كتابات

الإسراف عادة مذمومة متى سيمتلك المواطن حسا” إقتصاديا ” تدبيريا ؟؟؟

كلمة الإسراف مشتقة من الفعل أسرف ، وتعني حسب ماورد في المنجد اللغوي جاوز الحد وأفرط فيه ، قال تعالى في سورة الأعراف :
يابني ء ادم خُذُواْ زينَتَكُم عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا واشْرَبُواْ ولا تُسْرِفُواْ إنّهُ لا يُحِب المسْرِفِْين ( الٱية 31)
وهي ظاهرة منتشرة بشكل واسع في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وفي مجتمعنا الحضرمي بالذات في المأكل والمشرب والملبس وفي التعاطي مع الحياة في أمور كثيرة ، وهي عادة مذمومة ليست طيبة ، وتدل على جهل ثقافي وحضاري ، ومعظم متطلباتنا الحياتية من الملبس والمأكل مستوردة من الخارج ، ولا يوجد لدى بلداننا إكتفاء ذاتي ، فهي تستورد كل ماهو ضروري للحياة من إبرة الخياطة حتى النعال بالعملات الأجنبية ، للأسف وينصب إهتمام حكامنا بدرجة أساسية على تأمين حكمهم عسكريا ، من خلال صفقات الأسلحة الكبيرة والفتاكة التي يستوردونها من الخارج على حساب الإهتمام ببناء قاعدة إقتصادية وصناعية تجعل بلدانهم في غنى عن الإعتماد على الخارج في كثير من الظروريات الحياتية للمواطن الذي بات يئن من تقلبات الأسعار ، لعدم ثبات قيمة العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية ، نتجة للأزمات والحروب التي تعصف بالمنطقة . وأكثر مظاهر الإسراف في مجتمعاتنا تجلية” ، وهذا مانلاحظه في وادينا في ولائم الزواجات والمناسبات التي تقام ، حيث نلاحظ كميات كبيرة من الأرز أو غيره تزيد عن الحاجة ، البعض يرمي بها في محلات القمامة ، والبعض الآخر يوزعها على المحتاجين ، ما أحوجنا في هذه الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها كل الأسر بسبب الحرب ، أن. نمتلك حسا تدبيرا إقتصاديا بعيدا عن التبذير والإسراف ، بل وحتى في الظروف العادية ، فهو سلوك يدل على وعي ثقافي وحضاري ، وليس كما يُعْتَقَدُ أنه بخل ، هنا تحضرني حادثة حقيقية حصلت لطلاب عرب كا نوا يدرسون في إلمانيا يرويها أحدهم ، في يوم من الأيام شعروا بالجوع فلجأوا إلى أحد المطاعم ، وطلبوا
طعاما أكثر من حاجتهم ، أكلوا مايريدونه وتركوا الكثير فوق المائدة ، ممّا أغضب المشرفين على المطعم هذا السلوك وجعلهم يوبخون هؤلاء الطلاب ويستدعون رجال الأمن لتسجيل محضر مخالفة عليهم بعدم تكراره ، وتغريمهم مبلغا من المال ، البعض قد يقول المال مالهم وهم أحرار ، هذا كلام قد يكون صحيحا من وجهة نظر حقوقية ، لكن يجب أن تعرف أنه لاتوجد هناك حرية مطلقة في التصرف بالحق الخاص والعام ، فهناك شركاء ٱخرون قد أسأت التصرف إليهم وحرمتهم ، فمن حق الأولاد والورثة طلب الحجر شرعا علي الوالد الذي لا يُحْسِن التصرف في الثروة التي بين يديه مثلا .
كما يلاحظ أيضا مظاهر الإسراف في الملبس ، حيث تتكدس دواليب النساء بأنواع مختلفة من الملابس الزائدة عن الحاجة ،يمكن تدخل السنة وتخرج من غير أن تُلْبَس ، وخاصة حديثات الزواج ، إذ يزيد قيمة البعض منها عن مائة ألف ريال . كما تبدو أيضا مظاهر الإسراف في استخدام المياه والكهرباء ، حيث تغيب عادة ترشيد الاستهلاك لدى الكثير من المواطنين ، فنجد الإفراط في استخدام المياه و التيار الكهربائي بشكل غير مقبول وزائد عن الحاجة ، وفي المقابل يتأخر الكثير من المواطنين عن تسديد فواتير الاستهلاك عمدا ، وأكثر ما تلاحظ هذه الظاهرة في الشوارع وفي المؤسسات العامة وفي مؤسسات الدولة ودور العبادة ، تدخل مسجدا في فصل الشتاء وفي نجم البركان الذي يصادف شهر ديسمبر من كل عام ، تجد هم مشغلين المراوح كلها بكل طاقتها ، وكأننا في فصل الصيف ، ثم يأتي الصيف وتبدأ معاناة المواطن مع الكهرباء وماأدراك ما الكهرباء .
وتعيش كثير من دول العالم الثالث أو الدول النامية كما يطلق عليها أزمات 🙂 مستمر ، لغياب التخطيط والاستخدام العقلاني لمواردها ، وتدني الوعي الثقافي والحضاري لشعوبها في التعامل مع الخدمات التي توفرها الدولة ، ولعلنا من ضمن هذه الشعوب التي لاتُحْسِنُ الاستخدام العقلاني لهذه الخدمات والموارد .

سيؤن / حضرموت
الإستاذ / فرج عوض طاحس

إغلاق