أخبار العالم

تونس.. قرارات رئاسية تعصف بحكم الإخوان وتاييد شعبي واسع ..!!

ريبون / وكالات

أصدر رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، الاثنين، أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء وزراء الدفاع والداخلية والعدل من مناصبهم. ويقضي أمر سعيّد الرئاسي بإعفاء: هشام المشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية، وإبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني، وحسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.
كما تقرّر، بمقتضى ذات الأمر، أن يتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها.
وكان سعيد أعلن، مساء الأحد، وعقب تظاهرات حاشدة شهدتها البلاد، احتجاجا على تدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية واستمرار ممارسات النهضة في إفساد المؤسسات واختراق القضاء وممارسة العنف ضد المعارضين، أعلن مجموعة من القرارات الاستثنائية. وشملت القرارات تجميد كل سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كما قرر سعيد تولي رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ترتكب في حق تونس، وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة جديد ويعينه رئيس الجمهورية. وفي كلمة له عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، قال الرئيس التونسي: “لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها، ومن يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلا من الرصاص”.
وفور صدور القرارات الرئاسية، خرجت الجماهير التونسية إلى ساحات المدن للاحتفاء بهذه القرارات التي عدتها استجابة لانتفاضة الشعب التونسي ضد ما يعانيه من ظروف صعبة تحت سُلطة حُكومة حركة النهضة -الفرع المحلي لجماعة الإخوان. في حين أعلنت حركة النهضة رفضها لتلك القرارات واعتبرتها بمثابة انقلاب.
وبالتوازي مع ذلك تواردت الأنباء بشأن الاستعدادات الداخلية التي تنظمها الحركة لإنزال أعضائها إلى الشارع وإحداث فوضى وقلاقل أمنية، إلى جانب تحركات من قبل التنظيم الإخواني الليبي، حيث جهز عناصره لتجاوز الحدود مع تونس.
بينما أيدت عدة قوى سياسية تلك القرارات، معتبرة أن من شأنها أن تنقذ البلاد وترسي دعائم الاستقرار فيه. وفي هذا الصدد أعلن حزب التحالف من أجل تونس مساندته لكل القرارات والإجراءات التي أعلن عنها سعيّد، بما في ذلك إقالة حكومة هشام المشيشي وتجميد أعمال البرلمان.
وقال الحزب في بيان إنه “بهيئته السياسية ومنتسبيه يعلن مساندته لكل القرارات والإجراءات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية”.. معبرا عن ثقته المطلقة في القوات العسكرية والأمنية وفي الإدارة التونسية وكل أجهزة ومؤسسات الدولة لتنفيذها بما يحقق السلم الاجتماعي واستقرار البلاد. واعتبر أن التصريحات التي تصف قرارات الرئيس التونسي بـ”الانقلاب” عبارة عن جملة من الأكاذيب والإشاعات وتشويه للحقائق.
وتابع الحزب: “حزب التحالف من أجل تونس يهيب برئيس الجمهورية أن يطمئن التونسيين والتونسيات مرّة أخرى على أن الدولة ماضية في مسار الديمقراطية والتعددية ضامنة للحريات العامة والخاصة”.
قرارات وفق الدستور أما حركة الشعب التونسية، فرأت أن قيس سعيّد لم يخرج بقراراته عن الدستور، وتصرف وفق ما تمليه عليه مسؤوليته في إطار القانون.
واعتبرت في بيان أن قرارات الرئيس كانت مدفوعة بالرغبة في المحافظة على كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة. وأكدت “مساندتها للقرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية وتعتبرها طريقا لتصحيح مسار الثورة الذي انتهكته القوى المضادة لها وعلى رأسها حركة النهضة والمنظومة الحاكمة برمتها”.
من جانبه، أكد أمين عام التيار الشعبي زهير حمدي، أن حزبه يدعم جميع قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيّد ويؤيدها، داعيا إلى إقرار خارطة طريق واضحة في هذا الإطار. وتابع: “الناس إلّي وصلتنا للمأزق منذ سنوات ولهذه النهايات، تتحمل مسؤولية هذه القرارات.. وما قام به الرئيس يدخل في صميم صلاحياته”.
وعلى صعيد متصل أعلن الاتحاد التونسي للشغل، أكبر تجمع نقابي في البلاد، الاثنين، تأييده لقرارات الرئيس سعيّد بحق الحكومة والبرلمان، لكن بشروط. وقال الاتحاد في بيان، إن المكتب التنفيذي الوطني التابع له “انعقد بصفة طارئة على إثر التدابير الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية وفق الفصل 80 من الدستور توقيا من الخطر الداهم، وسعيا إلى إرجاع السير العادي لدواليب الدولة وفي ظلّ تفشّي الكوفيد”.
