رياضة

روحية عدم الاستسلام تضع لاعبي ليفربول على مشارف المجد القاري

حقق ليفربول عودة مذهلة أمام برشلونة الإسباني في إياب الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، ما وضع الفريق الإنكليزي أمام فرصة إنهاء الموسم كملوك متوجين على العرش القاري للمرة السادسة، والأولى بعد انتظار 14 عاما.

حتى قلعة ملعب “أنفيلد” لم تكن قد شهدت أمسية مماثلة، على الأقل ليس أمام فريق من حجم برشلونة لا سيما بعد تقدم الفريق الكاتالوني بثلاثية نظيفة في ذهاب نصف النهائي على ملعبه كامب نو.

وحقق ليفربول المعجزة على ملعبه بالفوز 4-صفر، على رغم غياب ورقتين رابحتين في صفوفه هما المصري محمد صلاح والبرازيلي روبرتو فيرمينو، الأول بعد تعرضه لإصابة في الرأس، والثاني في المحالب.

ويجسد الفوز المدوي على الفريق الكاتالوني، الموسم الرائع الذي يخوضه ليفربول الذي يسير نحو تحقيق ثالث أعلى رصيد من النقاط في تاريخ الدوري الانكليزي الممتاز، لكن تتويجه باللقب المحلي الذي يلهث وراءه منذ عام 1990، يقع بين يدي حامل اللقب مانشستر سيتي الذي يحتفظ بالصدارة بفارق نقطة واحدة قبل المرحلة الختامية للموسم.

واختصر صلاح ذهنية زملائه في ليفربول الثلاثاء، اذ جلس في المقصورة في المدرجات مرتديا قميصا قطنيا أسود اللون كتب عليه ما معناه “لا تستسلم أبدا”. وأصر الدولي المصري على إظهار القميص لدى نزوله الى أرض الملعب للاحتفال مع لاعبي ليفربول في نهاية المباراة.

وكشف مدرب ليفربول الألماني يورغن كلوب الذي تلقى إشادات واسعة من المعلقين بعد الانتصار التاريخي لفريقه “قلت للاعبين قبل المباراة +لا أعتقد بأن الأمر ممكن (قلب نتيجة الذهاب)، لكن بوجودكم، أعتقد بأن ذلك ممكن+ لأنهم بالفعل عمالقة من الناحية الذهنية”.

وبلغ ليفربول نهائي المسابقة القارية المتوج بلقبها خمس مرات، للمرة التاسعة في تاريخه والثانية تواليا، ويأمل في تعويض خسارته في نهائي العام الماضي أمام ريال مدريد الإسباني 1-3 بعد ان خسر جهود هدافه صلاح في الشوط الأول من اللقاء. وسيلاقي الفريق الإنكليزي مواطنه توتنهام أو أياكس أمستردام الهولندي في النهائي المقرر على ملعب “واندا متروبوليتانو” الخاص بنادي أتلتيكو مدريد في الأول من حزيران/يونيو.

وقال كلوب “عندما كنا في كييف (العاصمة الأوكرانية التي استضافت نهائي الموسم الماضي)، لم تكن الأمور رائعة، وبعدها كانت الخطة بلوغ مدريد لنحرز اللقب. الآن سنذهب الى هناك بعد ثلاثة أسابيع”.

وتابع “كنا نشعر (بعد خسارة نهائي العام الماضي) بأنه يتعين علينا بلوغ النهائي مجددا، لا يمكن ان ندع الأمور تمر هكذا. أما الآن، فنحن نحظى بفرصة أخرى وسنبذل قصارى جهدنا لاستغلالها. لست واثقا من أن يتكرر هذا الأمر في المستقبل. انه أمر مميز”.

– القلب الكبير في أنفيلد –

ويعتبر اختبار الأمسيات المدهشة جزءا من التركيبة الجينية لليفربول. ففي المرة الأخيرة التي رفع فيها ليفربول الكأس ذات الاذنين الكبيرتين عام 2005، كان ميلان الايطالي يظن بأنه قطع نصف الطريق نحو الظفر باللقب القاري بعدما أنهى الشوط الأول متقدما بثلاثية نظيفة. لكن ليفربول قلب الطاولة على منافسه في الشوط الثاني، وأدرك التعادل ليفرض التمديد الى شوطين إضافيين، قبل أن يفوز بركلات الترجيح.

وبعد نتيجة الثلاثاء، يمكن إضافة اسم النجم الارجنتيني ليونيل ميسي الى ضحايا ليفربول. فالثنائية الذي سجلها الأخير في مباراة الذهاب جعلت الكفة تميل لصالح فريقه بنسبة كبيرة، لكن روحية عدم الاستسلام التي تمتع بها لاعبو ليفربول ضربت التوقعات عرض الحائط، وأقصت فريقا يضم في صفوفه لاعبين سابقين له، هما البرازيلي فيليبي كوتينيو والأوروغوياني لويس سواريز.

وتعملق في المباراة لاعبان لا يحظيان بالأضواء عموما بتسجيل كل من البلجيكي ديفوك أوريجي والهولندي جورجينيو فاينالدوم هدفين، علما بأنهما كانا سجلا مجتمعين هدفا وحيدا في دوري الأبطال سابقا خلال مسيرتهما.

وكان الظهير الأيمن الشاب ترنت-ألكسندر أرنولد (20 عاما)، صاحب التمريرة الحاسمة المخادعة للهدف الرابع، قد تحدث قبل المباراة عن امكانية تألق لاعبين لا يحظون عادة بفرصة للعب بشكل دائم.

وقال “هذه فرصة لبعض الشبان للمشاركة في المباراة وصنع اسم لانفسهم وان يصبحوا أبطالا”، مضيفا “اذا نجحنا في قلب تخلفنا ذهابا وبغض النظر عمن يسجل الأهداف، فإن أسماءهم ستبقى عالقة في الأذهان لأنها ستكون إحدى الأمسيات المدهشة”.

وبالفعل كان أوريجي الذي شارك بدلا من صلاح على الموعد بتسجيله ثنائية، أما فاينالدوم الذي دخل مطلع الشوط الثاني بدلا من الظهير الأيسر الاسكتلندي أندرو روبرتسون، فسجل ثنائية بدوره في ظرف دقيقتين، ليقود فريقه الى فوز مدوٍّ.

وانتشر بشكل كبير على مواقع التواصل شريط مصور للاعبي ليفربول وأفراد الجهاز الفني وهم يحتفلون في نهاية المباراة، عندما اصطفوا في مواجهة أحد مدرجات الملعب، ورددوا مع المشجعين أناشيد النادي.

ولخص كلوب الاجواء في مدرجات الملعب خلال المباراة وبعدها بقوله “هذا النادي يملك قلبا كبيرا، والليلة (الثلاثاء) كان هذا القلب ينبض بجنون، كان بالامكان سماعه والشعور به في مختلف انحاء العالم”.

إغلاق