أخبار العالم
قوات سوريا الديموقراطية تخوض معارك عنيفة للحد من التقدم التركي في مناطقها
ريبون / وكالات
دخل الجنود الأتراك والمقاتلون السوريون الموالون لهم السبت بلدة رأس العين في شمال شرق سوريا حيث تدور اشتباكات عنيفة مع قوات سوريا الديموقراطية في اليوم الرابع لهجوم تواصله أنقرة برغم تهديدات أميركية بفرض عقوبات عليها.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية السبت سيطرتها على البلدة، الأمر الذي نفته قوات سوريا الديموقراطية ومصادر أخرى، بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد عن مقتل عشرة مدنيين السبت في نيران القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها.
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية معارك عنيفة للحد من تقدم القوات التركية في مناطق سيطرتها. وتتركز المعارك في منطقتي رأس العين (في شمال محافظة الحسكة) وتل أبيض (في شمال محافظة الرقة).
وأعلنت وزارة الدفاع التركية على موقع “تويتر” السبت أنه “نتيجة العمليات الناجحة (…) تمت السيطرة على رأس العين”.
إلا أن مسؤولا في قوات سوريا الديموقراطية قال لفرانس برس “رأس العين لا تزال تقاوم، والاشتباكات العنيفة مستمرة”.
وأكد المرصد السوري دخول القوات التركية والمقاتلين السوريين الموالين لها إلى البلدة من دون أن تتمكن من السيطرة سوى على حي الصناعة عند أطرافها.
وأشار مراسل لفرانس برس في المكان إلى صعوبة تقدم تلك القوات بسبب القناصة المنتشرين. كما تحدث قيادي في الفصائل الموالية لأنقرة عن صعوبة في التقدم “نتيجة المقاومة الشرسة لوحدات حماية الشعب الكردية، وعدد القناصة الكثيف جداً”.
ونقل مراسل لوكالة فرانس برس قرب رأس العين سماعه أصوات قصف عنيف، وشاهد مقاتلين سوريين يتوجهون نحو جبهات القتال.
كما شاهد مراسل لفرانس برس في تل تمر جنوب رأس العين سيارات تقل مقاتلين من قوات سوريا الديموقراطية محملين بالأسلحة وآليات مدرعة يتجهون إلى الجبهات.
ويتوقع محللون أن يقتصر الهجوم التركي في مرحلة أولى على المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض ذات الغالبية العربية خلافا لغالبية المناطق الحدودية الأخرى ذات الغالبية الكردية. ويبلغ طول هذه المنطقة أكثر من مئة كيلومتر.
وسيطرت القوات التركية منذ بدء هجومها وفق المرصد على 23 قرية حدودية، غالبيتها في محيط تل أبيض.
وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس أن “عشرة مدنيين قتلوا بنيران القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها” في ثلاث مناطق متفرقة، مشيراً إلى أن بينهم أربعة قتلوا في غارة جوية استهدفت سيارتهم أثناء فرارهم من رأس العين.
وارتفعت بذلك حصيلة القتلى في الهجوم التركي إلى 28 مدنياً، فضلاً عن 74 مقاتلاً من قوات سوريا الديموقراطية، وفق المرصد.
وفي الجهة المقابلة من الحدود، قتل منذ الخميس 18 مدنياً في قذائف اتهمت السلطات المقاتلين الأكراد بإطلاقها.
– دوريات أميركية –
وتهدف تركيا من هجومها إلى إقامة منطقة عازلة تنقل إليها قسماً كبيراً من 3,6 ملايين سوري لديها. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إصراره على مواصلة العملية برغم التهديدات الأميركية المتصاعدة ضده بفرض عقوبات على بلاده.
وبدأت تركيا هجومها بعد يومين من سحب واشنطن مجموعة محدودة من جنودها من نقاط حدودية في شمال شرق سوريا في خطوة بدت وكأنها ضوء أخضر أميركي لهجوم تركي.
وبعدما طالته انتقادات لاذعة متهمة إياه بالتخلي عن الأكراد ومحذرة من عودة تنظيم الدولة الإسلامية، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تركيا بتدمير اقتصادها في حال تخطت حدودها.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين الجمعة إن بلاده تستطيع “شل” الاقتصاد التركي. وأوضح أن “ترامب يعتزم توقيع مرسوم لردع تركيا عن مواصلة هجومها العسكري”، مضيفاً “إنها عقوبات شديدة جداً. نأمل ألا نضطر للجوء اليها”.
وسقطت قذائف مدفعية تركية مساء الخميس بالقرب من نقطة مراقبة أميركية في منطقة كوباني الحدودية. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بروك ديوالت “يعرف الأتراك أن جنودا أميركيين يتواجدون فيها”. ولم يعتبر البنتاغون الهجوم مقصوداً.
وشاهد مراسل فرانس برس صباح الجمعة دورية أميركية مؤلفة من خمس مدرعات ترفع العلم الأميركي أثناء مرورها من مدينة القامشلي قادمة من ناحية قاعدة رميلان ومتجهة الى قاعدة تل بيدر على الطريق الدولي في ريف الحسكة الشمالي .
وكان مسؤول أميركي قال لفرانس برس إن دوريات القوات الأميركية في شمال شرق سوريا لم تتوقف، إلا أنها تتجنب المناطق التي تشهد عمليات عسكرية.
– “لقد دُمرنا” –
وأفاد الهلال الاحمر الكردي السبت عن قصف طال نقطته الطبية جنوب رأس العين، ما أسفر عن إصابة سائق وتضرّر سيارات الإسعاف. وأشار إلى أنه “تم إخلاء النقطة” ولم يعد بوسعه الدخول إلى رأس العين لنقل المصابين.
وحذرت منظمات دولية من كارثة إنسانية جديدة في سوريا. واعتبرت منظمة أطباء بلا حدود الجمعة أن التصعيد “سيفاقم من الصدمات التي تكبّدها السوريون” خلال سنوات النزاع، مشيرة إلى إغلاق مستشفى تدعمه في تل أبيض.
وقدرت الأمم المتحدة نزوح مئة ألف مدني من مناطق حدودية منذ بدء الهجوم التركي.
وقالت منظمة الأغذية العالمية السبت إن “المزيد من الأشخاص يغادرون (مناطقهم) بشكل يومي، والأعداد إلى ازدياد”.
وقالت يسرى الصالح (38 عاماً) النازحة حديثاً إلى تل تمر جنوب رأس العين لفرانس برس “دائماً نتهجر في كل الأماكن، لقد دُمرنا”، متسائلة “ماذا يريد (الرئيس التركي) منّا؟”.
ودعت “هيومن رايتس ووتش” طرفي النزاع إلى حماية المدنيين، وضمان السماح لهم الفرار من القتال.