محلية
معركة جديدة بين تركيا والإيرانيين.. هل تنسحب واشنطن تاركة العراق الفريسة المنتظرة؟
ريبون/ متابعات:
صدمة وحيرة، عبَّـرت عنهما أوساط عراقية، إثر الانهيار المفاجئ لواشنطن في أفغانستان، ما أدى إلى قرع أجراس الإنذار في البلد الآسيوي القريب من أفغانستان، في الوقت الذي تخطِّط فيه الولايات المتحدة الأمريكية، للانسحاب من بغداد، العام الحالي.
وقالت صحيفة آسيا تايمز، إن استيلاء طالبان السريع على السُّلطة، وانسحاب أمريكا الفوضوي من أفغانستان، أديا إلى قرع أجراس الإنذار في العراق، مشيرة إلى أن محللين عراقيين كثَّفوا تحليلاتهم لإبراز أوجه التشابه والاختلاف بين بغداد وكابل. حسب ترجمة موقع السياق.
وتقول الصحيفة، إن هناك العديد من أوجه التشابه، بين الإدارة في بغداد وتلك التي انهارت في كابل، حيث لا يزال العراق دولة هشة للغاية بعد 18 عامًا من غزو التحالف بقيادة الولايات المتحدة للبلاد واحتلالها، مشيرة إلى أن أوجه التشابه بين البلدين، أن فيهما حكومة مركزية تفتقر إلى السُّلطة الوطنية، بينما ابتُليت بمزاعم الفساد والطائفية وعدم الكفاءة.
في الوقت نفسه، تلقَّت كل من بغداد وأربيل -عاصمة شمالي العراق الذي يسيطر عليه الأكراد- كميات هائلة من المساعدات العسكرية والمالية، من الولايات المتحدة وحلفائها منذ عام 2003، إلا أنه مع ذلك، لا تزال قوات الأمن العراقية، التي تتلقى تدريبًا غربيًا إلى حد كبير منقسمة، حيث غالبًا ما يتم التشكيك في ولائها وفعاليتها -على غرار قوات الأمن الوطني الأفغانية التي دربتها الولايات المتحدة، والتي انهارت بسرعة بعد انسحاب القوات الأمريكية.
ويقول بايار مصطفى من جامعة كردستان هولير في أربيل لـ«آسيا تايمز»: «لم يتوقع أحد هذا النوع من الانسحاب، حتى إنهم تركوا وراءهم كل أسلحتهم الشخصية»، متسائلًا: أي نوع من الانسحاب هذا؟ إنه فشل كبير للولايات المتحدة.
بينما يقول إبراهيم المرعشي، الأستاذ المساعد في جامعة ولاية كاليفورنيا سان ماركوس، لصحيفة آسيا تايمز: «يوجد حاليًا فريق استشاري عسكري أمريكي في العراق، يبلغ قوامه نحو 2500 فرد، وهو العدد نفسه من القوات، التي كانت في أفغانستان عشية الانسحاب.
وفي ظِل هذه الظروف، قال دولر علاء الدين، من معهد أبحاث الشرق الأوسط في أربيل، لـ«آسيا تايمز»: «في ظِل هذه الظروف، أصيب الجمهور بصدمة نفسية من تأثير الانسحاب الأمريكي من أفغانستان (..) لقد تُركوا يتساءلون: هل يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة للبقاء؟ وماذا سيحدث إذا ذهبت؟».
حسابات معقَّدة
ورغم أوجه التشابه بين المهمتين بقيادة الولايات المتحدة، هناك أيضًا اختلافات، سردتها صحيفة آسيا تايمز، منها أن الولايات المتحدة حاولت الانسحاب من العراق، مع ما تراه واشنطن الآن عواقب وخيمة.
ويتذكر مصطفى من جامعة كردستان، قائلًا: «عام 2011، سحب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما القوات الأمريكية من هنا، قبل وقت طويل من قرارهم الانسحاب من أفغانستان (..) ما أعادهم هو داعش».
عام 2014، اجتاح تنظيم داعش معظم أنحاء سوريا والعراق، بحسب مصطفى الذي يقول: «هُزم نحو 66 ألف جندي عراقي، مدربين ومُجهزين من الولايات المتحدة، على يد قرابة 500 مقاتل من داعش».
