غير مصنف

توقف تصدير النفط يرهق اقتصاد اليمن الهش

ريبون نيوز _ الأناضول

23 مايو 2023

يواجه الاقتصاد اليمني تداعيات قاسية خلّفها توقف تصدير النفط من الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، عقب هجمات تحذيرية شنتها جماعة الحوثي قبل نحو 8 أشهر. الحكومة اليمنية ظلت على مدار سنوات تعتمد على النفط كمورد رئيسي لتغطية عملية الإنفاق العام، وهي تواجه تحديات صعبة للإيفاء بالتزاماتها تجاه ملفات عدة، أبرزها دفع مرتبات موظفي القطاع العام، وتقديم الخدمات الأساسية، والحفاظ على الاستقرار النسبي للعملة الوطنية. وخلال سنوات الحرب تمكنت الحكومة من الحفاظ على معدل إنتاج يومي بمقدار 60 ألف برميل من النفط، بعد أن كانت البلاد تنتج قرابة 150 ألف برميل قبل اندلاع النزاع عام 2015. وأدى تحول اقتصاد اليمن الهش إلى مسرح جديد للصراع، لرسم صورة قاتمة عن الوضع في البلاد، وسط مخاوف من تأثير ذلك على ملايين السكان الذين يعيشون أوضاعا معيشية وإنسانية مزرية جراء حرب مستمرة منذ 9 سنوات. وعقب فشل تمديد الهدنة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2022، شنّ الحوثيون هجمات تحذيرية على ثلاثة موانئ نفطية هي الضبة والنشيمة وقنا، في محافظتي حضرموت وشبوة جنوب شرق البلاد؛ مما أدى إلى وقف عوائد النفط الحكومية وتدفقات الوقود وحرمان الحكومة من أهم مواردها. مطالبة بتحرك عربي ويوم الجمعة، اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بكلمة أمام القمة العربية في جدة “جماعة الحوثي بالاستمرار في منع وصول السفن والناقلات إلى موانئ تصدير النفط”. وطالب “بتحرك عربي جماعي إلى جانب تحالف دعم الشرعية (التحالف العربي) من أجل دعم جهود الحكومة اليمنية لإنعاش الاقتصاد وتحسين الخدمات الأساسية والتدخلات الإنسانية المنقذة للحياة”. فيما أعرب المبعوث الأممي لليمن، هانس غروندبرغ، الخميس، خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي عن “قلقه من تردي الوضع الاقتصادي في اليمن، والقيود المفروضة على الحركة وما يتبع ذلك من أثر على النشاط الاقتصادي”. وأوضح أن “عدم تمكن الحكومة اليمنية من تصدير النفط، الذي مثل أكثر من نصف إجمالي الإيرادات الحكومية العام الماضي، يفرض ضغوطا عليها تؤثر على الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب”. تهديد بهجمات مباشرة أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، توعد الحوثيون بالانتقال من الضربات التحذيرية لسفن النفط في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، إلى استهدافها بشكل مباشر. وفي تصريح نشرته قناة المسيرة التابعة للحوثيين، توعد عبد العزيز بن حبتور، رئيس حكومة الجماعة غير المعترف بها، بأنه “إذا لم يتم التفاهم معنا لتحويل المبالغ (عائدات النفط) إلى البنك المركزي بصنعاء، فلن يكون التعامل إلا بالحديد والنار”. مطالب متطرفة في 7 ديسمبر/ كانون أول 2022، اتهم المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندر كينغ، الحوثيين بالتراجع عن التزاماتهم تجاه تمديد الهدنة، من خلال تبني مطالب متطرفة، وشن سلسلة من الهجمات التي تهدد الملاحة البحرية الدولية. وتتمثل هذه المطالب، بحسب ليندر كينغ، في “تحويل الحكومة الشرعية عائداتها المحدودة من النفط لدفع رواتب مقاتلي الجماعة”. إدانة دولية منتصف فبراير/ شباط الماضي، أدانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في بيان مشترك “الهجمات الحوثية على البنى التحتية والإجراءات الأخرى التي تهدد العملية السلمية وتسبب الضرر الاقتصادي لكافة اليمنيين”. وشدد البيان على “أهمية الاقتصاد المزدهر في اليمن وتوفير فرص وظيفية ومعيشية للشعب اليمني”. تدابير عاجلة لمواجهة تداعيات توقف عملية إنتاج وتصدير النفط، أعلنت الحكومة في 10 فبراير الماضي اتخاذ تدابير جديدة لترشيد وتقليص الإنفاق وتنويع الإيرادات المتوقعة لعام 2023. جاءت هذه الخطوة، بعد شهر من إقرار الحكومة رفع سعر الدولار الجمركي إلى 750 ريال، بزيادة 50 بالمئة؛ وسط تحفظ من البرلمان اليمني الذي اعتبرها خطوة “لم تراع الحالة المعيشية للمواطنين والبدائل المطلوبة للموظفين والفئات الأقل دخلا”. فقدان أهم مورد للنقد الأجنبي وفيق صالح، صحافي وخبير اقتصادي يمني، قال إن “توقف تصدير النفط الخام أثّر بشكل كبير على المالية العامة للدولة، من خلال فقدان الحكومة أهم مورد للنقد الأجنبي في الوقت الراهن”. وأشار إلى “تراجع حجم الموارد العامة، ما يهدد بعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الإنفاق على الخدمات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء ودفع رواتب الموظفين”. وأوضح أن تأثير توقف تصدير النفط “لا يقتصر على خسارة الحكومة لمزيد من الموارد المالية بل ويضعف قدرتها على التدخل في أسواق الصرف وتوفير العملة اللازمة لاستيراد السلع، لا سيما الأساسية التي تتطلب تدخلا رسميا لتوفير العملة الصعبة وقطع الطريق أمام المضاربين”. وزاد: “هناك أيضا مخاطر أخرى تتمثل في تراجع حجم الصادرات اليمنية، مقابل التوسع في عملية الاستيراد وهو ما يعني توسعا للعجز في الميزان التجاري للدولة، وتزايد الضغوط على الحكومة لتوفير العملة اللازمة للاستيراد مع ارتفاع تكلفة الواردات عاما بعد آخر”. وأكمل: “كل هذه المخاطر تنعكس في المحصلة على قيمة العملة الوطنية، من حيث تزايد الضغط والإقبال على شراء العملات الأجنبية من السوق المحلية، الأمر الذي يؤدي إلى تآكل القيمة الشرائية للريال وارتفاع مستوى التضخم المعيشي للسكان”. والثلاثاء الماضي، شهدت العملة اليمنية تدهورا هو الأسوأ منذ نحو عام؛ إذ بلغ سعر صرف الدولار الواحد 1300 ريال في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية. وفي أبريل/ نيسان 2022 كان سعر الدولار يساوي نحو ألف ريال، واستمرت العملة المحلية بالتدهور وسط ضعف معروض الدولار والنقد الأجنبي في السوق المحلية. ويشهد اليمن منذ نحو 9 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014. وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألفا، وكبدت اقتصاد اليمن خسائر 126 مليار دولار، وفق الأمم المتحدة، وبات معظم سكان البلاد البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.

إغلاق