تقارير وتحقيقات
تقرير: توكل كرمان.. صوت الدعاية للإخوان وصاحبة خطاب الكراهية
ريبون / تقارير وتحقيقات
كشفت الإخوانية اليمنية، توكل كرمان، أمس الخميس، النقاب عن انضمامها إلى “مجلس الإشراف العالمي” على محتوى ما ينشر على منصتي فيس بوك وانستغرام للتواصل الاجتماعي. وأعلنت كرمان عبر صفحتها على فيس بوك انضمامها إلى المجلس، زاعمة أنه بهذا القرار لم يعد احتكار الحكومات لوسائل الإعلام والمعلومات ممكناً بفضل منصات التواصل الاجتماعي. وتتمثل مهمة مجلس الرقابة هذا في اتخاذ قرارات نهائية، بشأن المنشورات التي قد تقحم “فيس بوك” في جدل حول الرقابة أو التضليل الإعلامي أو حرية التعبير. جدل وسخرية وأثار قرار إدارة فيس بوك حول تعيين الناشطة اليمنية توكل كرمان ضمن فريق مجلس الإشراف العالمي (رقابي) الذي سينظر في المحتوى السجالي على منصاتها، جدلاً واسعاً حول المقاييس التي اعتمدتها الشركة في هذا الاختيار، في الوقت الذي تعرف فيه كرمان القيادية في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخواني) بأنها صوت الدعاية للإخوان ولخطابات الكراهية والتطرف. وتساءل العديد من المراقبين حول كيف لشركة فيس بوك أن تكافح المحتوى الذي يتضمن دعاية للتطرف وبثاً لخطابات الكراهية، فيما تختار شخصية تعتبر بكل المقاييس بوقاً للتطرف والدعاية لجماعة تتبنى أصلاً خطاب الكراهية منهجاً وتناوئ مبدأ الحرية والتعددية والديمقراطية، ضمن لجنة الحكماء أو ما يمكن وصفه بـ”محكمة عليا” لمراقبة المحتوى على منصاتها. كما تساءلت المراكز المعنية بمقاومة خطابات التطرف الديني والكراهية عن الجدوى من إسناد مهمة بهذا الحجم لشخصية إخوانية، وكيف يسمح لها بتولي مهمة هي في الأصل أنشأت لمنع تدفق وتسلل خطابات الكراهية لمنصات فيس بوك. وأشار مراقبون إلى أن منصة فيس بوك لاقت انتقادات في الإشراف على المحتوى المنشور على منصاتها كفشلها في مكافحة خطاب الكراهية إضافة لنشر صور ومحتويات مضللة، إلا أن معالجة هذا الخلل كان يحتاج إلى جهد خاص للتصدي لمثل هذه السلوكيات التي تعتبر انتهاكات بكل المقاييس، وليس إلى تعيين شخصية تحوم حولها شبهات حتى لو كانت حائزة على جائزة نوبل للسلام. علاقة وطيدة بالإخوان وتوكل كرمان هي عضو بحزب حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو تجمع سياسي بخلفية إسلامية، يمثل امتداداً لفكر الإخوان، وتم افتتاح مقره الرئيسي في 3 يناير(كانون الثاني) 1991. ولم تتوقف علاقة توكل كرمان بجماعة الإخوان عند حدود الحزب، لكنها تواصلت مع مراكز قيادة التنظيم الدولي للجماعة في تركيا وقطر. وقالت وسائل إعلام يمنية محلية، إن “كرمان تقوم بتحويلات مالية لمنظمات إخوانية متورطة في دعم وتمويل أنشطة تنظيم القاعدة الارهابي، مثل مؤسسة رحمة الخيرية، وكذلك مؤسسة توكل كرمان الخيرية، عبر شركة العمقي للصرافة التي فرضت عليها عقوبات دولية لتورطها في دعم وتمويل الإرهاب وتنظيم القاعدة في اليمن”. كما أشارت التقارير