كتابات

جــوّاس.. أيُّ قائــدٍ عظيــــمٍ أنـــت؟!

ريبون نيوز 26 مارس 2022م / كتابات

ريبون نيوز – 26 مارس 2022م

كتابات / المهندس بكيل التركي

جــوّاس.. أيُّ قائــدٍ عظيــــمٍ أنـــت؟!

 

 

“حنـانيك يـا ركــبَ الرحيــلِ ، فإنمـا

 

مَشيـتَ علــى ذاتــي التـي تتفطّــرُ

 

خُـلاصةَ أعنــابِ العصـــورِ تقطّـرَت

 

بها “لحـــجُ” عـن خيـرِ مَـن نتصــوَّرُ ”

 

 

لم يكن الشهيد اللواء الركن/ثابت جواس قائدًا عسكريًا عاديًا، بل كان قائدًا استثنائيًا لا يُشقّ لهُ غبار، صالَ وجالَ وامتطى الخطوبَ طيلة مسيرة حياته العسكرية الحافلة بالعطاء والمرصَّعة بأوسمة ونياشين الشرف والفداء والبطولة.

 

لم يُبالِ بشيء في سبيل الدفاع عن وطنه وشرفه العسكري.

 

أعلمُ حدّ اليقين شهيدنا البطل إن الحديثَ عنك في هذه اللحظات لايجدي نفعًا، ولن نستطيع بعد الآن أن نراكَ كونَك غادرتنا وما نزال عطشى لم نرتوِ من بطولاتِك التي يفوح منها عبق حبك للأرض والوطن والانتماء إليهما.. عذرًا قائدنا البطل لأننا لانملك إلا كلمات ننثرها مبعثرة وقلوبنا تعتصر ألمًا، ولا سلطة لنا سوى على هذه الأحرف التي نخطها فتبدو باهتةً وشاحبةً مجردةً من ألقِها.

 

عذرًا.. أبا وضاح فلا توجد دولة ولا رجال دولة.. ولا مؤسسات دولة أفنيتَ عمرك في الدفاع عنها.. إذ لاجهاز أمني واستخباراتي ولا منظومة أمنية حقيقية غير (أطقم) تملأ الأسواق وتتجه شمال عـدن وغربها وشرقها نحو مخططات الأراضي التي يتم العبث بها والبسط عليها.. عذرًا أيها الشهيد الخالد لأننا لم نُقــدّر بطولاتك التي سطرتها ورفاق السلاح-من أجل الوطن- فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر..

 

عذرًا.. أيها الطُهرُ المُسجّـى لأننا لم نتحدث عن التهميش المقصود الذي تعرضتَ له منذُ سنواتٍ وسنوات.. لم نحرك ساكن ولم نقل شيئًا حيالَ ذلك..

 

لاعذرَ لأحد ولا نستطيع أن نعفيَ أحد من تحمل مسؤولية ما جرى لك، لأن هذه البلاد تتقاذفُها أمواج الشر، وأشباح الظلام، و”مافيا” الأراضي، والفيد والنهب التي تحمل سكاكين اللصوصية ولا ترى في الوطن سوى كتلة لحم (شوارما) تتنافس على سلخه – ليل نهار- حتى صار هزيلًا مضرّجًا بدمِكَ ودماء الشهداء الذين قضوا من أجل ترابهِ وذودًا عن حياضه.

 

عذرًا أيها الطود الشامخ المكســو عفةً وعظمةً وتواضعًا.

 

لم يعد للكلمات طعم ولا لون كونها تتزاحم في  مشهدٍ تراجيديٍ حزينٍ يخفي خلفه بقايا آمالٍ وآلامٍ ومسافاتٍ طوال..

 

 

لم يستطع الجبناء أن ينالوا منكَ لأنهم ليسوا  في مستوى إقدامِكَ وشجاعتك، فلجأوا إلى أساليب الغدرِ ونفذوا جريمتَهم الشنعاء التي تُعدُّ امتدادًا لمسلسل التصفيات والجرائم  للقيادات الجنوبية منذُ مايقرب من ثلاثين عامًا.

 

أيُّ قائدٍ عظيمٍ أنت..! حتى تتزاحم المواكب من مختلف محافظات الجنوب للمشاركة في مراسيم موكبك الجنائزي المهيب الذي شهدناه مكتظًا بالآلاف من أجل مواراة جثمانك الطاهر الثرى في مسقط رأسك بمديرية حبيل جبر-ردفــان.

 

رحمة الله تغشى الشهيد البطل اللواء الركن/ثابت جواس ومرافقيه الذين استشهدوا في هذا الحادث الإجرامي الجبان.. خالص التعازي القلبية بهذا المصاب الجلل لأسرِ وذوي الشهداء ومحبيهم، والوطن عامة ولردفان الثورة خاصة.

 

نسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته وعظيم غفرانه وأن يسكنهم فسيح جنانه.

 

إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

إغلاق