متابعات

ما دلالات اختيار كاميرت لعقد آخر اجتماعاته للجنة تنسيق إعادة الانتشار في عرض البحر؟

فشل الجنرال باتريك كاميرت رئيس بعثة المراقبين الدوليين المستقيل، في تحقيق تقدم بشأن تثبيت هدنة الحديدة بين القوات الحكومية والحوثيين في اجتماع جمع الفرقاء على متن سفينة قبالة ميناء الحديدة.

ويأتي هذا الاجتماع الذي عقد في عرض البحر بعد فشل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في إقناع الفرقاء اليمنيين بنقل أعمال لجنة تنسيق إعادة الانتشار إلى خارج اليمن، في محاولة من كاميرت لكسر عقدة الفشل في جمع ممثلي الفريقين في لجنة إعادة الانتشار قبل أن يترك مهامه.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن الاجتماع الذي عقد على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة، بحضور ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين، هو الأخير الذي يرأسه كاميرت قبل مغادرته الحديدة نهاية الأسبوع الجاري ليخلفه الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.

وأكدت المصادر أن كاميرت حرص على تجاوز عقبة الفشل في جمع ممثلي الحكومة والحوثيين في اللجنة قبيل مغادرته لمنصبه، الذي استمر فيه بعد تقديم استقالته بناء على رغبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي تدخل بقوة للحيلولة دون انهيار وقف إطلاق النار في الحديدة وإعلان فشل اتفاقات السويد.

وبشأن تفاصيل اجتماع لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، قال الصحافي سامي باري موفد الإعلام الحكومي في اللجنة، إن الاجتماع تطرق لموضوع الخروقات الحوثية والمرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار التي تشمل الانسحاب من الموانئ والمناطق ذات الأهمية الإنسانية.

وأضاف باري في تصريح لـ”العرب” أن اللجنة استعرضت خطة تقدم بها الفريق الحكومي في اللجنة حول إعادة الانتشار، وآلية الانسحاب من الموانئ، مشيرا إلى أن ممثلي الحوثيين اعترضوا على الخطوة الأولى من الخطة التي تتضمن الانسحاب من الموانئ وإعادة الانتشار في المواقع المرتبطة بالجوانب الإنسانية الحرجة واشترطوا انسحاب القوات الحكومية بحدود 15 كيلومترا من مناطق تواجدهم الحالية.

وشهدت مناطق جنوب وغرب الحديدة عودة للمواجهات بين قوات المقاومة المشتركة والميليشيات الحوثية مع استمرار الحوثيين في قصف المناطق المحررة واستهداف المنشآت الحيوية الخاضعة لسيطرة القوات التابعة للحكومة اليمنية.

وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب” في وقت سابق عن تقديم الحوثيين لحزمة جديدة من الاشتراطات للأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث لتنفيذ اتفاقات السويد، وهي الاشتراطات التي أفشلت مهمة غريفيث الأخيرة في صنعاء التي كانت تستهدف إقناع الحوثيين بتقديم تنازلات في ملف الحديدة، وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية.

وأكدت المصادر قيام الميليشيات الحوثية بإيصال رسائل غير مباشرة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي مفادها أنها لن تقبل بالانسحاب من الحديدة وموانئها إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تتيح لها الاحتفاظ بمناطق سيطرتها في شمال اليمن وتوقف عمليات التحالف العربي.

وعن دلالات توقيت ومكان انعقاد آخر اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة برئاسة كاميرت، قال الباحث السياسي اليمني سياف الغرباني إن مدينة الحديدة لم تعد آمنة للمراقبين الأمميين، خاصة إذا أصروا على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار بشكل منضبط، وتبعا لمضامينه الحقيقية، ومن دون أي مرونة تجاه مناورات الحوثيين وطرقهم الملتوية.

ولفت الغرباني في تصريح لـ”العرب” إلى أن هذا ما يمكن فهمه من اختيار رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهولندي باتريك كاميرت سفينة في البحر الأحمر لعقد آخر اجتماع برئاسته قبل تسليم مهامه لرئيس بعثة الرقابة الأممية الجديد.

وأضاف “الجنرال كاميرت بهذه الخطوة ربما يكون قد وضع المجتمع الدولي وجها لوجه أمام فشل الأمم المتحدة، في توفير الحدّ الأدنى من الأمن للجنة المراقبة في اليمن، وفي ذات الوقت ترك إشارة ذكية في بريده حول هوية الطرف المتورط باستهداف السيارة الأممية التي كان يستقلها في مدينة الحديدة”.

ويقلل العديد من المراقبين من إمكانية نجاح أي اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة التي لا يمتلك ممثلو الحوثيين فيها ذات الصلاحيات التي كان يمتلكها الوفد الحوثي في مشاورات ستوكهولم التي لم ينفذ حتى الآن أي من مخرجاتها.

ويرى الباحث السياسي اليمني علي حميد الأهدل أن التحركات الأممية الأخيرة في الحديدة تكشف عن مدى عجز المنظمة الدولية أمام الميليشيات الحوثية، الأمر الذي بلغ ذروته مع الحملة الإعلامية التي استهدفت رئيس فريق المراقبين وتجاوز ذلك إلى إطلاق النار على موكبه وتعريض حياته للخطر، من دون أن تجرؤ الأمم المتحدة حتى على انتقاد الميليشيات الحوثية.

وأشار الأهدل في تصريح لـ”العرب” إلى أن الأداء الهزيل للأمم المتحدة وانصياعها لرغبات الحوثيين في تغيير رئيس فريق المراقبين، عززا من صورتها النمطية لدى الشارع اليمني الذي يعتقد أنها تفتقد لإرادة التغيير في الحديدة وتريد أن تبقى فقط لمجرد الحضور وربما تنفيذ أجندات لأطراف دولية.

وأضاف “في الوقت الذي تعقد فيه لجنة إعادة الانتشار الأممية اجتماعاتها على متن السفينة فوس أبولو التابعة للأمم المتحدة، في عرض البحر بحضور فريقي الحكومة والحوثيين، لم تتوقف ميليشيات الحوثيين عن استهداف المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية المشتركة داخل مدينة الحديدة وهو ما يظهر تحديها الواضح وانتهاكها الصارخ لكل الجهود الأممية لصناعة السلام في الحديدة”.

المصدر: صحيفة 4مايو الالكترونية

إغلاق