، تليها محافظة المهرة بنسبة 2%، ويمكن استخدام سجلات قيد حالات الإصابة بالسرطان، حيث تعتبر مؤشراً لاتجاه الوضع الصحي الذي ربما يكون له علاقة بالوضع البيئي في مناطق حالات الإصابة. إحصائية خطيرة وغير مسبوقة، والتي قد تسبب قلقاً جسيماً ونفسياً على حالة المريض.

المصدر/ موقع نيوزيمن

إغلاق