إلى أن قطر تستخدم كرمان، لتنفيذ أجندتها السياسية بمهاجمة الدول العربية التي فرضت مقاطعة اقتصادية على الدوحة، في مقابل دعم توكل لتكون متواجدة بالمشهد العالمي والدولي، وتقديم تمويلات مالية لها. وبحسب مصادر يمنية، فإن توكل كرمان تلقت 30 مليون دولار من قطر في 2018، كدفعة أولى لإنشاء قناتي “بلقيس” و”يمن شباب”، كما تلقت دفعات أخرى لفتح قنوات ومواقع إخبارية، بالإضافة إلى مخصصات شهرية تدفعها الدوحة لتوكل وفريقها والوسائل الإعلامية التابعة لها. وبالإضافة إلى علاقتها بقطر، فإنها تقيم في تركيا، وتمتلك مؤسسة إعلامية ضخمة تحت مؤسسة بلقيس الإعلامية، ولها عقارات في أنقرة وإسطنبول وأزمير تملكتها. كما أنها تسلمت 12 مليون دولار إضافية من قطر منذ حصولها على جائزة نوبل للهجوم على الدول العربية، وأيدت الانقلاب الحوثى على الحكومة الشرعية في اليمن 2015، وساعدت جهاز الموساد في تهجير اليهود اليمنيين إلى إسرائيل؛ والتقت بالناشط الإسرائيلي عوفير برانشتاين. وهاجمت المملكة العربية السعودية عقب مشروعها التنموي في اليمن “إعادة الأمل”؛ كما امتنعت عن التبرع لأهالي اليمن ضمن خطة لإعادة الإعمار، وشمتت في مقتل الرئيس السابق صالح بتغريدة مليئة بالسخرية؛ ودعمت بؤرة رابعة الإرهابية. اختراق قطري ويطرح إعلان الإخوانية كرمان، عن انضمامها إلى مجلس الإشراف العالمي على محتوى ما ينشر على منصتي “فيس بوك” و”إنستغرام” للتواصل الاجتماعي، العديد من التساؤلات حول دور المال القطري في اختراق المؤسسات العالمية والإعلام الغربي. فحصول كرمان على منصب في “فيس بوك” يكشف عن الاختراق القطري للمؤسسات الإعلامية ومراكز الدراسات ومنظمات حقوق الإنسان، بما يؤثر على هذه المؤسسات لصالح أجندة النظام القطري وجماعة الإخوان الإرهابية. وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن تمويل قطر لبعض مراكز الأبحاث والدراسات وعلى رأسها معهد البحث والدراسات في أمريكا “بروكنغز”. وقالت إن “قطر دفعت ما يقرب من 15 مليون دولار في منحة على 4 سنوات لإنشاء مركز بروكنغز الدوحة”، مضيفة أن الباحثين الذين يعملون في المركز كشفوا عن وجود اتفاقات ضمنية تقضي بألا يكون هناك انتقاد للحكومة القطرية المانحة في التقارير التي يصدرها. وتشير تقارير إعلامية عديدة إلى أن النظام القطري أنفق أكثر من 8 مليارات دولار في منظومة الإعلام الاجتماعي، لاسيما مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر” و”إنستغرام”، موضحة أن الدوحة أدركت أهمية الإعلام الاجتماعي في الترويج للأفكار والمعلومات التي ترغب الدول في نشرها بصورة أكبر فى المنطقة. ويكشف اختيار الإخوانية توكل كرمان عن نهج الحكومة القطرية في التأثر وتوجيه الرأي العام الغربي تجاه الأوضاع الجارية في المنطقة العربية، من خلال شرائها لصفحات في أبرز الصحف الأجنبية لخدمة السياسة الخارجية لقطر، من أجل النيل من مؤسسات دول عربية في مقدمتها مصر وسوريا وليبيا. كما أنها