تقارير وتحقيقات

في غياب اي بارقة امل.. اتفاق السويد يصل الى طريق مسدود

قالت مصادر سياسية لـ“العرب” إن انهيار وقف إطلاق النار في الحديدة وعودة المواجهات العسكرية بين القوات المدعومة من التحالف العربي والميليشيات الحوثية باتا متوّقعين في ظل انسداد آفاق الحل السياسي وتعثر تنفيذ اتفاق السويد.

وعقدت اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار، الثلاثاء، اجتماعها الثالث في المناطق المحررة من مدينة الحديدة بحضور كبير المراقبين الدوليين الجنرال باتريك كاميرت، وامتناع ممثلي الحوثي عن الحضور، في مؤشر إضافي على فشل المساعي التي بذلها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في صنعاء.

وأشارت مصادر محلية إلى قيام الميليشيات الحوثية باستخدام قذائف الهاون في قصف محيط المقر المفترض لعقد اجتماع لجنة تنسيق إعادة الانتشار، كتعبير عن احتجاجها على حضور كاميرت الذي لم يستجب لتحفظاتها حول مكان انعقاد الاجتماع.

وعقد المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، الثلاثاء، سلسلة من اللقاءات مع مكونات وتيارات سياسية في العاصمة السعودية الرياض من المحسوبة على الشرعية.

وقالت مصادر خاصة لـ“العرب” حضرت اللقاءات، إن غريفيث برّر تحاشيه انتقاد الحوثيين وتحميلهم مسؤولية فشل اتفاقات السويد، بكونه مجرد وسيط دولي وليس معنيا بإدانة أي طرف.

واعترف غريفيث في الاجتماع بفشل استراتيجيته المتعلقة بتجزئة الحلول، لكنّه أضاف أنه مضطر إلى اتباع هذا التكتيك نتيجة عدم وجود بدائل أخرى يمكن من خلالها تفكيك تعقيدات المشهد اليمني.

واصطدمت محاولات المبعوث الأممي في إقناع الحكومة بالذهاب إلى جولة جديدة من المشاورات في العشرين من يناير الجاري، بطلب الشرعية تنفيذ مخرجات الجولة السابقة التي عقدت في السويد، قبل الحديث عن عقد جولة جديدة.

وشهد الخطاب السياسي للتحالف العربي والحكومة الشرعية خلال الساعات القليلة الماضية تطورا لافتا كانعكاس لرفض الحوثيين تنفيذ أي من بنود اتفاق ستوكهولم، الأمر الذي يرجح وصول الجهود الأممية إلى طريق مسدود.

ونشر وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش سلسلة تغريدات على تويتر، عبّرت عن استنزاف الحوثيين لفرص إحلال السلام في اليمن.

وقال قرقاش إن التطورات المتعقلة بالحديدة تشير إلى أن لا نية لدى الحوثي لاحترام التزاماته الإنسانية والسياسية منذ اتفاق السويد، مشيرا إلى أنه على الحوثيين الانسحاب الكامل من الحديدة للاستمرار في العملية السياسية، ومضيفا أنه “آن الأوان للعديد من المنظمات غير الحكومية والرأي العام الدولي أن يضغط على المعطّل الحقيقي للحل السياسي في اليمن”.

وأكد الوزير الإماراتي في تغريداته على أن “التحالف في موقف سياسي جيد جدا وهو يراقب محاولة الحوثي التلاعب بالتزامات واضحة”، مضيفا أن “الحوثي يكرر ممارساته الساعية لإفشال اتفاق السويد كما أفشل الكويت وجنيف”.

واستطرد قرقاش قائلا “التطبيق الكامل لالتزامات السويد أولوية بعيدا عن التسويف والتعطيل والتلاعب، والهروب عبر المطالب والشروط الجديدة لن ينفع الحوثي هذه المرة، ومن الضروري التنفيذ الكامل للانسحاب من ميناء ومدينة الحديدة للاستمرار في المرحلة المقبلة للعملية السياسية”.

وفي موقف مماثل طالب وزير الخارجية خالد اليماني في اجتماع عقد الثلاثاء في الرياض مع سفراء مجموعة الـ18 الراعية للعملية السياسية في اليمن بإيضاح آليات عمل الأمم المتحدة في تنفيذ الاتفاق بصورة رسمية إلى الحكومة لدراستها وتحديد الموقف منها، ووضع جدول زمني واضح لتنفيذ اتفاقات ستوكهولم قبل المضي قدما لعقد جولة جديدة من المشاورات.

ويؤكّد كلام اليماني ما ذهبت إليه “العرب” من قلق الحكومة اليمنية من عامل الوقت، والنظر بارتياب لمماطلة الحوثيين في تنفيذ اتفاق الحديدة واستمرار تعزيز حضورها في المدينة، وهي الجزئية التي يذهب مراقبون سياسيون إلى أنها قد تكون حاسمة في عودة المواجهات العسكرية وانهيار المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.

وفي سياق المساعي الدولية لإنقاذ اتفاق السويد والحيلولة دون انهيار وقف إطلاق النار الهش في الحديدة، يعقد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، اجتماعا يستمع فيه إلى التقرير المقدم من مارتن غريفيث عن مستوى التقدم في تنفيذ اتفاقات ستوكهولم، وخصوصا الجزء المتعلق بإعادة الانتشار في الحديدة.

وتوقع الباحث السياسي فارس البيل في تصريح لـ“العرب” وصول اتفاق السويد بشأن الحديدة إلى طريق مسدود، دون أن يكون هناك أي خطوة يمكن الركون إليها في التفاؤل بشأن نجاح ولو نسبة بسيطة من الاتفاق.

ولفت البيل إلى أن الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية القسم الأكبر من الخلل الذي يعتري بنود الاتفاق التي اتسمت منذ الوهلة الأولى بعدم النضج، مشيرا إلى أنّه تم إخراج الاتفاق بشكل متسارع لتسجيل نجاح معنوي.

وعن زيارتي غريفيث لصنعاء والرياض وإمكانية تحقيق اختراق سياسي أضاف البيل “جاءت جولة غريفيث، لمحاولة إنقاذ الاتفاق في أيامه الأخيرة، ويبدو أنه لم يحصد سوى الريح من زيارته لصنعاء، حيث لم يعد أمامه الآن سوى خيارين، إما أن يحشد المجتمع الدولي ومجلس الأمن لإنفاذ الاتفاق بتدابير صارمة كما هو ودون تمييع، وعندها يمكن أن تستمر مسيرة التفاوض، وإما أن يذهب لتمييع الاتفاق وخلق فرص جديدة للحوثي عبر تعديل الاتفاق أو تطويله وكل ذلك سيمنح الحوثي نصرا جديدا ومساحة أخرى للمراوغة والمناورة ويفقد الأمم المتحدة الجدية والحسم ويعيد الأزمة إلى مربعها الأول”.

المصدر: العرب

إغلاق