وشدد على وجوب مرافقة التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد بجملة من الضمانات الدستورية. وأوضح أن هذه الضمانات تتمثل في “ضرورة ضبط أهداف التدابير الاستثنائية بعيدا عن التوسع والاجتهاد والمركزة المفرطة وتحديد مدة تطبيق الإجراءات الاستثنائية والإسراع بإنهائها، حتى لا تتحوّل إلى إجراء دائم والعودة في الآجال إلى السيرالعادي وإلى مؤسسات الدولة، وكذلك ضمان احترام الحقوق والحريات بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، مؤكدا على ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في أي إجراء يتخذ في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد لتأمين احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي وإعادة الاستقرار لتونس.
وحيا اتحاد الشغل المؤسسة العسكرية، ودعا كلّ الأطراف إلى وجوب النأي بها عن التجاذبات السياسية، إيمانا منه بعراقة هذه المؤسّسة ووطنيتها وتمسّكها غير المشروط بحماية أمن البلاد والعباد، حفاظا على مدنية الدولة. كما حيا التحركات الاجتماعية والشعبية السلمية التي انطلقت في العديد من الجهات وشكلت حلقة في سلسلة مراكمة النضال الشعبي والاجتماعي في تونس.
وأدان الأسلوب القمعي الذي انتهجته الحكومه المقالة وأفضت إلى انتهاك الحريات واعتقال العديد من النشطاء وكادت تعود بالبلاد إلى مربّع الاستبداد. هذا ويعيش الشارع التونسي حالة من الترقب في أعقاب إعلان القرارات الرئاسية المصيرية. >> بعد مصر السيسي.. تونس توجه الصفعة الثانية للإخوان والاحتفالات تعم العالم العربي.. أصداء وتوقع مراقبون أن يسرع الرئيس بالإعلان عن موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، وكذلك تسمية رئيس الحكومة الجديد، فيما أعلن الجيش حالة الاستنفار لحماية مؤسسات الدولة ضد أي أعمال شغب.
ورأت الإعلامية التونسية ضحى طليق أن قرارات سعيّد “جاءت استجابة لطلبات شرائح وفئات واسعة من الشعب التونسي بضرورة رحيل منظومة الحكم التي جثمت على البلاد منذ 2011″، مشيرة إلى أنها “ليست محل خلاف تقريبا”.
وتوضح طليق في حديث مع قناة “سكاي نيوز عربية”، أنه “بعد قرارات مساء الأحد، سيقوم الرئيس كما سبق أن أعلن بوضع النصوص الترتيبية للقرارات، وأولها تعيين رئيس حكومة، الذي سيختار أعضاء الحكومة، ولا شك في أن أعضاء الحكومة سيكونون من الكفاءات لا من الموالين للأحزاب، مع الحرص على تأمين البلاد ومنع سقوطها في أتون الفوضى”.
وتتوقع الإعلامية التونسية أن يقدم الرئيس ملفات الفساد إلى القضاء بالسرعة المطلوبة للحسم فيها، علما أن مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين كانت وما زالت مطلبا شعبيا.
وترى أنه “في المقابل، من المؤكد أن حركة النهضة الإخوانية ستحاول النزول إلى الشارع، وهو ما حدث فعلا، حيث وصل بعض أنصارها لمقر البرلمان بعلة حماية الشرعية”.
ولم تستبعد أيضا أن “تحاول النهضة جر البلاد إلى الفوضى والعنف، لكن ذلك سيكون انتحارا”. ومن جهة أخرى، قالت الكاتبة الصحفية نجوى المحجوب، إن سعيّد طبق المادة 80 من الدستور، و”ما يحدث ليس انقلابا كما تروج له قيادات حركة النهضة”. وتابعت المحجوب، إن “الدستور يمنح رئيس الجمهورية الحق في اتخاذ القرارات المناسبة لحماية البلاد في حالة الطوارئ وتعرض مؤسساتها للانهيار”، مؤكدة أن “الدستور طُبق بناء على طلب الشعب التونسي، الذي احتشد في الشوارع مطالبا رئيس الجمهورية باتخاذ ما يلزم لحماية البلاد”.
وأكدت أن “قرارات الرئيس لاقت فرحة واحتفاء جماهيريا كبيرا من جانب المواطنين، الذين احتفلوا بمختلف الساحات دعما لها”. وتحدثت عن الخطوات المرتقبة في الساحة السياسية التونسية، قائلة إن “البلاد تنتظر مزيدا من الإجراءات بعد قرار تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، ستشمل محاسبة الفاسدين ومعاقبة المنتفعين الذين استولوا على مال الشعب وأفسدوا الحياة السياسية”.
وأضافت المحجوب إنه “من المنتظر أن يعلن الرئيس عن تعيين حكومة جديدة، وانتخابات تشريعية مبكرة”. وختمت بالقول إن “قيادات الإخوان هم من وضعوا المادة 80 من الدستور التونسي، وهى التي استند إليها الرئيس في قراراته.. ووفق تصريحات قياداتهم هم لا يرفضون النص الدستوري”.
إغلاق