تلعب أدواراً خبيثة ضمن المخطط الذي تموله قطر، وعلى وجه الخصوص في الجانب الحقوقي واستغلال علاقات قطر وأموالها لتلفيق تقارير حقوقية مغلوطة، إضافة إلى كونها أصبحت بوقاً إعلامياً تحريضياً توجهه الدوحة، لتعمل ضمن المخطط الإخواني وأيضاً لخدمة أهداف إيران. انتقاد واسع وانهالت ردود أفعال غاضبة من قبل الكثير من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد إعلان إدارة شركة فيس بوك لاسم توكل كرمان الإخوانية كعضو في مجلس الرقابة التابع لها، حيث طالب البعض بتدشين هاشتاق “أرفض توكل كرمان في مجلس حكماء فيس بوك”، و”أرفض مجلس حكماء فيس بوك”، للإعراب عن الرفض العالمي لتعيينها. وجاءت تعليقاتهم ساخرة ورافضة لهذا القرار، فيما أكد البعض أن توكل تتمتع بالديكتاتورية في فرض الرأي وأنها بالتأكيد ستستعمل منصبها الجديد في تصفية الحسابات مع معارضيها. وقال أحد النشطاء “أنت تقومين بحظر كل من يختلف معك كما أنك لست محايدة سياسياً، لذلك سيشهد موقع فيس بوك سنوات زعافاً في الشرق الأوسط بسببك، ستختفي آلاف المنشورات والحسابات وسيتعرض الملايين لتقييد النشر والمراسلة بمجرد أن يطرحوا رأياً مخالفاً لسياسة أردوغان أو الإخوان”، بينما قال سامي صالح: علينا أن نتحد ونرفع اعتراضنا على هذا الاختيار”. وفي تدوينة له على تويتر، قال الناشط اليمني طارق المشجري “هزلت أن تكون توكل كرمان من ضمن لجنة التحكيم، وهي أكثر من يحمل خطاب الكراهية وتكميم الأفواه والعمل بحقد وحزبية مقيته، تشمئز منه الإنسانية وتدعم إرهابيين الإخوان في كل أنحاء العالم”. فيما وصفت الناشطة أماني ردمان، توكل كرمان، بـ”الدكتاتور”، وقالت “الدكتاتور توكل كرمان تحظر كل من ينتقدها أو يخالفها في الرأي”، مضيفة بشكل ساخر “قلك عادهم عينوها ضمن مجلس المراقبة لمحتوى فيس بوك وإنستغرام”. وبدوره، سخر الدكتور سامي الجعفري من اختيار كرمان قائلاً “بعد ضم توكل كرمان إلى مجلس الإشراف العالمي لمحتوى فيس بوك وانستغرام، باقي ضم علي محسن لمجلس حقوق الإنسان وعبدالملك الحوثي لمنظمة العفو الدولية”. وأما المغرد، وسيم بارودي، فعلق على الخبر بقوله “شر البلية ما يضحك”، وأضاف “بديل عن نشر الوعي وتثقيف الشباب تسعى شركة فيس بوك لاختيار شخصية سخيفة وجاهلة، لنشر مزيد من الجهل والتسطيح الفكري ضمن تجمعات الشباب العربي”. دعم الأنشطة التخريبية ويأتي تعيين توكل في الوقت الذي يشهد فيه المشروع الإيراني وذراعه الحوثي في اليمن انتقادات دولية واتهامات بالإرهاب، إلا أن كرمان تسعى خلال الأونة الأخيرة لتكذيب هذه الانتقادات ودعم الأنشطة التخريبية للحوثيين وإيران، وتشويه جهود التحالف العربي لدعم الشرعية فى اليمن، تنفيذاً للأجندة “القطرية ـــ الإيرانية” ومنحها مساحة واسعة على شاشة قناة “الجزيرة” القطرية، الراعي الإعلامي للمشروع المشبوه. حيث اعتادت خلال تصريحاتها عبر قناة “الجزيرة” القطرية، الدفاع عن ميليشيات الحوثي فى اليمن، داعية إلى تحرك “حوثي ــ إخواني” للسيطرة على مفاصل اليمن، وزاد الاعتماد عليها لتنفيذ المخطط بعد حصولها على جائزة نوبل للسلام، وهي جائزة أثارت مطالب عديدة لتجريدها منها. ورصد مراقبون تناقضات مريبة لكرمان، خاصة وأنها عندما كانت قطر عضواً في التحالف العربي اعتمدت في تصريحاتها على الإشادة بجهود التحالف، وعندما خرجت الأخيرة وانضمت لمعسكر الإرهاب، غيّرت كرمان من لهجتها وأصبحت عدائية نحو التحالف. واستمراراً لتناقضات كرمان أنها كانت قد حذرت من التدخل الإيراني في اليمن في بداية الحرب، لكنها باتت تدعو لتحالف “إخواني – حوثي ــ إيراني”، لتنفيذ الأجندة المشبوهة. ما هو مجلس الإشراف العالمي؟ ويعتبر مجلس الإشراف العالمي على محتوى ما ينشر على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أول هيئة لإدارة محتوى الإنترنت من نوعها، ويعمل على تقديم مراجعة مستقلة لقرارات الإشراف على المحتوى. ويمكن للهيئة المكونة من 20 فرداً ويطلق عليها “محكمة فيس بوك العليا”، من إلغاء قرارات الرئيس التنفيذي مارك زوكيربرغ بشأن وجوب السماح بإزالة أجزاء فردية من المحتوى المقدم على منصتي “فيس بوك” و”انستغرام”. وتتجه صلاحيات هذه اللجنة نحو مواجهة خطاب الكراهية والتحرش وسلامة المستخدمين الشخصية، كما تم تخصيص 130 مليون دولار لتمويل أنشطة المجلس لمدة 6 سنوات. ويضم المجلس في عضويته بالإضافة إلى كرمان، رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة هيلي ثورنينغ شميت الرئيسة السابقة لمنظمة “سايف ذي تشيلدرين” غير الحكومية، ومن الرجال يضم المجلس نائب رئيس معهد كاتو المحافظ جون عينات صاحب كتاب “الكفاح من أجل الحد من الحكومة”، فضلاً عن آلان روسبريدجر رئيس التحرير السابق لصحيفة الغارديان البريطانية، المسؤول عن نشر وثائق وكالة الأمن القومي المسربة من إدوارد سنودن، وأندراس ساجو القاضي المجري السابق ونائب رئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفيما تتجه مواقف كرمان السياسية والتي تتخذ من تركيا منصة لمهاجمة الحكومات العربية، نحو التناغم مع مواقف جماعة الإخوان ضمن أجندتها الداخلية والإقليمية والدولية القائمة على مضمون التمكين، الأمر الذي يفسر حالة الجدل القائم حول تعيينها ضمن فريق مراقبة محتوى “فيس بوك”. كما أن إعلانها عن هذا الأمر بأنها تهدف إلى دعم طموحات الشعوب في الديمقراطية وحرية الرأي، يأتي كامتداد للسياسة الإخوانية المعروفة باسم “المظلومية”، ولكن بمجرد أن تتمكن من تمرير أهدافها فإنها تنقلب على هذه المبادئ بصورة كاملة، وتتحول كافة المعادلات القائمة على الديمقراطية والحرية إلى الديكتاتورية والاستبداد ومصادرة الحريات. ويمكن أن تؤثر عملية الاختيار المشبوهة لكرمان، في تفتيت الجهود التي تقودها الدول والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية في مواجهة التطرف والأفكار الإرهابية، فضلاً عن تزايد الشكوك والتساؤلات حول معايير اختيار هذه الشخصيات.
المصدر / اليوم الثامن