كتابات
اليمن ذلك الكوكب المجهول!؟ دراسة علمية ل (خلف الناصر)
المواطن/ كتابات – خلف الناصر
مقدمة:
إن ما وصلت إليه البشرية اليوم من تقدم علمي وتكنولوجي وحضاري مذهل يفوق التصور والخيال، قد شاركت في صنعه جميع الأمم والشعوب ـ الحيه وحتى المندثرة منها ـ بدءاً من بذرة الحضارة الأولى التي بذرها سكان وادي النيل ووادي الرافدين وبلاد الشام الأوائل: من أكديين وسومريين وبابليين وآشوريين وكنعانيين وآراميين…..الخ
ولقد أينعت تلك البذرة الأولى ـ فيما بعد ـ في بلاد أخرى كثيرة غيرها، وكان في المقدمة منها بلدان الصين والهند وبلاد فارس، وبعد هئولاء أزهرت تلك البذرة الأولى في بلاد اليونان والرومان……الخ
ولقد طرحت تلك البذرة ثماراً طيبة في كل أرض وصلتها خلال مسيرها الطويل، وهي تنتقل من أرض إلى أرض ، ومن بلد إلى بلد ، ومن شعب إلى شعب آخر، بعد أن غادرت منبتها الأول!!
وبعد حين عادت بذرة الحضارة الأولى تلك من جديد، إلى مواطنها الأصلية التي انطلقت منها أول مرة.. عادت إلى بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، ومعها جزيرة العرب والمغرب الكبير من جديد، ثم عمت عموم الشرق المسلم على يد العرب المسلمين الأوائل!
وبعد حين آخر هجرتهم جميعهم ثانية، وباتت في أحضان الأوربيين إلى اليوم.. وعلى يد هئولاء الأوربيين وصلت تلك البذرة الحضارية الإنسانية الأولى إلى ذروتها العالية، التي نتفيّء ظلالها جميعنا اليوم!
والأوربيون الذين أوصلوا الحضارة الإنسانية إلى هذه القمم العالية، لم يصلوا بها إلى تلك الذرى وحدهم، ولا بجهدهم الخاص وحده، إنما شاركتهم بصنعها (وتسلقها) جميع الأمم والشعوب التي سبقتهم في مضمارها، بدءاً من الشعب الأول الذي بذر بذرتها الأولى، وصولاً إلى آخر شعوب سبقتهم بلحظات من الزمن الحضاري ـ وهم العرب والمسلمون ـ الذين حملوا مشاعلها وسلموها إلى هئولاء الأوربيين، وهي في أقصى درجات نموها ونضجها!!
فالأوربيون قد ورثوا واستغلوا جميع منجزات الإنسان وعصارات العقل البشري، لجميع شعوب الأرض التي سبقتهم في مضمار الحضارة، منذ الخليقة إلى اليوم الذي استلموا فيه قيادها!
وهذه العصارة العقلية المشتركة للإنسانية جمعاء، كانت هي المادة الأولية الخام التي شكلت “البنيه التحتية” التي قام على أسسها صرح الحضارة الأوربية العظيم الشامخ الذي نراه اليوم.. فهو يحمل بصمات جميع شعوب الأرض وأممها تقريباً، وبدون تلك المساهمات المشتركة لشعوب الأرض التي سبقتهم، ما كان باستطاعة الأوربيين صنع عشر معشار حضارتهم هذه.. وهكذا هي دائماً قوانين الحضارة الإنسانية، جوهرها التنقل الدائم بين أجناس البشر!
وإذا كانت جميع أمم الأرض وشعوبها قد شاركت في صنع هذه الحضارة الإنسانية، فإن مشاركاتها فيها لم تكن متساوية:
فمنها أمم : هي التي بذرت بذرتها الأولى ورعتها وجعلتها شجرة يانعة!
ومنها أمم : ساهمت في صنعها وحافظت عليها ، وأوصلتها سالمة لمن أتى بعدها!
ومنها أمم : قطفت ثمارها اليانعة ، دون أن تشارك بما يكفي في صنعها وإدامتها!!
ومنها أمم : كـ [الأفارقة السود والهنود الحمر] لها حضارات ومساهمات حضارية، لكن الأوربي الأبيض انكرها عليهم، وأنكر معها حتى إنسانيتهم وأدميتهم وباعهم كبضاعة في أسواق النخاسة الأوربية، كالبهائم !