ونظَّم تحالف تقوده الولايات المتحدة، إلى جانب القوات الكردية ومجموعة شاملة من الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران، والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي، القتال نهاية المطاف، ما أدى إلى هزيمة داعش إلى حد كبير، لكنها لا تزال نشطة في العراق وسوريا المجاورة.
ويضيف مصطفى: «هناك درس يجب تعلُّمه من ضعف حكومة بغداد وأهمية الوجود الأمريكي».
وتقول «آسيا تايمز»، إن هناك اختلافًا آخر بين العراق وأفغانستان، هو أنه بصرف النظر عن داعش، فإن المستفيد الآخر من خروج الولايات المتحدة، سيكون على الأرجح دولة إشكالية بشكل خاص للولايات المتحدة.
ويقول علاء الدين، الباحث في معهد أبحاث الشرق الأوسط في أربيل: «إيران (..) هذا هو الفيل في الغرفة، إذا لم يكن هناك موطئ قدم للولايات المتحدة هنا، فستكون لإيران يد حرة عبر العراق وسوريا، وصولاً إلى لبنان».
ودعت الجماعات الموالية لإيران في العراق، الولايات المتحدة إلى إنهاء وجودها في البلاد، بينما هاجمت جماعات داخل قوات الحشد الشعبي، قواعد أمريكية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك بطائرات من دون طيار وصواريخ.
ومع ذلك، في الوقت نفسه، يشير المرعشي إلى أن «الميليشيات في العراق، المرتبطة بإيران، ليست مضطرة للسيطرة على البلاد، مثل طالبان، لأنهم موجودون في البرلمان».
وفي الواقع، تتمتع الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، بنفوذ كبير في السياسة الداخلية العراقية، وكانت ضغوط هذه الجماعات، هي التي أرسلت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في يوليو، لإقناع بايدن بإعلان نهاية العمليات القتالية الأمريكية.
ويقول علاء الدين: «إذا ذهب الدعم الأمريكي، فإن المعارضة الداخلية لهذه الجماعات الموالية لإيران، ستفتقر إلى الكتلة الحرجة لمواجهتها ومنع الهيمنة الإيرانية».
في غضون ذلك، أثار الدعم العسكري الأمريكي للقوات الكردية، غضب جارة ثانية هي تركيا، التي تزعم أن بعض هذه القوات، المدعومة من الولايات المتحدة، على صِلة بالانفصاليين الأكراد في تركيا -حزب العمال الكردستاني- وطالبت الولايات المتحدة بالكف عن مساعدتهم.
وشنَّت تركيا أيضًا عمليات عسكرية، ضد قواعد حزب العمال الكردستاني المزعومة شمالي العراق، الذي يسيطر عليه الأكراد، المعروفة باسم حكومة إقليم كردستان، كما تحتفظ أنقرة بسلسلة من «نقاط المراقبة» العسكرية داخل الأراضي العراقية.
ويقول علاء الدين: «إذا غادرت الولايات المتحدة، سيكون العراق وحكومة إقليم كردستان، أكثر عرضة لتركيا وإيران».
إلا أن تركيا تختبر رد فِعل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، كما يقول مصطفى، مشيرًا إلى هجوم بطائرة من دون طيار تركية في 17 أغسطس الجاري، على عيادة في سنجار شمالي غرب العراق، ما أدى إلى مقتل مسؤول كردي عراقي كبير تربطه علاقة بأنقرة بحزب العمال الكردستاني، إلى جانب اثنين آخرين على الأقل.
ويضيف مصطفى: «لم تستطع الحكومة العراقية حتى إدانة هذا العمل (..) وذلك يجعلنا نشعر بأن البلاد في خطر أن تصبح ساحة معركة بين تركيا والإيرانيين، إذا انسحبت الولايات المتحدة والغرب».
عين على الخروج
في غضون ذلك، ومنذ بدء انهيار الحكومة المدعومة من الغرب في كابل، حرص المسؤولون الأمريكيون على تأكيد عدم وجود أوجه شبه مع العراق.
وقال السفير الأمريكي في العراق ماثيو تولر للصحفيين الأكراد في أربيل في 11 أغسطس، إن الانسحاب «ليس في ذهن الرئيس بايدن»، بينما وعد بأن الولايات المتحدة ستكون في العراق فترة طويلة.
ومع ذلك من الواضح أن الأحداث في أفغانستان، تسبَّبت في تفكير جديد، في العراق وأماكن أخرى، في جميع أنحاء المنطقة.