ومنها أمم كثيرة : كانت كــ “الجندي المجهول” الذي أعطى الكثير والكثير للحضارة الإنسانية ، لكن دون أن يذكره أو يشكره أحد.. وكانت اليمن واحده من هذه الشعوب!
****
لقد كانت الــــيمـــن “جندياً مجهولاً” حقاً، وفي طليعة تلك الشعوب التي أعطت للإنسان وللحضارة الإنسانية، الكثير والكثير جداً.. دون أن يذكرها أو يشكرها أحد!
فقد كانت اليمن فعلاً كوكبا مجهولاً بين شعوب الأرض لحد الآن، ولم يكتشفه أحد بعد أو أنه اكتشف، لكن كشف عن جانب بسيط من حضارته وغطي على الجوانب الأعظم والأهم منها، غطي عليها وعلى كل ما صنعه اليمنيون للإنسانية، ولأسباب سنعرف بعضاً منها في دراستنا أو مقالاتنا ـ المتسلسلة هذه ـ والتي ستحمل عنوان:
الــيــمــن ذلــك الــكــوكــب الــمــجـــهــول………….. وهــــــــــو فعلاً يعبر عن ذلك اليمن المجهول للجميع!!
قد يبدوا اليمن بلداً فقيراً بائساً تمزقه الحروب الأهلية والمشاكل السياسية والخلافات الاجتماعية وتطحنه طحناً، لكن اليمن في حقيقته وفي تاريخه وحضارته يختلف كلية، عن هذه الصورة البائسة التي نراه بها اليوم!
فهو وخلال تاريخه الطويل وحضارته الموغلة في القدم ـ ليست هذه المعروفة لنا وحدها ـ إنما الأهم منها، وهي تلك المجهولة لنا ودوره الخطير الذي لعبه على صعيد الحضارة بالخصوص.. وهو دور ليس عادياً ولا تقليدياً، وربما لم يلعبه أحد قبله وهو دور يختلف كلية عن صورته التقليدية البائسة، والتي عرفناه بها في السابق ونعرفه بها حالياً!.
فدور اليمن في التاريخ وفي الحضارة وفي كل ما قدمه للإنسانية، قد يعادل ـ إن لم يتجاوز ـ دور مصر وبلاد النهرين، ويقف معهما على صعيد الحضارات الإنسانية الأولى كتف لكتف!
وهذا ما سنحاول توضيحه ـ بالوثيقة والصورة والفيديو ـ وكشفه في دراستنا أو مقالاتنا هذه!
****
منذ سنتين أو ثلاث، وتحديداً بعد “الحرب على اليمن” والصراع الإقليمي الخطير الدائر حولها الآن، زاد اهتمامي باليمن وتاريخها وحضارتها!
وأنا شخصياً مغرم بدراسات التاريخ والحضارات، وخصوصاً حضارات اليمن والجزيرة العربية، وكنت دائم البحث عن جذور حضاراتهما، وعن جذور هذا الصراع الدائر حول اليمن وعلى أرضها، والذي زادت حدته ودمويته بعد ثورة اليمن في ستينيات القرن العشرين الماضي وإلى اليوم، بأشكال مختلفة!.
وخلال بحثي الطويل والدؤوب عن كل ما يخص اليمن، وقع بين يدي مقال خطير جداً يحمل عنواناً أخطر.. والعنوان هو: Why Yemen is the next war front *وترجمته : ((لماذا اليمن ستكون وجهة الحرب القادمة؟))!!
كتبه الأمريكي Gary Vey ونشره بتاريخ 2010-1-5 في مجلهviewzone magazine الأمريكية.. ويقصد حرب اليمن الحالية، وقبل وقوعها بأربع سنوات، لمحو ـ كما يقول هو ولسنا نحن ـ بعضاً من حقائق تاريخ اليمن ودوره الحضاري، اللذين إن كشفا وعرفا سيقلبان معهما، كثيراً من المعارف الدينية والتاريخية التقليدية التي يتعامل بها عالمنا، والتي لا يراد لها أن تكشف أو تعرف!!(1)
لقد فتح مقال Gary Vey)) هذا لي [أفــاقــاً وأنــفــاقــاً] في الحضارة والتاريخ اليمني بدون حدود.. وقد سرت على هدي منها لأصل إلى حقائق كنت أجهلها تماما، ولا أتصور وجودها مطلقاً.. وكذلك دلني على الأسباب الحقيقية لحرب اليمن وأصحابها الحقيقيون، الذين أشعلوها أوارها ـ دون علم طرفي الصراع على ما أعتقد ـ ودلني أيضاً على حقائق تاريخيه وحضارية وحتى سياسيه، لم أكن أتصور ـ حتى في الخيال ـ وجودها!
كما أن ذلك المقال قد رسم لي ما يشبه “خارطة طريق” ذهنية للبحث، بحثت بعدها ومن خلالها في مصادر كثيره ـ أجنبية في معظمها ـ وجلت في مجاهل تاريخ اليمن وحضارته، فكشف لي الغطاء ـ أو هكذا خيل إلي ـ عما كان مخبأَ في الزوايا المظلمة، من ذلك التاريخ وتلك الحضارة الباهرة!
وسأشير هنا إلى عناوين أهم تلك الزوايا التي يخبؤوها تاريخ اليمن وحضارته، وباقتضاب شديد، والتي ستكون هي مجال دراستنا هذه، ومحاوله اثباتها علماً .. وهــــي كالآتـــــــــــي:
1) إن اليمن في التاريخ: غير اليمن في الحاضر، فقد كانت مساحته أكبر بكثير من مساحته الحالية، وكانت تضم “الحرميين الشريفيين”، وكان هذا اليمن الكبير يقع جنوب العراق والشام مباشره تقريباً، وحدوده تشمل معظم أراضي الجزيرة العربية، نزولاً إلى بحر العرب والخليج العربي وخليج عمان والمحيط الهندي والبحر الأحمر.. وكانت أرض اليمن تسمى: (AYMAN ARABIA FELIX) أي [الأرض المباركة أو المقدسة] لوجود (البيت العتيق) فيها، وليست السعيدة كما أشاعها بعض المستشرقين!
2) تتشابه أسماء ملوك اليمن: مع الكثير من أسماء ملوك العراق وأباطرته من الأكديين والبابليين على الأخص، ويعتقد بأن هذا متأتٍ من تجاور البلدين وتداخل الحضارتين!
3) لقد اكتشفت لغة مجهولة: أطلق عليها العلماء اسم “اللسان الأول” واعتبروها هي أول لسان تكلم به الإنسان الأول، لأن أصولها كانت مجهولة عندهم، ولأنهم وجدوها منتشرة في جميع قارات الأرض المسكونة.. لكن تبين لهم فيما بعد أن أصولها كنعانيه، والكنعانيون أصولهم يمنية ولغتهم أيضاً، وهي وأبجديتها كانت منتشرة في اليمن بكثافه!
(4 وأن الكنعانيين: قد هاجروا من اليمن إلى بلدان العالم الكثيرة، وتفرعوا فروعاً كثيره أيضاً داخلها.. ففرعهم (الفينيقي) ـ وهم سكان سواحل الشام ـ هاجر إلى بلاد الشام وأوربا وشمال أفريقيا ومواطن كثيرة غيرها، بدليل وجود أبجديهم الكتابية ولغتهم اليمنية الخاصة في هذه البلدان، وأماكن أخرى كثيرة أخرى!
(5 وإن لغة الكنعانيين: وجدت آثارها في خمس قارات من قارات العالم المعروفة، وفروع الكنعانيين انتشروا في جميع أنحاء العالم.. فقد هاجر بعضهم إلى الأمريكيتين، وبعضهم إلى استراليا وبعضهم إلى أوربا وأما كن أخرى كثيرة غيرها، وقد وجدت آثارهم وأبجديتهم ولغتهم، في جميع تلك القارات والمناطق المختلفة من العالم!
(6 إن الأبجدية الكنعانية: المعروفة ب: الــ [ألف بيت] هي أول أبجديه غير صورية ـ أي لا تستخدم الصور إنما الرموز ـ عرفها البشر، وهي الأصل الأول لجميع أبجديات العالم، ومنها أشتق جميع البشر أبجدياتهم.. بالإضافة إلى هذا، فقد اكتشفت (14 أبجدية) أخرى في اليمن وعُمان الحالية، توثق لتطور هذه الأبجديات من الصور إلى الرموز، وهي لهذا يمكنها أن تربط الفجوات أو الفروقات التي تبدو واضحة بين لغات الأقوام التي هاجرت من الجزيرة العربية إلى العراق وبلاد الشام ومصر….إلخ : كالأكادية والبابلية والآشورية والكنعانية والسريانية والأرامي وصولاً إلى العربية!
(7 إن تابوت العهد: أو “تابوت السكينة” كما يسميه المسلمون، وهو “قدس الأقداس” عند اليهود موجود في اليمن، ومدفون في “صحراء مأرب” منذ ثلاثة آلاف عام، وتم اكتشافه من قبل جامعه كالجاري الكندية!
(8 اكتشفت مملكة لليهود في اليمن: تحكمها امرأة أسمها (شبعا/سبعا) وهي زوجه للملك داوود كما تقول آثار تلك المملكة، ويعتقد أنها “الملكة بلقيس” ملكه سبأ المشهورة، التي ذكرها القرآن وذكرتها المصادر العربية القديمة!
(9 إن اكتشاف تابوت العهد وهذه المملكة اليهودية في اليمن، ربما يعطيان بعض المصداقية للآراء التي بدأها الدكتور كمال صليبي، وتبعته سلسله طويله من الباحثين انتهت بالدكتور “فاضل الربيعي” ، والتي تقول بأن منشأ اليهود واليهودية ليس في فلسطين، إنما هو في اليمن أو عسير من أرض الجزيرة العربية!
(10 إن أسباب حرب اليمن: الحالية كما يلمح مقال “لماذا اليمن سيكون وجهه الحرب القادمة” ترجع في جوهرها، إلى هذه المكتشفات التاريخية وبعض “المعتقدات الدينية” اليهودية المسيحية المشتركة، والتي قد تتضرر بما قد تجود به هذه المكتشفات من أسرار خطيرة حولهما، كما يقول كاتب المقال Gary Vey))!
هذه هي أهم عناوين هذه الدراسة، والتي سيأتي بحثها ونشرها على شكل مقالات متسلسلة، ومعززه بالصور والوثائق والخرائط والفيديوهات ونصوص من بعض الدراسات العلمية حولها.. وكنت أتمنى لو أن امكانات “الحوار المتمدن” كانت تسمح له بنشر الصور والخرائط والوثائق، لكانت مصداقية هذه الدراسة أكثر وفائدتها أعم وأشمل لمن سيقرأها، لكن ما باليد حيلة.. ولهذا سأستعيض عنها بالروابط التي تعرض الصور والخرائط الخاصة بهذه الدراسة أو هذه المقالات .
****
وستنشر هذه الدراسة مقسمة إلى عدة أقسام أو محاور، وكل قسم أو محور منها سينشر على شكل مقالات [مقالين أو أكثر لكل قسم] وحسب حجمه، وذلك لأن أغلب القراء لا يريد أن يقرأ مقالاً طويلاً وقد يكون مملاً.. وعلى الشكل التالـــــــي:
القسم الأول : سيحمل عنوان مقال Gary Vey)) المثير.. وهو : ((Why Yemen is the next war front))..أي،
((لماذا اليمن ستكون وجهة الحرب القادمة؟)) والذي نشر في 2010-1-5 أي، قبل حرب اليمن بأربع سنوات كامله!
القسم الثاني : سيحمل العنوان الفرعي لمقال Garyنفسه وهو: ((هل اليمن كما نعرفها؟)).. ومعناه بأننا نجهل حقيقة اليمن ولا نعرفها مطلقاً!
القسم الثالث : اليهود واليهودية وعلاقتهما باليمن!..
القسم الرابع : يـــمـــن الأســـرار في مختلف الأدوار؟!
وربما تدعو الضرورات لنشر [قسم خامس] لهذه الدراسة .
[يـــــــــتــــــبـــــــــــــــــع]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ:
• http://www.viewzone.com/gil.a.jpg By for (posted January 5, 2010: رابط المقال: أي مقال Gary Vey)) الذي نشره بتاريخ 2010-1-5 في مجله viewzone magazine الأمريكية.
(1) وهذا هو الذي نريد أن نسلط عليه الضوء ونعرفه من خلال دراستنا أو مقالاتنا هذه .
* نقلاً عن الحوار المتمدن